l الاتحاد: الأسعار خيالية ومداومة العاصمة كلفتنا 7 ملايين l الجزائر الجديدة: ”المواطن أصبح يبيع كل شيء” l فدرالية الوكالات العقارية: ”السماسرة هم من تولوا مهمة الوساطة” بعد أقل من أسبوع على انطلاق الحملة الانتخابية لتشريعيات 4 ماي القادم، استغل الآلاف من أصحاب المحلات المناسبة لإلهاب أسعار كراء المداومات للأحزاب السياسية، وسط استنكار المترشحين وتبرير التجار بأن الفرصة لا تعوض لكسب الأموال، والانتقام من النواب الذين خذلوهم طيلة عهدتهم الانتخابية.
ألهب أصحاب المحلات والدكاكين أسعار كراء مداومات الأحزاب السياسية، التي تستعين بها خلال الحملة الإنتخابية، حيث رفع العديد منهم سقف الكراء إلى 20 مليون سنتيم بالعاصمة للأحزاب الكبيرة، مستغلين المناسبة وقصر مدة الحملة لحصد الأموال، وهو الأمر الذي وقفت عليه ”الفجر” خلال جولة استطلاعية بالعاصمة، حيث تهيأت محلات مغلقة طوال العام، من خلال طلائها وتوضيبها حتى تكون مهيأة لأن تصبح بين عشية وضحاها مداومة انتخابية، فيما غير آخرون نشاطهم وحولوا محلاتهم إلى مكاتب ومداومات للأحزاب. بالمقابل، رفض العديد من أصحاب المحلات التصريح بمبلغ الكراء، معتبرين أن الأمر مرتبط بعملية تجارية تمت بين صاحب المحل والحزب، في حين برر آخرون الأمر بالقول أن ”الفرصة سانحة أمام كل من يملك محلا تجاريا خاصة بالمناطق التي تشهد حركية لجني المزيد من الأموال، ظنا منهم أن أغلب المترشحين هم من رجال المال والأعمال مثلما استقوه من وسائل الإعلام، بينما برر آخرون ارتفاع الأسعار بنوع من المعاقبة للنائب الذي لم يخدم المواطن طيلة عهدته النيابية بعد أن زكى قوانين جائرة مقابل أموال طائلة جناها من الرواتب الخيالية والمزايا طيلة خمس سنوات. وتقول المصادر إن 100 إلى 120 ألف دينار هي مقابل كراء محل أو فضاء تجاري في المدن الكبرى مثل العاصمة ووهران وقسنطينة، وتقل الأسعار في المدن الصغيرة، إلى أن تصل كلفة كراء محل صغير مليون ومليونين. من جهتها أبدت الأحزاب السياسية غضبها واستياءها من تصرف المواطنين الذين ألهبوا أسعار كراء المداومات، حيث أكد النائب عن جبهة العدالة والتنمية ومتصدر قائمة الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء بولاية قسنطينة لخضر بن خلاف، في اتصال مع ”الفجر”، أن أسعار الكراء عرفت ارتفاعا غير مسبوق من طرف المواطنين، حيث بلغت الأسعار - حسبه - سقفا خياليا ما اضطر العديد من المترشحين على الاستعانة بمعارفهم للظفر بمقرات أقل تكلفة، فيما اهتدى مترشحون آخرون إلى كراء المحلات لسنة كاملة واستغلالها كمقرات ولائية وهو الحال الذي عرفه مقر مداومة العاصمة للاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء التي تم تدشينها أول أمس، حيث ستكون مقرا ولائيا لجبهة العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن الاتحاد اضطر لتأجيرها لمدة سنة بمبلغ 7 ملايين سنتيم للشهر قصد اقتصاد التكاليف. في ذات السياق، وصف رئيس جبهة الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام، في اتصال مع ”الفجر”، المواطنين الذين فرضوا أسعارا خيالية على الأحزاب ب”الجشعين”، وقال ”أصبحنا لا نفكر إلا في الأموال والمواطن، الذي أصبح يبيع كل شيء وليس المحلات من أجل الأموال، بل وصل به الحال إلى بيع توقيعاته”. بالمقابل، قال بن عبد السلام إن الحزب تمكن من كراء بعض المقرات وليس كلها نظرا لظروفه المادية عبر معارف الحزب، ولم يستعن بالوكالات العقارية نظرا للمبالغ التي تفرضها، مشيرا إلى أن كل شيء معاكس للعمل السياسي في الجزائر بما فيها قضية الإمكانيات المادية التي خلقت الطبقية بين الأحزاب السياسية. من جهتها نفت الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية، على لسان رئيسها عبد الحكيم عويدات، تلقيها طلبات من الأحزاب للتوسط لها من أجل كراء مقرات المداومة، مؤكدا أن أغلبها يعتمد على سماسرة ومعارف الحزب. بالمقابل، أكد عويدات تراجع الطلب على فتح مقرات المداومات مقارنة مع المناسبات الانتخابية التي عاشتها الجزائر، وذلك بفعل الأزمة المالية التي مست حتى الحياة السياسية.