يبدو أنّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمرُّ بها الجزائر لم تترك شيئا، إلا وعصفت به، فحتى تلك المشاريع التي كان يُعوّل عليها من أجل تحريك المشهد الثقافي الباهت، أصبحت في خبر كان، بداية بفيلم الأمير عبد القادر الذي لن يرى النور، لا اليوم ولا غدا، وهذا ما ينطبق على الكثير من المشاريع الأخرى التي تمّ اختزالها من الأجندة الثقافية. تقول آخر الأخبار المتعلقة بالمشاريع المجهضة، إنّ الفيلم الذي كان من المفروض أن يتناول سيرة الشهيد البطل زيغود يوسف، لن يتمّ إنتاجه على الرغم من حصول صاحب السيناريو، وهو الدكتور أحسن ثليلاني على موافقة وزارة المجاهدين على سيناريو الفيلم بعد انتظار طويل. وفي رسالة شكر نشرها الدكتور ثليلاني على صفحته على ”الفايس بوك”، أكد أنّ اللجنة العلمية والفنية للسيناريو على مستوى وزارة المجاهدين وافقت على السيناريو الذي كتبه، غير أنّه أضاف في الرسالة ذاتها، بأنّ الوزارة تخلّت عن ”الالتزامات التي قطعتها بإنجاز الفيلم، تحت ضغط التقشف، لغياب الميزانية. وعبّر كاتب السيناريو عن حزنه إزاء هذا القرار، لكنّه سجّل شعوره ببعض الفرح باختيار السيناريو الذي كتبه بقوله ”لقد شعرت بحزن شديد ليس على مشروعي، فأنا بموجب الوثيقة قد انتصرت انتصارا ساحقا لا غبار عليه، وسيكتب التاريخ أنني الفائز بمسابقة أحسن سيناريو عن الشهيد زيغود، ولكنني حزنت كثيرا على زيغود حتى كدت أراه يموت من جديد بين يدي! وتساءلت في أعماقي بحرقة: ”كيف هان زيغود علينا ؟”. فاستكثرنا عليه ميزانية فيلم يساهم في تخليده وتوريث مبادئه وتضحياته للأجيال، على غرار ما فعلنا ببعض رفقاء دربه وأعلام الجزائر، أمثال: بن بولعيد وزبانا وكريم بلقاسم والعقيد لطفي وبن مهيدي، أحمد باي وابن باديس وغيرهم من الذين خلدنا حياتهم بأفلام ومسلسلات تاريخية ملحمية”. ويُضيف ثليلاني في رسالته المؤثرة متسائلا ”هل هي إرهاصات تحقق نبوءة زيغود عندما طلب الشهادة ودعا الله ألا يعيش للاستقلال؟ ما عساني أقول ونحن نعيش أجواء الاحتفال بذكرى استشهاده في 23 سبتمبر 1956، ونعيش أيضا ذكرى وفاة أرملته السيدة عائشة طريفة في 17 سبتمبر 2015،(...)، وهي التي كانت تستقبلني في بيتها المتواضع بقسنطينة، وتحلم كثيرا بمشاهدة هذا الفيلم الذي راجعت معي مشاهده، لكنها ماتت وفي قلبها حسرة على تأخر إنجازه، وما عساني أقول للسيدة شامة البنت الوحيدة على قيد الحياة للشهيد زيغود، وهي التي ساندتني وناصرتني وصادقت بخط يدها على السيناريو ؟ بل ما عساني أقول للأسرة الثورية بالشمال القسنطيني من رفقاء زيغود مثل بن عودة والثعالبي ؟ وما عساني أقول لآلاف وملايين المحبين والمريدين للشهيد البطل زيغود صانع ملحمة هجومات 20 أوت 1955 ؟ ما عساني أقول لملايين الشباب المؤمنين بقدسية الثورة التحريرية وأمجادها البطولية”. ويؤكد ثليلاني ”لقد اتصلت بالمخرج السعيد ولد خليفة وبالمنتج ياسين العلوي وبالسيدة شامة زيغود، وأخبرتهم بالأمر فاستبشروا خيرا بالحصول على هذه الوثيقة الرسمية، وهونوا علي الأمر حيث اتفقنا على انتهاج أسلوب طلب الدعم من وزارة الثقافة ومديرية التراث بوزارة المجاهدين ومن ولاية سكيكدة وشركة سوناطراك ومختلف الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة، التي لن تدخر جهدا في مشروع وطني كهذا، وربما سينظم تيليطون شعبي كبير جدا من أجل إنجاز فيلم الشهيد البطل زيغود يوسف ابن الشعب البسيط ابن اليتم والفقر والجوع، البطل الشعبي الذي صنع حريتنا واستقلالنا، وسأكون أنا أول من يساهم في هذا الفيلم التاريخي الضخم، وذلك باستعدادي للتنازل عن حقوقي المادية المترتبة عن تأليف السيناريو”. ويختم الدكتور ثليلاني رسالته بقوله ”هل قلت تعبنا وانهزمنا ؟ لا أبدا، فنحن الآن قد انتصرنا وعلى أهبة التحدي أكثر فأكثر. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، تحيا الجزائر”.