أولا أهنئ وزيرة التربية نورية بن غبريط على انتصارها على الغش في امتحان البكالوريا، فلأول مرة يمر الامتحان دون تسريبات التي يحاول البعض من خلالها استهداف الوزيرة والمنظومة التربوية بصفة عامة، صحيح أننا خسرنا ماليا من قطع الأنترنت أوقات الامتحانات، لكن الغشاشين وأعداء التنوير خسروا أكثر! أعود إلى هذا التحرك الديبلوماسي العربي والإيراني باتجاه بلادنا، حيث تزامنت زيارة وزير الخارجية القطري مع زيارة مسؤول إماراتي نهاية الأسبوع للتباحث حول الأزمة التي تشهدها منطقة الخليج، وما تتعرض له دولة قطر من عداء سافر من قبل جيرانها، بعد حملة المقاطعة الديبلوماسية والانسانية التي تقودها ضدها المملكة العربية السعودية وتتبعها مجموعة من الدول العربية والإسلامية، وما تتعرض له من تضييق على كل الأصعدة، بتهمة دعم الإرهاب، التهمة التي فيها ما يقال، ومن المنتظر أن يحل غدا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالجزائر للأسباب نفسها. وهكذا تنتصر لغة الحكمة والعقل التي تحلت بها دوما الديبلوماسية الجزائرية، والتي لم تحد عنها حتى في أشد الأوقات صعوبة، فقد غلبت دائما لغة الحوار ودافعت عنها رغم الضغوطات والمساومات. من المؤسف أن تكون قطر اليوم في دور الضحية، وتلجأ للوساطات لفك الحصار المضروب عنها، وهي التي وقفت موقف المحرض في أزمة ليبيا وسوريا حتى أن وزير خارجيتها هدد الجزائر بأن الدور المقبل سيكون علينا، كل ذلك في محاولة فاشلة لتمكين حركة الإخوان من الوصول إلى الحكم عبر الفوضى التي أحدثتها لا أقول قطر، وإنما المخطط الأمريكي الذي سطره اللوبي الصهيوني الملتف حول المؤسسات الأمريكية، فهل ستفهم المملكة السعودية هي الأخرى أهمية ما تحاول الجزائر إقناعها به، وهو بحث الأزمة بعيدا عن التشنج والتصعيد، لأنها لن تكون هي الأخرى في مأمن من مخطط مماثل، مهما حاولت استمالة أمريكا بالمال، وسارعت لخدمة مشروعها في المنطقة، فلا يجب أن يغيب عن الأذهان تهديدات الرئيس ترامب ضد المملكة ودول الخليج الأخرى، والتي سبق وصرح بها منذ ثلاثة عقود، عندما قال سنة 1988 أنه لما يصبح رئيسا سيأخذ أموال دول الخليج، فبعد الأموال سيتحول التهديد إلى صورة أخرى، فأمريكا لم تنس أن من بين ال19 إرهابي المتهمين بتفجيرات 11/9، 14 منهم يحملون الجنسية السعودية. مثلما يجب ألا تنس أن المخطط الأمريكي لتفتيت دول المنطقة يستهدفها هي أيضا، وسيتم فصل البقاع المقدسة عن المملكة مثلما تطالب به إيران والذي يبدو أنه طلب منطقي، ما دامت المملكة تستعمل الحج ورقة ضغط على خصومها، مثلما تهدد به اليوم كل من لا يتحالف معها ضد قطر. وستكون المملكة وقتها في حاجة إلى من يقف إلى جانبها. لكن تبقى الوساطة التي تقوم بها الجزائر مرهونة برجاحة عقل الديبلوماسية السعودية، فمن الصعب التفاؤل بانفراج الأزمة، مع شخصية اندفاعية مثل الجبير وزير خارجية المملكة، أو ولي العهد اللذان يقفان وراء تدهور العلاقة مع قطر ووراء العدوان السعودي على اليمن!