كشف مصدر عليم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة، أن قرار غلق المؤسسات الاستشفائية الذي مس 20 عيادة خاصة مؤخرا، سيشمل مستقبلا مستشفيات عمومية ومراكز طبية متعددة الخدمات على المستوى الوطني، استنادا لتقرير رفعه فريق تحقيق وزاري مؤخرا حول واقع المستشفيات في جميع مصالحها. ليشارك من جهتهم ”الفايسبوكيون” بنشر صور عن فحوى الحياة العملية لدى ”ملائكة الرحمة” الذين برعوا في نقل المرضى إلى القبور. رفعت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، منذ سنتين، تقريرا مفصلا عن واقع المستشفيات بالجزائر، ونظرا لكون الوضع بها كارثي فإن رئيس اللجنة تحفظ عن كثير من الحقائق التي تضمنها التقرير لمدى خطورتها، ليتم إيداعه بعدها لدى رئيس الجمهورية. لكن التقرير رغم مصداقيته، إلا أن الحالة المزرية للمؤسسات الصحية لاتزال على حالها بالتهاون والغلظة في المعاملة مع المريض وأهله، والمماطلة في تقديم الخدمة الصحية التي باتت ”الوساطة” سيد الموقف فيها، إضافة إلى توفر التجهيزات الطبية الحديثة التي لم تبخل الوزارة الوصية على تخصيص ميزانية معتبرة لها، ورغم ذلك فإن كثيرا من المرضى لا يستفيدون منها بحجة العطل أو عدم وجود كفاءة لاستعمالها.. مراحيض مغلقة في وجه المرضى وساعات طويلة للانتظار أكدت زيارتنا الاستطلاعية الأسبوع الماضي إلى عدد من المصالح الاستشفائية، كمستشفى مصطفى باشا الجامعي، خصوصا الاستعجالية منها، أن الفوضى قائمة والنسبة المرتفعة من المرضى جعلت ساعات الانتظار طويلة للظفر بالعلاج، ليضطر المرضى بمصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية إلى الجلوس أرضا أو الاعتماد على مرافقيهم للوقوف بسبب قلة الكراسي، لكن لاحظنا أن بوادر إعادة التهيئة على مستواها قائمة من خلال الأشغال الجارية بمكتب الشرطة داخل ذات المصلحة، حسب ما تؤكده مصادرنا، بسبب ظاهرة العنف التي خيمت على المستشفى ولم يحتويها أعوان الأمن الموجودين حاليا. لنتساءل عن كيفية قضاء حاجتهم إذا علمنا أن أبواب المراحيض مغلقة في وجوههم.. الحوامل.. رحلة شاقة رفقة الجنين في مستشفياتنا تناقلت الحوامل عناء الخدمة الصحية لهن بين أسوار البيوت، ليكون الفيسبوك فضاء رحب نقل حالتهن بين متاهة المستشفيات، التي جعلت المرأة أشبه بآلة لتفقيص الأولاد، وتضرب عرض الحائط الرعاية النفسية لها وتهيئة الجو قبل وبعد عملية الولادة. فبعد ”قنبلة” مصلحة التوليد بالمستشفى الجامعي لقسنطينة، الذي تتشارك فيه امرأتان أو أكثر سريرا واحدا، ويوضع المواليد الجدد رفقة بعضهم مثنى وثلاث في سريرهم الخاص، أصبح الكشف عن المستور في مصالح التوليد سهلا بحكم أن مستشفى قسنطينة ليس حالة خاصة.. فالوضع نفسه بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة حمدان بختة بمدينة سعيدة، الذي يكلف المرأة المقبلة على الإنجاب على حمل ”السيروم” بيدها والجلوس على الأرض، وسط ضعف التأطير للقابلات ونقص الممرضين والأطباء المتخصصين. لتلقى مصالح التوليد بمستشفى نفيسة حمود بحسين داي ومستشفى القبة بالجزائر العاصمة ضغطا كذلك، لتوافد عدد كبير من النساء إليها من مناطق مختلفة. ويجمع عدد من الأطباء المتخصصين في تصريح ل”الفجر”، أن أغلبيتهن يفدن من مناطق بعيدة رغم أن إمكانية توليدهن متوفرة حسب حالاتهن بالمؤسسات الصحية القريبة من بيوتهن. عمال النظافة يحتاجون إلى تكوين خاص أكدت المسؤولة التجارية لمؤسسة ”ماجي ماد” الخاصة بإنتاج مواد وأجهزة تنظيف المؤسسة الاستشفائية، أن المنظومة الصحية تتوفر على كل الإمكانيات التي تؤهل كل الفضاءات الصحية أن تكون في جو الوقاية والنظافة حسب الشروط المتفق عليها عالميا، لكن نقص الوعي بالطريقة الصحيحة لاستعمال بعض مواد التنظيف من قبل أعوان النظافة تسبب في خلق ظاهرة نقصها بالقطاع الصحي. وقد صرحت المسؤولة التجارية ل”الفجر”، أن مستشفياتنا، على غرار المراكز الصحية، لا تعيش فراغا من ناحية توفر أجهزة ومواد التنظيف، فهناك مواد يجب أن تمزج مع بعضها وبمقدار معين حتى يكون استعمالها فعالا. كما يختلف استعمالها حسب المصلحة الطبية، لتشير ذات المتحدثة ”أن التكوين ليس معقدا ولا يحتاج لمؤهل علمي، بل يكفي توجيه عمال النظافة بالشكل الصحيح في كيفية الاستعمال، ناهيك عن بعض الممرضين الذين يساهمون في عملية التنظيف ويتسببون في نفس المشكل القائم. وفي سؤالنا عن عدم تخصيص دورات تكوينية من قبل المؤسسة لعمال المستشفيات، صرحت المتحدثة أن المؤسسة تواجه عراقيل إدارية في كثير من الأحيان حين تقدم فكرة تكوين أعوان النظافة في المستشفيات العمومية وقالت:”طلبنا أكثر من مرة تنظيم أيام تحسيسية على مستوى الفضاءات الصحية، بتواصلنا مع إداراتها، لكنها لا تقدم لنا تسهيلات، بالتحجج بغياب المدير تارة أو طلب ترخيص معين حتى يتسنى للمؤسسة إنجاز نشاطها”. لتخصص الجزائر ميزانية معتبرة في مجال تطهير المستشفيات له، وإذا تحقق حسن استغلال الإمكانيات الموجودة حاليا لن تقل المستشفيات الجامعية والمراكز الصحية شأنا عن تلك التي نعرفها بالدول الأجنبية المتطورة، حسب ذات المسؤولة. والغريب في الأمر أن كل طرف هو جزء من المؤسسة الاستشفائية أويستفيد من خدمتها يلقي باللوم على الطرف الآخر، لتعيش مرحلة إرهاص منذ أن أعلن وزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف أنه يعتمد على المقالات الصحفية إلى حد كبير لكشف ما يحصل فيها. وتؤكد مصادرنا أن قرار غلق عدد من المستشفيات العمومية، مستقبلا راجع لكونها لا تقدم خدمة لمرضاها وتكتفي بتوجيههم نحو المستشفيات الجامعية أوالعيادات الخاصة بتواطؤ من الأطباء والممرضين.