تعرف الطبعة ال38 لمهرجان القاهرة الدولي للسينما والتي ستكون تحت شعار ”السينما للجمهور، وتحتضنها العاصمة المصرية في الفترة بين 15 و24 نوفمبر 2016، مشاركة أكبر مجموعة ممكنة من الأفلام، حيث يتضمن برنامج المهرجان وخاصة القسم الرسمي خارج المسابقة، 9 أفلام ومهرجان المهرجانات 35 فيلما والبانوراما العالمية 43 فيلما، وهو عدد كبير من الأفلام التي عُرضت في أكبر مهرجانات العالم ونالت جوائز ونجاحاً وشعبية. أفلام عالمية في المهرجان اختارت لجنة الانتقاء في مهرجان القاهرة الدولي للسينما هذه السنة مجموعة من الأفلام العالمية، على سبيل المثال فيلم ”طوني إردمان” للمخرجة الألمانية مارين أدي، الذي قوبل بحفاوة هائلة عند عرضه في مهرجان كان الأخير، لينال جائزة الاتحاد الدولي للنقاد ”فيبريسي” في كان، قبل أن يختاره نقاد العالم ليتوج بالجائزة الكبرى السنوية لنقاد العالم، وأحدث أفلام المخرج الصربي الكبير إمير كوستوريتسا ”في درب التبانة” والذي عُرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي قبل أسابيع، وفيلم المخرج الكندي زافيه دولان ”إنها فقط نهاية العالم” المتوج بجائزة كان الكبرى، وفيلم ”التخرج” للروماني كريستيان مونجيو أحدث إنتاجات المدرسة الرومانية الحديثة والمتوّج بجائزة الإخراج في مهرجان كان. الإيطالي الكبير ماركو بيولوكيو فيعرض له المهرجان فيلم ”أحلام سعيدة” الذي اختير ليكون فيلم افتتاح برنامج نصف شهر المخرجين، والمخرج الفلبيني الأكثر شهرة بريلانتي ميندوزا يشارك بفيلمه الأخير ”الأم روزا” الذي فاجأت بطلته الجميع بانتزاعها جائزة أحسن ممثلة في مهرجان كان، ومن سلوفاكيا يأتي الفيلم المتوج بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان كارلوفي فاري ”المُدرسة” للمخرج يان هريبيك. المهرجان يعرض أيضاً ثمانية أفلام اختارتها دولها كي تتنافس رسمياً على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي، منها ممثل المجر ”قتلة على كراسي متحركة”، وسلوفاكيا ”إيفا نوفا”، ومرشح دولة نبيال ”الدجاجة السوداء” المتوج بجائزة أحسن فيلم في أسبوع النقاد بمهرجان فينيسيا السينمائي. كما يولي المهرجان اهتماماً خاصاً بالسينما التسجيلية عبر عرض برامجه مجموعة من أحدث إنتاجاتها المصرية والعالمية، يتصدرها الفيلم الأمريكي ”جمهورية ناصر: بناء مصر الحديثة” للمخرجة ميشال جولدمان التي تعرض مشاهد ولقطات نادرة حول الزعيم جمال عبد الناصر. ويشارك مخرج الأفلام التسجيلية الأشهر الأمريكي مايكل مور بفيلمه الجديد ”أين الغزوة المقبلة؟” الذي قوبل بحفاوة كبيرة عند عرضه في مهرجان برلين. السينما الصينية ضيف الشرف تسجل الدورة ال 38 حضور السينما الصينية كضيف شرف، حيث يخصص المهرجان برنامجاً ثريا، يُعرض فيه 15 فيلماً تمثل السينما الصينية المعاصرة في مرحلة انفتاحها على العالم وسيطرتها على السوق الآسيوي (2001-2015)، بالإضافة إلى فيلمين كلاسيكيين مرممين يتم عرضهما بالتعاون مع أرشيف الفيلم الصيني. بالإضافة لمشاركة فيلم صيني حديث في المسابقة الرسمية وفيلمين آخرين في قسم مهرجان المهرجانات. المهرجان يُصدر كذلك باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية كتاباً بعنوان ”نظرة على السينما الصينية” كتبه الناقد الفرنسي جان ميشيل فرودو رئيس التحرير السابق لمجلة ”كراسات السينما” المجلة النقدية الأهم في التاريخ. وينظم المهرجان ندوة موسعة حول السينما الصينية يشارك فيها فرودو ويديرها الناقد أمير العمري مؤلف كتاب ”السينما الصينية الجديدة”. كما يحضر الفعاليات وفد صيني رفيع المستوى، يتقدمه المخرج الكبير جيا زانكيه الذي يمنحه المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميز، والمخرجة والمنتجة الشهيرة لي يو عضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية. ”حكايات قريتي” في المسابقة الدولية تشارك الجزائر في فئة المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة الدولي للسينما بفيلم ”وقائع قريتي” للمخرج عبد الكريم طرايدية. يروي فيلم طرايدية، الذي أنتج في إطار الاحتفال بمرور 50 سنة على استقلال الجزائر وعرض في اليوم الثالث من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، يوميات الطفل بشير ذي التسع سنوات، في عائلة تخلى عنها الوالد، فبقي مع إخوته إلى جانب أمه وجدته من أمه وخاله المريض المقعد. عائلة تعاني الفقر، فلا تجد الأم مصدرا لإعالتها سوى غسل ثياب جنود الاستعمار الفرنسي في الثكنة الموجودة بالقرب من القرية. إنها مهمة قذرة ومشبوهة.. هكذا يراها سكان القرية وتراها أم والدة بشير. لكن الأم ترد على ”من يرى الأمر كذلك بأن يعيل هؤلاء الأطفال”، وكذلك الطفل بشير لا يرى في الأمر حرجا، بل وهو من يحمل ثياب هؤلاء الجنود إلى أمه ويحمل لها المقابل. أكثر من ذلك يربط علاقة صداقة مع أحد الجنود تكلفه تهمة زملائه في المدرسة ”يا بياع فرانسا”. بالمقابل، يستحي بشير من أبوة أبيه الهارب من مسؤولية البيت التي دفعت والدته لغسل ثياب العسكر ودفعته لأن يكون وسيطا في موقف البياع، ويحلم بأن يكون ابن شهيد، حلم يخلصه من والده ويرفع الغبن عنه وعن عائلته، ”لأن أبناء الشهداء سيستفيدون من كل شيء بعد الاستقلال”. لعل هذه الشخصية المتأزمة للطفل بشير كما يذكرها عبد الكريم طرايدية، كانت وراء الورطة التي وقع فيها في رسم علاقة بشير بجدته والعسكري وخاله، علاقة كانت أكثر قوة وأكثر حضورا من علاقته مع والدته ووالده ومع الذين يمثلون الثورة، فكان دور الأم دورا ثانويا جدا مقارنة بدور الجدة والعسكري الفرنسي. حضور قوي للسينما المصرية مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يقدم هذا العام خمسة أفلام مصرية تُعرض للمرة الأولى (عالمياً أو في الشرق الأوسط) خلال المهرجان. يتقدمها الفيلمان المشاركان في المسابقة الرسمية فيلم الافتتاح ”يوم للستات” للمخرجة كاملة أبو ذكرى، بطولة إلهام شاهين ومحمود حميدة ونيللي كريم، وعدد كبير من النجوم، و”البر الثاني” للمخرج علي إدريس الذي يناقش بجدية قضية الساعة عالمياً وهي الهجرة غير الموثقة عبر البحر المتوسط. قسم آفاق السينما يقدم العرض العالمي الأول لفيلم ”لحظات انتحارية” للمخرجة إيمان النجار في أول أفلامها الروائية الطويلة، بينما يُقدم قسم البانوراما فيلمين تسجيليين يعرضان للمرة الأولى هما ”إحنا مصريين أرمن” لوحيد صبحي حول تاريخ الطائفة الأرمنية في مصر، و”هامش في تاريخ الباليه” لهشام عبد الخالق حول أول جيل من راقصات الباليه المصريات. وتم استحداث قسم بانوراما للسينما المصرية الجديدة، يُعرض فيه ثمانية أفلام من أهم إنتاجات عامي 2015 و2016 التي لاقت نجاحاً نقدياً وتجارياً وشاركت في أكبر مهرجانات العالم. الأفلام كلها تُعرض بترجمة للإنجليزية من أجل تعريف ضيوف المهرجان من الأجانب بجديد السينما في البلد الذي يزورونه. وقفة عرفان لمحمد خان وحسين وآخرون يكرم مهرجان القاهرة الدولي للسينما هذه السنة أربعة أسماء قدمت الكثير للسينما العربية والعالمية، والبداية بالمخرج الراحل محمد خان الذي سيكرم بجائزة فاتن حمامة التقديرية عن مجمل الأعمال، ويمنح المهرجان ثلاثة جوائز تقديرية أخرى أولهما للمنتج الفلسطيني حسين القلا، واحد ممن أثروا السينما المصرية والعربية بعدد ضخم من الأفلام التي أنتجها لتدخل تاريخ الصناعة، من ضمنها ”الكيت كات” و”أرض الخوف” لداود عبد السيد، ”يوم مر ويوم حلو” لخير بشارة، ”زوجة رجل مهم” لمحمد خان، و”البداية” و”المواطن مصري” لصلاح أبو سيف. الجائزة الثالثة يحصل عليها المخرج المالي المخضرم شيخ عمر سيسوكو، عن مسيرة ممتدة من بداية ثمانينيات القرن الماضي، كان خلالها واحداً من أنشط وأنجح صُناع السينما الأفارقة، مقدماً أحد عشر فيلماً نال بها جوائز من مهرجانات لوكارنو ونانت ونامور، بالإضافة لأربعة من جوائز فيسباكو، المهرجان الأهم في عالم السينما الأفريقية. بينما تذهب الجائزة التقديرية الرابعة للنجم الكبير يحيى الفخراني، الممثل الذي قدم للسينما والمسرح والتلفزيون في مصر عشرات من الأعمال التي يحفظ الجمهور تفاصيلها ويعيدون مشاهدتها في كل فرصة ممكنة، ويكفي أن نذكر أدواره في أعمال مثل ”للحب قصة أخيرة” لرأفت الميهي و”عودة مواطن” و”خرج ولم يعد” لمحمد خان لنذكُر هذه القيمة الشاهقة التي يمثلها الفخراني في تاريخنا. أما جائزة فاتن حمامة للتميز والتي تُمنح لمبدعين تمكنوا في سن مبكر نسبياً من تحقيق إنجاز سينمائي ملموس، فيتلقاها هذا العام ثلاثة فنانين، يتصدرهم المخرج الألماني كريستيان بيتزولد رئيس لجنة التحكيم الدولية، أحد أهم صناع الأفلام في السينما الألمانية والأوروبية المعاصرة، والفائز ب29 جائزة دولية مختلفة على رأسها الدب الفضي لأحسن مخرج من مهرجان برلين عن فيلم ”باربرا”. جائزة التميز الثانية تذهب للمخرج الصيني جيا زانكيه، الذي يعده البعض رمزاً للسينما الصينية المعاصرة، والذي كتب عنه جان ميشيل فرودو أنه بخلاف موهبته الكبيرة وأفلامه المُقدرة عالمياً فقد ”قام بدور المعلم لمجموعة من المخرجين والفنيين والمنتجين الشبان”. بينما ينال جائزة فاتن حمامة للتميز من مصر النجم أحمد حلمي، الممثل الشاب الذي طوّع نجوميته التي بدأت من عالم الكوميديا كي يقدم عدداً من الأفلام المتميزة التي نالت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، ومن بينها ”آسف على الإزعاج” و”عسل أسود” لخالد مرعي و”كده رضا” لأحمد نادر جلال، وعنه يصدر المهرجان كتاباً أعده الناقد طارق الشناوي. احتفاء بشكسبير يحتفي المهرجان بالكاتب العالمي ويليام شكسبير بمناسبة مرور 400 سنة على رحيله، حيث قرر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تنظيم برنامج خاص لعدد من الأفلام السينمائية المقتبسة عن أعمال شكسبير، وأن يصدر كتابا عن علاقة شكسبير بفن السينما، وهي علاقة وطيدة كتب فيها آلاف الصفحات من كتب وأبحاث ومقالات. هذا البرنامج يضم عشرة من ”أفلام شكسبير” من بينها ”هاملت” للمخرج لورنس أوليفييه، ”روميو وجولييت” لفرانكو زيفيريلي، ”ماكبث” لرومان بولانسكي وغيرها من الأفلام التي تناولت قصص شكسبير. ندوات في قلب المهرجان يحرص مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على تنظيم عدد من الندوات التي يناقش فيها موضوعات مهمة عبر متحدثين لهم خبرة في موضوع الندوة. ”التشريعات السينمائية في مصر والعالم” هو عنوان الندوة الرئيسية التي تأتي في وقت تحاول الدولة المصرية فيه تصحيح تشريعاتها القانونية الخاصة بصناعة السينما، سواء على مستوى الدعم الحكومي للسينما أو الإجراءات القانونية لتصوير الأفلام أو القوانين الرقابية، بعد عقود من العمل بقوانين لم يعد بعضها مناسباً لمعطيات العصر الجديد. الندوة يشارك فيها عدد من الضيوف الأجانب الذين كانت لهم خبرات في العلاقة بالتشريعات السينمائية في بلادهم، سواء من البلدان العربية أو الأجنبية، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين والخبراء المصريين، بحيث تتضمن الندوة نقاش موسع حول قضية بالغة الأهمية، للخروج بنتائج عن أفضل النظم وأكثرها عملية أملاً في دفع الصناعة للأمام خاصة داخل مصر. يدير الندوة الناقد السينمائي والرئيس الأسبق للمركز القومي المصري للسينما د. وليد سيف. وبما أن الصين ضيف شرف الدورة الثامنة والثلاثين، فإن المهرجان يقيم المهرجان ندوة لرصد تاريخها الممتد لقرابة القرن وربع، ومناقشة أهم الاتجاهات المعاصرة والتي منحت الأفلام الصينية شهرتها وانتشارها في أهم مهرجانات العالم. على رأس المشاركين في الندوة الناقد الفرنسي الكبير ورئيس التحرير السابق لمجلة ”كراسات السينما” جان ميشيل فرودو، والذي يصدر المهرجان كتاباً له بعنوان ”نظرة على السينما الصينية”، بالإضافة إلى عدد من المخرجين والمنتجين والمسؤولين الصينيين. هذا بخلاف ندوات أخرى تقام ضمن البرامج الموازية للمهرجان، فيقيم برنامج آفاق السينما العربية ندوة بعنوان ”ربيع السينما العربية” لمناقشة كتاب الناقد الكبير والرئيس السابق لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي سمير فريد والذي يحمل العنوان نفسه. كذلك يُنظم أسبوع النقاد الدولي ندوة لتكريم الناقد المغربي الراحل مصطفى المسناوي، والذي وافته المنية خلال حضوره الدورة السابقة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ويصدر الأسبوع بالتعاون مع الجمعية المغربية لنقاد السينما كتاباً يضم مجموعة من أبرز كتابات المسناوي. وللعام الثالث على التوالي، يقيم أسبوع النقاد حلقة بحثية علي مدار يومين، بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في القاهرة، عنوانها هذا العام ”حال النقد السينمائي الآن في الوطن العربي”.