ما إن انشغل أردوغان بمشاكله الداخلية، حتى بدأت الأوضاع تهدأ في سوريا، ويتمكن الجيش السوري بمساعدة روسيا من تحرير حلب، وخروج سكانها إلى الشوارع فارحين بدحر فلول الإرهاب، ومع ذلك ما زال المتأخونون في الجزائر يرون في أردوغان الديمقراطي الذي يجب أن يستنسخ العالم الإسلامي نسخا منه، ويصمتون عن كل تجاوزات الرجل المنافية للديمقراطية، من غلق لوسائل الإعلام وسجن للصحفيين وتعذيب للمتهمين بالضلوع في الانقلاب، حتى الجيش صفى صفوفه وأغلق الجامعات وأخرج آلاف الموظفين والقضاة والجنود، لتضاف إلى قائمة المقصيين من الحياة المهنية والسياسية ليأكلوا الحجر. فمن قام بالانقلاب إذا؟ وقد أثبتت كل تصرفات الرجل وكل القراءات السياسية لما بعد الانقلاب الفاشل أن الرجل هو الذي قام بالانقلاب على المبادئ الديمقراطية والعلمانية التي أوصلته إلى الحكم وليس فقط على من ساندوه مثل فتح الله غولن، الذي دعم وصول هذا الإسلامي إلى السلطة ظنا منه أنه سيكتفي بترميم المبادئ الإسلامية السمحاء، فإذا به يضع البلاد ومؤسساتها في خدمته وأسرته الضالعة في الفساد! لأعد إلى تحرير حلب، وإلى ما يقوم به الجيش العراقي من جهته في دحر داعش وتحقيق انتصارات عليها في هذه الصائفة، وهي الانتصارات التي جعلت أحد مراسلي الجزيرة يبكي على المباشر، وهو يرى سوريا الأسد تنتصر على داعش وعلى جبهة النصرة، الذراع المسلح لقناة الجزيرة، التي ما زالت تروج للنصرة على أنها معارضة، وأنها تقاتل من أجل الحرية، وتبرر بذلك كل المجازر المقترفة من قطع للرؤوس وبيع للسبايا في أسواق الرق الموروثة عن التراث الظلامي. لكن ماذا عن التقارب بين أردوغان وبوتين الذي سيلتقي به بعد أيام في موسكو، فهل سينجح هذا الأخير في إقناعه عن وقف إرسال الدواعش إلى سوريا والعراق، وأن يتخلى عن حلمه في ضم الموصل وحلب إلى تركيا؟ وماذا عن أسواق النفط المنهوبة من قبل فلول داعش، والتي يسوقها نجل أردوغان إلى أسواق الغرب مقابل نصيب من مداخيلها التي جعلت بورصة النفط تتهاوى؟ وماذا عن البنوك التركية التي تأوي حسابات داعش وأموالها وعن قوافل السلاح والتموين التي ما زالت تمر عبر تركيا إلى أرض الخراب التي استباحها الديمقراطي أردوغان، مثل الإخوان الأعلى؟ كلها أسئلة تبقى معلقة، لكنها مصيرية بالنسبة لمستقبل الأزمة الدائرة في المنطقة العربية التي تآمر أردوغان عليها لسنوات؟