كان برنامج اليوم الأول للمهرجان السنوي الذي تقيمه المعارضة الإيرانية في الخارج بقيادة مريم رجوي والذي احتضنته بورجيه في الضاحية الباريسية، غنيا جدا سواء من حيث التنظيم أو من حيث الوفود الحاضرة والتي تداولت على المنصة للمداخلة والدعوة للإطاحة بالنظام الإيراني التي تقول رئيسة منظمة مجاهدي خلق أنه سرق ثورتهم ويقمع الشعب الإيراني في الداخل منذ قرابة الأربعين سنة. واللافت للانتباه أن الوفد الأمريكي كان الأهم في هذا اللقاء ومثله مسؤولون ونواب وجنرالات سابقون في الجيش. لكن الذي صنع الحدث في اللقاء يبقى الأمير تركي الفيصل السفير الأسبق للمملكة بواشنطن والمدير السابق للمخابرات السعودية، والذي أول ما استهل به مداخلته، شكره لرئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي على توجيهه دعوة له لحضور مهرجان المعارضة الإيرانية بباريس، ما يطرح تساؤلات، هل يلعب غزالي وساطة ما بين المملكة والمعارضة الإيرانية، خاصة وأنه أدار مداخلات الوفود العربية على منصة الحديث موجها انتقادات لاذعة لنظام الملالي في إيران. وبينما طالبت مريم رجوي المجتمع الدولي مقاطعة الشركات الغربية لإيران منتقدة الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الغرب وأدى إلى رفع العقوبات قائلة ”إن الإيرانيين لم يستفيدوا شيئا من هذا الاتفاق”، ذهب متدخلون آخرون ومنهم ”مانوال باروزو” رئيس الاتحاد الأوربي السابق و”كانديك بارغن” عضو مجلس العموم الكندي وآخرون إلى انتقاد النظام الإيراني على أنه ما زال يسعى لامتلاك السلاح النووي ويهدد بذلك أمن اسرائيل! نعم دافع الكنديون والأمريكيون عن أمن اسرائيل وما يشكله النظام الإيراني من تهديد لها، أمام مرأى ومسمع الوفد الفلسطيني الذي حضر اللقاء ووقع أعضاؤه على بيان يدين نظام ولاية الفقيه ويطالبون بإسقاطه رافضين تدخل إيران في الأزمات التي حلت بالمنطقة والتي حمّل فلسطينيون وسوريون وأردنيون مسؤوليتها إلى إيران، بما فيها اتهامها بخلقها داعش، وقالوا أن سقوط النظام الإيراني سيضع حدا لداعش، مع أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة ومرشحة الرئاسيات المقبلة هيلاري كلينتون كشفت كذا مرة عن دور أمريكا في تشكيل القاعدة واستعمال الدين في حروبها ضد السوفيات ووضع حد للمد الشيوعي. حتى الوفد السوري الذي تقول المعارضة الإيرانية أنها والمعارضة السورية في نفس الخندق، لم يحظ بالاهتمام الذي حظيت به الوفود الأمريكية والأوروبية التي كانت لها حصة الأسد من المداخلات، وإن كان الحاضرون كلهم يحملون صفة ”سابقين” إلا أن السؤال الذي يطرح هو: ما سر اهتمام أمريكا بهذه الصورة بالمعارضة الإيرانية في الوقت الراهن، وماذا تحضر لإيران؟ وهل كان الاتفاق النووي مجرد خديعة لتلهية إيران عما يخطط لها؟ علما أن الأمريكيين سواء كانوا مسؤولين سابقين أو ناشطين، جمهوريين أو ديمقراطيين يعملون كلهم لنفس الهدف، فأمريكا تضع بيضها في كل السلال، والمعارضة الإيرانية تطمع في أن تقف أمريكا معها موقفها مع المعارضة العراقية وإيصالها إلى الحكم على ظهر دبابة. ثم في ماذا يختلف نظام الملالي التيوقراطي عن النظام السعودي؟ وهل كان الأمير تركي الفيصل الذي أشاد طويلا بالحضارة الإيرانية وبدور سلمان الفارسي في نشر الإسلام جادا في وعوده لمريم رجوي بدعمها في نضالها ضد الملالي؟ يدعم امرأة للوصول إلى الحكم، بينما تعاني السعوديات من كل أشكال القمع؟ أليست المملكة دولة تيوقراطية أشد قمعا للحريات من نظام إيران؟ أم أن المعارضة الإيرانية تطبق مبدأ عدو العدو صديق، وما دام عدو العدو يمتلك دفتر شيكات سخي فلتذهب الحريات إلى الجحيم؟ ملاحظة: المعارضة الإيرانية رفعت شعار ”الربيع العربي، نريد إسقاط النظام”!