* الترجمة تفتح آفاقا أخرى للكتاب يلجأ الكثير من الكتاب الجزائريين إلى دور النشر الأجنبية، سواء بحثا عن الشهرة وامتيازات اخرى لا تضمنها دور النشر الجزائرية. ومع التهميش الممارس من طرف الناشرين الجزائريين، يجد المبدع الجزائري نفسه مجبرا على البحث عن ناشر أجنبي يقدر جهده ويضمن له توزيعا وانتشارا في الخارج، وهو ما يحصل مع الكتاب الذين يبدعون باللغة الفرنسية في صورة بوعلام صنصال، ياسمينة خضرة، كمال داود وغيرهم. في حين يتجه البعض إلى دور النشر العربية مثل واسيني الأعرج، الحبيب السايح، سمير قسيمي وآخرون. ”كولونيل الزبربر” للحبيب السايح عن دار ”الساقي” للنشر يعود الروائي الجزائري الحبيب السايح هذه السنة برواية جديدة بعنوان ”كولونيل الزبربر” واختار دار”الساقي”. وتعالج الرواية ظروف استشهاد مجموعة من الأشخاص الذين ناضلوا في سبيل استقلال الجزائر، وهي ظروف غامضة ومبهمة، حيث ألقى الحبيب السائح الضوء على طريقة استشهاد مجموعة من الأبطال الجزائريين الذين قاوموا المستعمر الفرنسي، مثل الشهيد عميروش، سي الحواس، مصطفى بن بولعيد وعيسات إيدير والعربي بن مهيدي وغيرهم. كما تطرقت الرواية إلى قضية الأجانب الذين ساهموا في الثورة الجزائرية، بينما كانوا إلى جانب قوات المستعمر الفرنسي ولكنهم انقلبوا لينضموا لصفوف جبهة التحرير الوطني. وتتطرق الرواية إلى قصة طاوس الحضري، تلك الفتاة في الرابعة والثلاثين من عمرها، تكتشف حياة جدها مولاي الحضري والضابط السابق في صفوف جيش التحرير الوطني الجزائري خلال حرب التحرير، والذي كان قد غادر الحياة السياسية بعد الاستقلال، احتجاجا على إعدام أصغر ضابط برتبة عقيد في صفوف جيش التحرير وهو العقيد شعباني بتهمة الخيانة، وهي القضية المعروفة في الجزائر والتي مازالت تثير الجدل حتى هذا الوقت. وتحمل رواية ”كولونيل الزبربر” نوعا من الجرأة التاريخية نظرا لتطرقها لمواضيع حساسة مرتبطة بتاريخ حرب التحرير، وبعض الأحداث التي كانت سائدة آنذاك، ما سيجعلها تشكل نوعا من اللغط عند نزولها للمكتبات في الجزائر. واسيني الأعرج من بوابة ”دار الآداب” للنشر صاحب جائزة كتارا للرواية العربية عاد هذه السنة برواية جديدة بعنوان ”العربي الأخير.. 2084”، والتي نشرت عن ”دار الآداب” اللبنانية، وتناول فيها متنبئا الأوضاع العربية من راهنها إلى غاية 50 سنة القادمة. وأفاد واسيني الأعرج، خلال تصريحاته لوسائل الإعلام، أن العمل لم يكن هينا على اعتباره يعرج على أهم المحطات والأحداث التي مرّ وسيمر بها العالم العربي في غضون 50 سنة، من التفكك والاضمحلال الذي ستشهد أيضا اختفاء البعض منها. الرواية جاءت منبثقة من ألم النفس وصرخة داخلية للكاتب ضدّ كل ما يحدث اليوم من تغيرات وتبلورات للأحداث السلبية في العالم العربي، منوها على موقعه الالكتروني أن العمل بعيد كل البعد عن التشاؤم. ”أوتيل تركي” عن دار ”ورد” الأردنية وصدرت عن دار ”ورد” الأردنية للنشر، أول رواية للكاتب الجزائري رفيق جلول. وتتلخص رواية ”أوتيل تركي” في المجتمع الوهراني المتناقض المحافظ وغير المحافظ، بطلها بومدين يسعد الروائي والشاعر الذي يتعرف على ”ستلا” المغنية اللبنانية المتحررة ويقع في حبها وتكون بينهما علاقة حميمية معبرة عن واقع اجتماعي عربي بائس، حيث يفرض الرقابة على الحب والمرأة. ثم تختفي ستلا النعمان فجأة وتبقى شخصية غامضة بالنسبة لبومدين، كما تحكي الرواية قصة الهواري سمعون الذي في الأصل ينتمي إلى عائلة يهودية مشتتة بقيت خفية منذ طرد اليهود من الجزائر. تتمثل حياة الهواري سمعون وعائلته في حياة مجتمع فقير بائس يعبر فيه عن البطالة والهجرة وتناول الشاب للقنب الهندي، واغتيال أخيه فتحي من قبل عصابة إلى سجنه ظلما بعدما كان عامل خدمات في الأوتيل. دار العين المصرية تجدد اهتمامها بالكتاب الجزائري دار ”العين” المصرية التي دأبت على الحضور في الصالون الدولي للكتاب، وتفتح الباب كل مرة أمام الكتاب الجزائريين، لم تبخل هذه السنة كذلك، حيث قررت نشر العديد من الكتب الجزائرية في مقدمتها المجموعة القصصية ”كفن للموت” لعبد الرزاق بوكبة، وتضم المجموعة القصصية ”كفن للموت” لعبد الرزاق بوكبة خمسة عشر نصا قصصيا تشترك كلها في ثيمة واحدة هي الموت، وفي نفس الشخوص، خاصة الزبير بن نجمة وسارة الأشهب، حيث يمكن للقارئ أن يقرأ كل نص منفردًا، كما يمكنه أن يقرأ المجموعة كاملة بما يوحي أنها رواية. حملت النصوص عناوين بكلمة واحدة: الهاتف، الزجاجة، الأرجوحة، الرصاصة، الستار، واشتغلت على تحولات هذه الأشياء وهي تهرب من الموت وتنتصر للحياة، في زمن جزائري خارج من عشرية مدمرة، كان الموت فيها وجبة يومية على يد الإرهاب الأعمى، غير أنها لا تشير إلى هذا الواقع تحديدًا، بل تعاطت مع الموت باعتباره موضوعة وجودية. من جهتها اختارت لميس السعيدي دار العين لإصدار كتابها ”غرفة 102”، وجاء الكتاب تحت عنوان ”الغرفة 102”، وهي الغرفة التي أقام فيها الأستاذ محمد سعيدي والد المؤلفة في آخر أيامه. ويعتبر الدكتور محمد سعيدي الذي اشتغل محافظا لجبهة التحرير الوطني وسفيرا للجزائر واحدا من أهم المثقفين الجزائريين البارزين الذين نشطوا الساحة الثقافية والفكرية منذ السبعينيات. الكتاب يقع في 104 صفحات، ومما جاء فيه:”ها قد عرفتَ الآن يا أبي، وقد اختبرت ذلك بنفسك، أن الكتابة هي المقبرة، حيث لا يسكنها سوى الموتى ولا يمرّ منها سوى الحزانى والورود التي لا يخفق قلب أحد عند رؤيتها. وأن الموت هو أن تتحوّل الكلمة لتصبح عصيّة على التداول والفهم، كسماء بلا آلهة وأرض بلا موتى، أوكفراشة تنفض عن جناحيها الغبار لتحلّق عاليا. ها قد فهمت الآن بأن الشِعر هو الموت وأن الموت هو الشِعر. ولهذا السبب تحديدا، كنتَ تتقدّم بشغف نحو تلك النقطة الغامضة، والتي من شدّة سحرها، يتوقف عندها القلب”. ”جنوب الملح” لميلود إيبرير عن دار ”الجديد” اللبنانية صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، رواية ”جنوب الملح” للكاتب الشاب ميلود يبرير، عن دار البرزخ للنشر في الجزائر ودار الجديد بلبنان، وهو العمل المتوج بأحد جوائز الشارقة للإبداع في فرع الرواية. وتنتظم الرواية في 14 فصلا، يسرد البطل مصباح، المصور الفوتوغرافي المتمرن في استوديو خاله قويدر الواقع في مدينة الجلفة، جنوبالجزائر، قصص ثلاثة أجيال من الرجال والنساء الذين شهدوا ما عاشته وتعيشه الجزائر من تقلّبات وتوترات أهلية ومن أفراح أحيانا. آثار التعذيب التي وثّقها في صوره الأولى، والتي كانت مادة أول معرض له أقيم في سيدي بوسعيد بتونس، وعرف الجمهور بأعماله بادية على جسد جهيدة، حبيبته الأولى وزوجة لطفي الذي عته من جراء ما عاناه من اعتقال وتعذيب بسبب آرائه السياسية. مريم، حبيبة الراوي وزوجته، وأم حكمه، ابنتهما، تقول وهي الباحثة عن العلاقة بين الصمت والموسيقى إن ”الكلام يقصر العمر”، أما هو صاحب العين اليقظة فيتمرن على العمى. بدعابة وحنان تارة وبنفحة إنسانية مؤثرة تنسج رواية ”جنوب الملح” شرنقتها حول قارئ يتواطأ مع راو يرى ما يريد من قسوة الواقع ومن كرم الحب والحظ. سمير قسيمي يصدر رواية ”تسعون” عن دار ”روافد” المصرية الروائي الجزائري سمير قسيمي، بعد تعاونه لمدة طويلة شملت تقريبا كل إصداراته مع دار الاختلاف الجزائرية وضفاف اللبنانية وقبلها الدار العربية للعلوم ناشرون، اختار هذه السنة العودة برواية أخرى ولكن ليس من بوابة نفس دار النشر، حيث أصدار روايته الأخيرة الموسومة ب”تسعون” في دار ”روافد” المصرية. ”الليلة الأخيرة للرايس” في دار ”جوليار” الفرنسية في روايته الأخيرة ”لا ديرنيار نوي دو ريس” دخل الروائي الجزائري المقيم في فرنسا ياسمينة خضرا الدخول الأدبي الفرنسي بقوة عبر بوابة دار ”جوليار” الفرنسية للنشر. ويروي الكتاب الساعات الأخيرة للزعيم الليبي من وجهة نظر القذافي نفسه، وهو شخصية فريدة ومتناقضة ومرعبة. توارى ياسمينة خضرا وراء شخصية الزعيم الليبي، فالقارئ يقرأ كلمات خضرا لكنه يسمع صوت القذافي، ويؤكد الروائي ”كتبت الرواية وأنا في حالة انصهار”. ويقول الكاتب إنه: ”غاص بالكامل في كتابه المتخيل هذا، كما لو أن الشخصية سكنته، لقد خطفني سردي للراوية”. والكتاب أشبه بتراجيديا كلاسيكية، فقاعدة الوحدات الثلاث، أي الزمان والمكان والحركة محترمة بالكامل، حيث تدور الأحداث كلها في سرت ليلة 19 و20 أكتوبر 2011. ويضيف الكاتب الجزائري أنه شعر بتأثيرات جانبية جسدية محضة خلال الكتابة قائلا:”كنت فعلاً القذافي”. ويقول خضرا الذي عاد للحظة ليتقمص شخصية القذافي ويستخدم صيغة المتكلم بدلاً من الزعيم الليبي: ”صدمت بما كان يقوله الناس من حولي، كنت مغتاظاً من فظاظتهم وتمردهم”. بوعلام صنصال بقوة في الدخول الأدبي الفرنسي اختار الروائي الجزائري المقيم في فرنسا بوعلام صنصال، دار النشر ”غالميار” المعروفة على الساحة الفرنسية لإصدار روايته ”2084”، ويقدم صنصال ضمن روايته دراسة تحليلية يستشرف من خلالها مستقبل العالم خلال ال50 سنة القادمة، حيث يؤكد دور العولمة في بسط سلطة الإسلام في العام بما فيه أوروبا، ويصل الإسلام إلى قمة السلطة في 2084، وهي الفكرة التي يستوحيها صنصال عن رواية ”1984” للكاتب جورج أروال، حيث يرى صلصال ضمن مؤلفه أن العالم سيكون محكوما بما يسمى بالعولمة الإسلامية، وهي السلطة التي يرى صلصال أنها ستمحو كل الثقافات من طريقها. ويستند صلصال في تحليله على ما يسميه ”هيمنة الإسلام” على اعتبار أنه يستند إلى منطق المرونة وتماشي الإسلام مع كل زمان، على اعتبار أنه دين لا يموت.