أجمعت الطبقة السياسية، موالاة أو المعارضة، على خطورة الوضع الأمني في البلاد وانعكاساته السلبية على الوضع السياسي العام والديناميكية الاقتصادية، حيث ضبط الطرفان عقارب التحركات على الوضع الأمني، وذلك من خلال المؤتمر الثاني للمعارضة المنتظر تنظيمها في الأيام القيلة القادمة، أو مبادرة الأمين العام للأفالان عمار سعداني. لقد دفعت الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد العملية النوعية التي نفدها الجيش الوطني الشعبي بالوادي، الأحزاب السياسية سواء الموالية للسلطة أو المحسوبة على المعارضة، إلى تغيير خطاباتها والابتعاد عن الصراعات التي من شأنها أن تأزيم الوضع أكثر. فبعد أن وصف وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، أول أمس، الوضع الأمني بالاستثنائي، بالنظر إلى ما يحدث على حدود البلاد، مذكرا بالعملية النوعية التي قامت بها وحدات الجيش الوطني الشعبي بالوادي، دعا الأمين العام للأفالان، عمار سعداني، المعارضة إلى الابتعاد عن اجتماعات الفنادق والتنافس على الكرسي، قائلا أن للأحزاب دورا في التجنيد وقول الحقيقة للمواطنين والمساهمة في حماية البلاد، قبل أن يضيف أنه حذر قبل ستة أو سبعة أشهر من المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر، واليوم فإن ”داعش” على الحدود. وفي ذات السياق، ابرز رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، ببسكرة، أن التحديات الكبرى التي تواجهها البلاد قد وضعها حزبه في قلب مشروعه السياسي المعروض على الشعب لإصدار حكمه له أو عليه، وقال أن حزبه يدرك إدراكا كاملا أن له تجاههم واجب قول الحقيقة، وهذا الواجب يملي عليه الاعتراف لهم بأن أوضاع البلد خطيرة، وتقويمها ليس بالأمر المستحيل بالنسبة لشعب بعظمة الشعب الجزائري. من جهته، دعا رئيس تجمع أمل الجزائر، عمار غول، في تجمع شعبي بالعاصمة، نشطه في نفس اليوم، إلى عمل مشترك بين قوى الموالاة والمعارضة للتكفل بالانشغالات الراهنة والتحديات الكبرى التي تتربص بالجزائر، وفي مقدمتها التهديدات الأمنية بالنظر للوضع الخطير الذي تعيشه المنطقة والتصعيد الإرهابي في الوقت الراهن، معتبرا أن محاولة إدخال صواريخ ”ستينغر” للجزائر بيان على أن أعداء الجزائر يعملون بجدية من أجل تفكيك وزعزعة استقرار بلدنا، لكن ذلك أمر بعيد المآل. من جانبه، دعا الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، خلال افتتاحه للدورة العادية التاسعة للمجلس الوطني لحركته بالعاصمة، الطبقة السياسية إلى ضرورة توحيد الصف في إطار إجماع وطني من أجل المحافظة على أمن واستقرار الجزائر، وأوضح أن المرحلة الحالية التي وصفها بالخطيرة تستوجب من الأحزاب السياسية باختلاف تياراتها تشكيل إجماع وطني، من شأنه المحافظة على الأمن والاستقرار الوطنيين، وناشد التشكيلات السياسية بضرورة إدراك حجم المخاطر الأمنية التي تهدد الحدود، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في دول الجوار على غرار ليبيا وتونس ومالي. وفي هذا الصدد، قال المكلف بالإعلام في الافالان، حسين خلدون، في تصريح ل”الفجر” أن الوضع الأمني في البلاد خطير جدا، مبرزا الدور الذي يمكن أن تلعبه المعارضة من أجل حماية البلاد من الانزلاق والانفلات، واكد أن الوضع الذي تمر به الجزائر صعب جدا، وان الطبقة السياسية مطالبة بوضع اليد في اليد من أجل تجاوز الصعوبات والمخاطر، لأن كل طرف سواء في السلطة أو المعارضة له ما يقدمه لخدمة الشأن العام، مشيرا إلى أن الاختلاف رحمة لكن الوضع الأمني يعد أولوية في الوقت الراهن. بالمقابل، أكد الناطق الرسمي لحركة حمس، بن عجايمية أبو عبد الله، في اتصال هاتفي ل”الفجر”، أنه ليس من التناقض أن تتوافق السلطة والمعارضة حول الخطر الأمني الذي يهدد أمن واستقرار البلاد، لأن ”داعش” فعلا موجود على الحدود، ولابد أن تتجند كل القوى الحية في المجتمع من أجل حماية البلاد من هذا الخطر، غير أن خطاب السلطة حسبه، لا يرقى إلى المستوى الذي يتطلبه الوضع الحالي، مؤكدا أن المعارضة لها رؤية ومشروع لإخراج البلاد من الأزمة، وأنها ضد كل ما يهدد امن واستقرار البلاد، كما أنها تدعم الجيش الوطني الشعبي وتشد على يده من أجل حماية الحدود والأمن القومي، مضيفا أن المعارضة مستعدة للجلوس على طاولة الحوار مع السلطة للوصول إلى حل مشترك لأن الوضع الأمني والاقتصادي صعب جدا.