تستقبل العائلات السطايفية، بداية من الفاتح من مارس من كل سنة، فصل الربيع الذي تتفتح فيه الأزهار وتزهو به المنتزهات بالورود والأزهار من مختلف الأنواع والاشكال، أين تخرج العائلات مع أبنائها للحقول والفضاءات الخضراء احتفالا بهذه المناسبة في جو تغمره سعادة وفرح لا ينتهيان. تتجلى مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة التي تحييها العائلات من كل سنة، والتي توارثها سكان المنطقة أبا عن جد منذ أزمنة قديمة، في عدة مظاهر بداية بتزيين واجهات محلات المواد الغذائية بمختلف بلديات ومدن الولاية، خلال الأيام الأخيرة من شهر فيفري إلى غاية الفاتح من مارس ب”قفف الربيع” كما يسميها أهل المنطقة، وهي قفف ذات شكل مختلف عن باقي القفف لا تجدها إلا في مثل هذه المناسبات، تتزين بالحلويات ذات الأشكال والأنواع المختلفة وبعضها لا يصنع إلا إحياء لقدوم فصل الربيع. غير أن الشيء الملفت للانتباه هذه السنة هو تغير القفف التي أصبحت تحمل صور نجوم الفريق الوطني بدل رسومات أخرى. وغالبا ما يجلب هذا الديكور المتميز الذي يضفي على المناسبة حلة خاصة جدا فضول العائلات التي تسارع إلى اقتناء هذه القفف وتلك الحلويات بشتى أنواعها، كما تقوم بإعداد أطباق مختلفة، على غرار ”ڤرصة الربيع” التي تتفنن أيادي السطايفيات في صنعها وتأخذ أشكالا هندسية متنوعة حسب عادات وتقاليد المنطقة. وحسب رواية بعض النسوة اللائي التقت بهن”الفجر”، فڤرصة الربيع تحضر بمادة الدقيق والبيض، ولا تخلو قفف الأطفال من أهم وأشهر أنواع الأكلات التقليدية التي يتم إعدادها خصيصا لهذه المناسبة، وهي ”المبرجة” وتصنع عادة من مادة ”الغرس” وهو معجون التمر المعروف محليا. وإلى جانب ڤرصة الربيع والمبرجة، بالإضافة إلى ”الرفيس” الذي يعد مزيجا من الدقيق والتمر والزبدة، ويتم تناول هذه الأكلة التقليدية مع كوب من اللبن الأصيل، ما يزيد من نكهتها وحلاوتها. وبهدف معرفة تاريخ إحياء هذه المناسبة، اقتربنا من بعض كبار المنطقة الذين أكدوا لنا أن المناسبة قديمة جدا وضاربة في جذور تاريخ المجتمع الشعب الجزائري، الذين عرفوا هذه الاحتفالات منذ صغرهم وورثوها عن أجدادهم. كما أكد لنا البعض أن يوم الاحتفال بقدوم الربيع يختلف من قرية إلى أخرى، غير أنها لا تتعدى في مجملها أواخر فيفري وأول مارس. كما تختلف مظاهر الاحتفال من منطقة إلى أخرى، فمثلا بمدينتي عين أزال وعين ولمان بجنوب الولاية تخلف احتفالاتها بالربيع عن القرى الواقعة بالشمال أي بمنطقة القبائل، على غرار ڤنزات، حربيل وبوڤاعة .