رغم حساسية هذه المرحلة وضرورة توفر كافة العوامل والظروف المساعدة لنجاح عملية الولادة، تجد نساء جزائريات أنفسهن في دوامة من القلق والتعب الناتجين عن الوضعية السيئة التي يتم بها إنجابهن للمولود الجديد، بسبب النقائص والتقاعس والفوضى التي تعم مصالح التوليد في أغلب مستشفيات العاصمة. وبين الاكتظاظ، سوء المعاملة، وغياب أدنى شروط النظافة والأمن، تقضي المرأة الحامل 24 ساعة في جحيم تحت مسمى "مصلحة التوليد والأمومة". بمجرد دخولك إلى المستشفيات المختصة في التوليد بالجزائر، تفهم الكثير من الحقائق والكوارث التي يعيشها المرضى هناك، من غياب تام للمعنى الحقيقي للأمن، سوء معاملة واستهتار بالوضعية الصحية للأمهات، غياب مقلق للنظافة، وما خفي أعظم.. وهو ما كشفت عنه زيارتنا الميدانية التي قادتنا إلى مصلحتين، تمكنا من خلالها من ولوج غرفها الأكثر خصوصية، من خلال تواجدنا بالمصلحة لمدة دامت أكثر من 24 ساعة عايشنا من خلالها معاناة أمهات تنتظرن بفارغ الصبر انقضاء فترة مكوثهن بالمصلحة ليغادرن إلى بيوتهن بعد قضائهن لتجربة هي الأكثر قسوة ورعبا، حسبما أكدت لنا أغلبهن. البداية كانت في مصلحة الاستعجالات لمستشفى حسن بادي، "بلفور" سابقا، وهو القسم الأكثر حيوية في المستشفى. نساء تتوافدن من كل البلديات المجاورة حاملات لجنين يبدو أن الوقت قد حان ليخرج إلى الحياة.. صراخ وأنين وقلق يشوب وجوه الأزواج والأمهات المرافقين. ومقابل كل هذا أطباء قلة موزعين على 3 غرف فحص، يعاينون الوضع العام، يفحصون دقات قلب الجنين، ثم تحول الأم إلى الطابق العلوي إذا ثبت هلال ولادتها القريبة. وهنا تبدأ رحلة مجهولة تنطلق فور النزول من المصعد في الطابق الثالث الذي يؤدي مباشرة إلى قاعات الولادة.
غرفة توليد أم مشرحة..؟ تنتظر النساء في الغرف المقابلة لقاعات الولادة وصول دورهن في قلق وخوف غير مسبوق يغذيه صوت الصراخ والأنين تارة، وبكاء طفل حين خروجه للحياة تارة أخرى. لتبقى الأمهات الموشكات على الولادة في دوامة من الألم والرهبة لا ينهيها سوى صوت القابلة وهي تطلب الكشف عنها. لتحدث الصدمة الكبرى بدخول قاعات الولادة، طاولات أغلبها مكسورة لا تتيح الجلوس ولا التمدد عليها، دماء وأوساخ وبقايا فضلات تكسوها، أكياس مليئة بالأوساخ تملأ المكان. والأدهى من ذلك نساء أخريات تلدن في قاعة واحدة دون وجود حائل أوعازل يمنحهن بعض الخصوصية، ما يزيد من الارتباك والقلق. تأتي ساعة الحسم وتبدأ الولادة، ووسط صراخ وشتائم تقشعر لها الأبدان تستسلم الأمهات أخيرا إلى مصيرهن على يد القابلات اللاتي لا تجيد أغلبهن التعامل مع هذه الأوضاع الصعبة، ودون استعمال أي نوع من أنواع التخدير المتعارف عليها في كل المصالح المختصة في التوليد، تتفنن المتربصات - المفتقرات للخبرة - في تعذيب النساء، لتتحول ولادتهن إلى درس تطبيقي يشرح من خلاله الدرس وتصحح الاخطاء. وفي السياق ذاته كان لنا حديث مع الكثير من السيدات اللاتي كشفن عن تعرضهن لأخطاء طبية جسيمة كادت تودي بحياتهن، على غرار نسيان بعض الأدوات، عدم إتقان الخياطة، والكثير من التجاوزات التي تحدث سهوا في ظل غياب الكفاءة اللازمة.
معاملة سيئة لا تليق بسجناء كثيرا ما نسمع عن المعاملة السيئة التي تطال النساء أثناء الولادة. وبالرغم من كون هذه المرحلة من أصعب المراحل التي تمر بها المرأة في حياتها، لما تشهده من أحداث جديدة متعبة وجد مرهقة من الناحية النفسية والجسدية، غير أن أغلب القائمين على المصحات المختصة في التوليد لا يراعون ذلك، وهو ما لاحظناه من خلال استماعنا لبعض الشهادات الحية التي يندى لها الجبين، على غرار ما مرت به (مسعودة. م) 26 سنة، والتي صدمت أثناء ولادة ابنها بالقابلة، وهي تؤكد لها وفاة الجنين، بدعوى أنها لم تتعاون معهم في تسهيل المهمة على الطاقم الطبي. ورغم وقع الخبر على الأم التي كاد يغمى عليها واصلت القابلة الصراخ في وجهها واتهامها بقتل الطفل الذي لم يمت في حقيقة الأمر، بل كان ذلك مجرد تهديد لها نتيجة ضعفها. حادثة أخرى هي تلك التي عاشتها مريم، 27 سنة، والتي تقول إنها فور خروجها من غرفة العمليات تم إجلاسها على مقعد بلاستيكي طوال الليل لتعاني من الألم والبرد مع رضيعها الذي بالكاد استطاعت حمله كل هذه المدة. ومن جهتها تروي ليلى، البالغة من العمر 28 سنة، والتي صادفت ولادتها شهر رمضان الكريم، وهو ما قالت عنه محدثتنا أنه من سوء حظها، حيث ذهب كل الطاقم الطبي المناوب للتسحر في أكثر الأوقات حرجا، حيث كادت تلد بمفردها دون تدخل القابلات والأطباء الذين كانوا منشغلين بالأكل دون ترك من ينوب عنهم. ومن جهة أخرى، تقول عبلة، التي لم تجد سوى التوسل للأطباء ليتم التكفل بها بعد أن فقدت أعصابها وهي تحاول جذب انتباههم لحالتها التي كادت تتحول إلى كارثة حقيقية، بسبب فقدانها للكثير من الدم إثر نزيف داخلي كاد أن يودي بحياتها وحياة الجنين.
دخول الغرباء مسموح به رغم صرامة القوانين المعلن عنها، وبالرغم من حساسية المكان الذي يأوي الرضع، إلا أن الواقع داخل المستشفى يعكس حقيقة مغايرة، فكل من يستطيع تجاوز حرس البوابة الرئيسية بإمكانه الولوج إلى كل الأقسام والمصالح المختلفة في المستشفى مهما بلغت خصوصيتها. وفي السياق ذاته ولأجل توضيح الأمور قمنا بالتسلل مرتين إلى ذات المصلحة.. المرة الأولى كانت بدخولنا بمئزر قمنا بإعارته من إحدى الممرضات اللاتي قمنا بإقناعها أن حالة مريضتنا حرجة ويجب علينا الاطمئنان عليها، وهو بالفعل ما حدث، فقد قمنا بولوج قاعات الولادة الواحدة تلو الأخرى دون حسيب أو رقيب. كما قمنا بالتجول في أغلب الأجنحة الخاصة بالمرضى، لم نتلق خلالها أي ملاحظة من أي عون أمن سوى واحد اكتفى بإلقاء التحية علينا. وفي محاولة أخرى لدخول هذا المكان الذي لا يشبه المستشفيات، إلا في عدد المرضى وصوت صراخهم من الألم، قمنا باجتياز أعوان الأمن بسؤالنا عن إحدى الطبيبات. وبمجرد ذكرنا للاسم المعني فتحت جميع الأبواب في وجهنا حتى وصلنا إلى قاعات العمليات، وهناك اعترضتنا ممرضة قامت بمنعنا من دخول الجناح، فكانت هذه المرة الوحيدة التي نمنع من ولوج مكان في هذا المستشفى المفتوح على مصراعيه، . ولم تكن هذه المبادرة هي الوحيدة في هذا المستشفى وغيره من مستشفيات العاصمة، فقد حدثتنا (صبرينة. ت) التي ولدت ابنتها حديثا، أنها بمجرد التوسل لعون الأمن قامت بالدخول رفقة زوج ابنتها لمصلحة الأمومة بمستشفى "بارني" ليلا لتقوم فقط بزيارة استثنائية أدخلت بواسطتها وجبة العشاء لابنتها. إيمان مقدم
اقترح إنشاء بطاقة شفاء خاصة بالحوامل لتغطية تكاليف العيادات الخاصة خياطي:"الاكتظاظ راجع لعجز الوزارة عن التوزيع العادل للحوامل" كشف البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، أن الاكتظاظ هو السبب الرئيسي لكل المشاكل الأخرى التي تحصل في مصالح التوليد بالعاصمة، مشيرا إلى أن المصلحة التي تستقبل عددا أكبر من طاقة استيعابها تعجز عن تقديم الخدمات الصحية اللازمة، ما يحدث حالة من الفوضى وسوء المعاملة والاستقبال في هذه المصحات، وهو ما أرجعه محدثنا إلى سوء التسيير من جهة، والذي تتسبب به وزارة الصحة التي تبقى عاجزة عن التوجيه الجيد والمنظم للنساء الحوامل إلى مختلف مصالح التوليد، منتقدا تهميش العيادات الخاصة في المشاركة الفعالة في هذه العملية، حيث اقترح محدثنا إنشاء بطاقة شفاء خاصة بالحوامل تنتج عن مفاوضات بين وزارة الصحة والضمان الاجتماعي، تخرج بسعر موحد ومرجعي يتيح للنساء التوجه إلى هذه العيادات تحت تغطية كامل النفقات من طرف الوزارة، وهو ما يخفف الضغط عن المستشفيات، التي من المفروض - حسب محدثنا - أن تترك للحالات المستعصية والاستعجالات الحرجة. ويضيف البروفسور خياطي أن المراكز الصحية المتواجدة عبر كامل بلديات العاصمة قادرة على أداء هذه المهمات الخاصة بالتوليد، كما تتوفر أغلبها على الأدوية والوسائل الخاصة بعملية الولادة. إيمان مقدم
مديرية الصحة بالعاصمة تعد بتحسين قواعد الأمن والنظافة كشف الأمين العام لمديرية الصحة لولاية الجزائر لهلالي لهلالي، أنه رغم من عدم تلقي مصالحهم لأي شكوى في ما يخص مصالح التوليد على مستوى العاصمة، إلا أنهم يقومون بإرسال دوريات تفتيش لهذه المصالح ترجع في الغالب بملاحظات إيجابية، غير أنهم يعتمدون في تحركاتهم على المتابعة المستمرة من طرف مفتشي الوزارة، لإرسال نشريات تحذير لمدراء المستشفيات تعطيهم من خلالها مهلة 15 يوما للتحرك وتدارك النقائص. وفي السياق ذاته وعد محدثنا بإرسال دوريات خاصة للمستشفيات الخاصة بالتوليد لتحسين الوضع العام هناك، ملمحا إلى تلقي شكاوي بخصوص الأمن والسلامة، ما يجعلهم على استعداد لمراقبة هذا المشكل. وأَضاف أن المديرية ترفض الوضعية التي آلت إليها بعض المستشفيات على غرار غياب الخصوصية عن قاعات التوليد، وكذا نقص النظافة في المطاعم الخاصة بهذه المصالح، حيث كشف في السياق ذاته أن مصالحهم تعمل على تطبيق تعليمة جديدة اتخذها عبد القادر زوخ والي ولاية الجزائر لمتابعة وضعية النظافة في المطاعم، من خلال تشكيل لجنة مختصة في متابعة النظافة في إعداد الأكل للمريضات. إيمان مقدم
بعد غياب دام سنتين مضاد للالتهابات التناسلية لدى المرأة يدخل السوق الجزائرية كشف الدكتور كريم أشيبو، مدير مخبر "اينوتش" شمال إفريقيا، عن إنتاج دواء مضاد للالتهابات التناسلية لدى المرأة سيدخل السوق الجزائرية ابتداء من الغد، مشيرا إلى أن هذا الدواء سيكون نقلة نوعية في مجال علاج الالتهابات وأمراض النساء والتوليد في الجزائر، خاصة أن هذا النوع من المرض يحتل المرتبة الأولى في قائمة الفحص والعلاج. تشكل الالتهابات المهبلية أو التناسلية مصدر إزعاج للكثير من النساء، خاصة أن سوء علاجها قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة وفي مقدمتها السرطان، حيث تعتبر الالتهابات الفطرية من أصعب أنواع الأمراض كونها متواجدة في مناطق حساسة في جسم الإنسان، فضلا عن كونها تتصدر قائمة الفحص في مصالح أمراض النساء والتوليد، كونها تستهدف جميع الأعمار بدون استثناء، في الوقت الذي صنفها الأخصائيين في المجال بأنها من أسوأ الأمراض التي تعاني منها المرأة ولها مضاعفات خطيرة ولابد من علاجها. وحسب بعض الأطباء فإن للالتهابات لها أنواع عديدة كالفطريات وانتقال بعض البكتيريا، سببها إهمال النظافة أو استخدام بعض المواد الكيميائية، فضلا عن بعض العطور والبخور أو للمتزوجات عن طريق الجماع، لتنتقل بعدها من المهبل إلى الرحم ومن ثم إلى المبايض، وقد تتحول إلى مرض خطير في حالة عدم أخذ الاحتياطات اللازمة. كما تعد الإصابة الفطرية التي تتوضع المهبل حالة مرضية شائعة جدا، باعتبارها من أكثر الأمراض النسائية انتشارا، غير أن علاجه ليس بالصعب عن طريق اتباع علاج ملائم، حيث توجد عند ما يقارب 15 إلى 20 بالمائة من النساء، وتزيد هذه النسبة عند المرأة الحامل من 20 إلى 40 بالمائة. وفي هذا الإطار، يقول الدكتور كريم أشيبو إن الدواء المعالج لهذا النوع من الالتهابات منعدم في المستشفيات والصيدليات منذ سنتين، الأمر الذي دفع مخبر اينوتش إلى تصنيعه محليا في ولاية قسنطينة، بالشراكة مع مخبر اينوتش بفرنسا، أين تم تبادل المعارف والخبرات لانعاش هذا المشروع الذي من شأنه الحد من نسبة الاصابة ببعض الأمراض التناسلية، خاصة أن سعره ملائم وعلى حسب القدرة الشرائية لكل مريض. من جهة أخرى، يضيف المتحدث أن هذا المنتوج الذي يعد نقلة نوعية في مجال صناعة الأدوية في الجزائر، وبالأخص في مجال طب النساء والتوليد سيكون له صدى كبير، خاصة أنه يعرف ندرة، ما نتج عنه مضاعفات خطيرة في أوساط النساء كالإصابة بسرطان الرحم والمهبل وغيرها من السرطانات التي تعاني منها المرأة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يهدد عملية الصحة الإنجابية ويضاعف عدد حالات العقم.