صدرت عن دار "سمر" مجموعة قصصية بعنوان "الأرواح الحساسة" للكاتبة الشابة صبرينة بوعبلة، جمعت فيه مجموعة قصص صغيرة لكنها، قبل أن تكون قصصا، هي حياة، حياة من حولنا، من نراهم بصفة سطحية، أومن لا نراهم البتة مع أننا نكلمهم يوميا، من لا نعرفهم رغم عيشهم معنا وحولنا، من لا نتحسس لمشاعرهم ولا نعطيهم قيمة رغم خيرهم علينا، من كان يجب أن نفكر في سعادتهم قبل التفكير في قهرهم، في نموهم قبل دفن حياتهم ونفحات روحهم. لكنها الأنانية، أنانيتنا، التي تجعلنا لا نفكر إلا في تجميل مظاهرنا دون الغوص في آهاتهم، وحولتنا إلى أدوات للحكم السريع على الآخر والخضوع للمظاهر والفظاظة اللفظية والتعدي على الآخر بالنظرة القاسية. صابرينة بوعبلة تشرح في هذه المجموعة القصصية ما جرح حساسيتها في مجتمعنا وما خدش عواطفها كإنسانة وفنانة وشابة. لكن صابرينة لا تحمل تشاؤما للحياة، بل تمدنا دوما بعصا الأمل في الإنسانية لنتشبث فيها ولا نغرق أكثر... إنها تصور حقيقة مجتمعنا ببساطة مؤلمة عبر الطاهر الذي رماه ابنه في دار العجزة، و"يمينة" التي أراد أخيها قمع طموحها للدراسة والحياة، والشاب "الأسود" الذي يجتنبه الآخرون لمجرد لون بشرته، وآخر ظن أن حياته انتهت لأنه ابن غير شرعي، والأب الذي لا يعرف حتى ابنه الصغير القريب منه ويقرأ الجريدة التي تحمل له أخبار بعيدة عنه بأكثر تمعن.