تبدي السلطات العمومية ”ليونة” في التعاطي مع إشكالية من يلقبون بالأقدام السوداء مع عودتهم رسميا عشية الاحتفالات المخلدة لعيدة الثورة، في حين تبقى نقاط الاستفهام حول الحديث عن استرجاع ”الإرث المسموم”. ويقدم رد الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، حول رغبة الأقدام السوداء في العودة إلى الجزائر، الذي اعتبره ”قرارا سياديا للحكومة وهي تعرف كيف تدرس هذا الملف”، انطباعا مفاده أن القضية طويت في مسألة عودة هؤلاء، خصوصا وأن الرأي العام كان ينتظر من الحزب العتيد موقف حازما، يغطي على تراجع مواقفه التاريخية من المطالبة بالاعتذار على الماضي الاستعماري. وبعودتهم هذه المرة ليس عبر وفود سياحية أو ضمن وفود وزراء فرنسيين، تطرح تساؤلات إن كان هناك اتفاق بين البلدين على إعادة النظر في طلب الأقدام السوداء بالحصول على الجنسية الجزائرية حسب ما كشف عنهمحامي الفرنسي، جاك كافانا، وهو من مواليد 1945 بالأبيار في الجزائر العاصمة. ويدفع هذا ”الانفتاح” إلى التذكير باختيار السلطات الفرنسية والجزائرية منهجا سياسيا توافقيا لحل الملف الشائك في ما يتعلق بما يرونه ممتلكاتهم من المعمرين الفرنسيين الذين غادروا الجزائر ويطالبون بتعويضات، فقد اعترف وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، مؤخرا، بوجود مشكلة إدارية وعقارية عالقة بين الجزائر وباريس ”يتعين حلّها من طرف السلطات الجزائرية”، فهل استجابت فعلا الجزائر تحت الضغوط الفرنسية، وستكون عودة هؤلاء إلى الجزائر مقترنة باستعادة ”ممتلكاتهم”، فالمعطيات تكشف بتسجيل أكثر من 80 قضية رفعها الأقدام السوداء لاستنزاف أراضي الجزائريين. وحسب المتابعين فإنه من غير المستبعد أن فرنسا تستخدم ورقة الأقدام السوداء كورقة سياسية للضغط على الجزائر، فقد كشفت وزارة الدفاع الفرنسية قبل أسابيع، أن ذات الأفراد وذوي حقوقهم والأقدام السوداء، استفادوا من مزايا مالية تجلت باستقبالهم في فرنسا وأداء ديونهم وتقديم تعويضات لهم عن الممتلكات التي تركوها وراءهم، زيادة على مساعدات مالية وجهت نحوهم لتسهيل عيشهم تناهز 40 مليار أورو، ما يطرح التساؤل حول أسباب مرافعة الأقدام السوداء في كل مناسبة لصالح استعادة ما يسمى ”الإرث المسموم”، علما أن اتفاقية إيفيان نصت عشية استقلال الجزائر على أن للفرنسيين والأوروبيين بصفة عامة الاختيار في غضون ثلاث سنوات، بين نيل الجنسية الجزائرية أو الاحتفاظ بجنسيتهم الفرنسية واعتبارهم أجانب، وقامت الحكومة في قرار صدر في 21 ماي 1968، بتأميم ممتلكات الأقدام السوداء الذين غادروا الجزائر واعتبرتها ملكا للدولة.