قال الروائي الجزائري المغترب أنوار بن مالك، إن روايته الأخيرة ”ابن شيئول”، التي يقارب فيها موضوع ”محرقة اليهود” خلال الحرب العالمية الثانية، تنطلق من منظور إنساني بعيد عن موقف المواطن العربي من نزاعات منطقة الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، موضحا بأنه استمد شرعيته في الكتابة من إبادة اليهود من قبل الجيش النازي، ومن قراءته لكتاب عن أول إبادة في التاريخ المعاصر، ويتعلق الأمر بإبادة الشعب الناميبي سنة 1904 بأمر رسمي من الجيش الألماني. وقال ضيف الطبعة الثانية والعشرين للصالون الدولي للكتاب، أنور بن مالك خلال لقائه بالجمهور الجزائري بقاعة سيلا، إنه لا يهتم بكتابة التاريخ إلا إذا كان للإجابة عن تلك الأسئلة التي تسكنه، والتي ترتبط كثيرا بالهم الإنساني، ماذا لو كنت واحدا من هؤلاء الذين أبيدوا في تلك المحرقة؟، ماذا لو كنت مجاهدا وقع في يد الاستعمار الفرنسي؟، ماذا لو كنت جزائريا وقع في يد الإرهاب سنوات العشرية السوداء؟، وماذا كنت سأفعل لو كنت يهوديا ألمانيا في طريقي إلى غرف الغاز النازية؟.. كلها أسئلة قال صاحب رواية ”إبن شيؤل”، بأنها تجعله يكتب ذلك التاريخ الذي يصادم بين شخوص روايته والتاريخ. وفي إطار كشف تلك المعركة الحتمية بين بعض اللحظات التاريخية وبين الحرية التي يتم دفع ثمنها غاليا في بعض الأحيان، موضحا بأنه لا يركز في نصوصه على صناعة شخوص أبطال، بل أشخاص عاديون يكتشفون ذواتهم ويظهرون للآخرين عبر أوضاع غير عادية. وأضاف ذات المتحدث بأن هناك من يظن بأنه بعيد عن محرقة اليهود التي حدثت في ألمانيا في أربعينيات من القرن الماضي، باعتباره جزائريا، لكن بالبحث والقراءة، يقول أنور بن مالك، أنه اكتشف أن أول إبادة ألمانية لليهود حدثت في 1905، والتي تعد أول إبادة في القرن العشرين، وذلك لأنه بقرار رسمي تم قتل 80 % من شعب الهيرورو فيما يسمى الآن ”ناميبيا”، بناء على قرار واضح وصريح من ألمانيا، وأضاف بن مالك أن هذه الإبادة لم تعترف بها ألمانيا إلا في عام 2015 . وفي سياق حديثه عن علاقته باللغة العربية وبالوطن العربي، أبدى أنور بن مالك عشقه للغته الأم، العربية التي قال بأنها تراث إنساني غني، تم اغتياله في العراق و سوريا و اليمن و سائر البلاد العربية، مبديا حزنه وغضبه من الوضع الذي يعيشه الوطن العربي منذ سنوات، وسط الدمار والفوضى والحقد المنتشر في العالم العربي اليوم، والذي أدى إلى نهاية التنوع الثقافي في العراق. ونفس الشيء في سوريا واليمن الذي دهسته جيوش التحالف التي تخوض ضده حربا ضروس، وهو الوضع الذي قال انو بن مالك يجده القارئ في عديد الروايات لكتاب العالم العربي الأحرار، الذين يواجهون خطر الموت، والذين لا يحظون بالمساندة من قبل القارئ العربي.