أكد الروائي الجزائري المغترب أنور بن مالك أن له كلّ الحق في الحديث عن الجزائر في رواياته، ورد على منتقديه بأنه سيبقى يكتب عن وطنه؛ لأنه، ببساطة، جزائري وتشغله أسئلته، وأن دوره كمثقف، ليس إبراز الجانب الوردي وإنما نقد الجوانب الأخرى بكل موضوعية انطلاقا من إنسانيته. استقى الروائي موقفه هذا خلال حديثه عن تجربته الأدبية. وقال بأن روايته الأخيرة «ابن شاؤول» (2015) التي يقارب فيها موضوع «محرقة اليهود» خلال الحرب العالمية الثانية، تنطلق من منظور إنساني بعيد عن موقف المواطن العربي من نزاعات منطقة الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، موضحا أنه استمد شرعيته في الكتابة عن إبادة اليهود من قبل الجيش النازي، من قراءته لكتاب عن أول إبادة في التاريخ المعاصر، ويتعلق الأمر بإبادة الشعب الناميبي سنة 1904 بأمر رسمي من الجيش النازي. وقال أنور بن مالك، مساء أول أمس في فضاء «منصات السيلا» بصالون الجزائر الدولي 22 للكتاب، إنه لا يهتم بكتابة التاريخ إلاّ إذا كان للإجابة عن تلك الأسئلة التي تسكنه، والتي ترتبط كثيرا بالهم الإنساني. واسترسل يقول: «ماذا لو كنت واحدا من هؤلاء الذين أبيدوا في تلك المحرقة؟ ماذا لو كنت مجاهدا وقع في يد الاستعمار الفرنسي؟ ماذا لو كنت جزائريا وقع في يد الإرهاب سنوات العشرية السوداء؟ وماذا كنت سأفعل لو كنت يهوديا ألمانيا في طريقي إلى غرف الغاز النازية؟»، كلها أسئلة تجعله يكتب ذلك التاريخ الذي يصادم بين شخوص رواياته والتاريخ في إطار كشف تلك المعركة الحتمية بين بعض اللحظات التاريخية وبين الحرية التي يتم دفع ثمنها غاليا في بعض الأحيان، موضحا أنه لا يركز في نصوصه على صناعة شخوص أبطال، بل أشخاص عاديين يكتشفون ذواتهم، ويظهرون للآخرين عبر أوضاع غير عادية. وأشار المتحدث إلى أن هناك من يظن أنه بعيد عن محرقة اليهود التي حدثت في ألمانيا في أربعينيات القرن الماضي باعتباره جزائريا، لكن بعد البحث والقراءة اكتشف أن أول إبادة ألمانية لليهود حدثت في 1905، وتُعد أول إبادة في القرن العشرين؛ لأنه بقرار رسمي تم قتل 80% من شعب الهيرورو فيما يسمى الآن «ناميبيا»، وذلك بناء على قرار واضح وصريح من ألمانيا. وأضاف «بن مالك» أن هذه الإبادة لم تعترف بها ألمانيا إلا في عام 2015. وفي سياق حديثه عن علاقته باللغة العربية وبالوطن العربي، أبدى أنور بن مالك عشقه للغته الأم العربية، التي قال بأنها تراث إنساني غني تم اغتياله في العراقوسوريا واليمن وسائر البلاد العربية، مبديا حزنه وغضبه من الوضع الذي يعيشه الوطن العربي منذ سنوات وسط الدمار والفوضى والحقد المنتشر في العالم العربي اليوم، والذي أدى إلى نهاية التنوع الثقافي في العراق وفي سوريا واليمن، الذي دهسته جيوش التحالف التي تخوض ضده حربا ضروسا، وهو الوضع الذي يجده القارئ في العديد من الروايات لكتّاب العالم العربي الأحرار، الذين يواجهون خطر الموت، والذين لا يحظون بالمساندة من قبل القارئ العربي.