هل من حرية التعبير أن نشارك حملة السباب التي يقودها الإعلام المغربي ضد الجزائر، لأن وزير الخارجية قال كلاما في غير محله، مع أنه كان الحقيقة التي يعرفها العالم كله؟ مهما بلغت أخطاء السلطة أو النظام، سمها كما شئت، حدا غير مسبوق، ومهما تعثرت الدبلوماسية الجزائرية مثلما يعتقد البعض، مع أنها حافظت دوما على رصانتها وعلى مبدأ حسن الجوار، فليس من المنطق أو الدفاع عن الحق أن تنتظم فيالق من الجزائريين عبر الإعلام وعبر صفحات المواقع، لتشتم الجزائر من خلال شخص مساهل والحكومة التي ينتسب إليها، بل والمرحلة كلها، تجاوزت أحيانا في وضاعتها الشتائم التي يكيلها المخزن للجزائر، والتي كان دائما يبحث عن مناسبة وغير مناسبة لإمطارنا بها. من لم يعش أزمة السبعينيات، ومن لم يستمع لبرامج الإذاعة المغربية المخصصة وقتها للتنغيص على الجزائر، لن يفهم عمق الحقد الدفين ضد بلادنا، هذا الحقد الذي ما زالت تغذيه فرنسا، وتستغله لمنع بناء اتحاد مغاربي وخروج المنطقة من تحت سيطرتها. نعم مساهل أخطأ ولم يلتزم بما يمليه عليه منصبه، وقال كلاما لا محل له من الإعراب، لكن هل من الغيرة على مكانة الدبلوماسية أن نهين البلاد كلها، ونتحول إلى أبواق في يد السلطان؟ وزير الإعلام قال إن هناك إعلاميين يتلقون رواتب من المخزن، لكن هلاّ تجرأ الوزير وأوضح من يكونون؟ وهل حقا أن أحدهم وصل إلى مرتبة عليا في دواليب الحكم؟ لأنه إن لم يفعل فهو كمن يتستر على الجريمة وينقلب كلامه ضده، ويعتبر طعنا في شرف أهل المهنة، وهو شرف مهدور أصلا من أصحابها. يؤلمني ما وصلت إليه أوضاعنا حتى صرنا غيورين على مصالح الأعداء أكثر من غيرتنا على مصالحنا، صرنا لا نفرق بين من تسببوا في الوضع المزري للبلاد وفي الأزمة الاقتصادية الخانقة، وبين المصلحة العليا، بل المصيرية للبلاد، فالمغرب لم يدّخر أبدا جهدا في محاولة تدميرنا، ولم يخف أبدا طمعه في جزء من أراضينا، ولم نسمع أبدا ولم نقرأ في الإعلام المغربي ولا تدوينات المغاربة من يدين تصريحات مثل تصريحات حميد شباط زعيم حزب الاستقلال، ولم يتهجم عليه أحد مثلما تهجموا على مساهل وعلى الدبلوماسية والحكومة الجزائرية، وكل من يمت للسلطة بصلة. وللرد على من يرى في تصريحات مساهل ما يمكن أن يتسبب في اندلاع حرب بين بلدينا، أذكره بكل التهجمات الإعلامية، ليس فقط من قبل حزب الاستقلال، وإنما حتى من قبل الملك شخصيا ومن قبل وزير خارجيته الذي اتهم مرارا بلادنا بعرقلة حل القضية الصحراوية، ولائحة الأمثلة قد تطول. نعم لانتقاد السلطة على سوء تسييرها لمختلف الملفات والقضايا الوطنية، لكن الوقوف إلى جانب المغرب، وحمل معول الهدم تضامنا معه ضد تصريح وزير مهما كانت درجة خطورته، فهو خيانة وخيانة عظمى!