تشكل شخصية الفقيه الصوفي والولي الصالح الشيخ محمد بن عمر الهواري المعروف بسيدي الهواري في مدنية وهران، محور جلسات الملتقى الدولي الأول حول أعلام المدينة على اعتبار أن بن عمر الهواري شخصية مركبة من حيث الوضع الحضاري والديني، وهو من مواليد (751ه 1350 / 843ه 1439م) ويعد مدرسة فكرية، له مراجع صوفية باعتباره قطبا صوفيا استطاع كسب قلوب وترسيخ الهوية حسب باحث سوسيولوجي تنظيما وثقافة وجهادا. ولد محمد بن عمر الهواري بهوارة في أحواز عين تادلس على بعد 20 كلم شرق مدينة مستغانم عام 751ه / 1350م، وتربى بين أهله وعشيرته الأقربين من المغراويين، حيث حفظ القرآن في سن ال 10 من عمره على يد الشيخ علي بن عيسى الذي لاحظ عليه عدم الاهتمام بهندامه، فضربه وعاتبه الشيخ بن عمر وقال له لا تضربه حتى لو كان كسولا، لأن ذلك من علامات ولايته ونجابته. وتنقل بعدها إلى عين تادلس، وتعرف هناك على ولي صالح يتعبد في غار، ولازمه حتى نال سره وأخذ عليه طريقته الصوفية وبقي عنده مدة من الزمن ثم غادره. تنقل في مناطق البلاد المختلفة ومنها الواحات الصحراوية، وركب البحر وزار بعض جزر البحر المتوسط، بعدها اتجه إلى مدينة بجاية واعتكف على الدراسة وتتلمذ على يد الشيخ أحمد بن إدريس، والشيخ عبد الرحمن الوغليسي شيخي أستاذي عبد الرحمان بن خلدون وأخيه يحيى، المعاصرين له، وأعجبته بجاية وطاب له المقام بها، كما طابت للشيخ أبي مدين شعيب قبله، وبهذه المدينة ألف كتابه المسمى "السهو والتنبيه في أحكام الطهارة والصلاة". في سن ال 25 سنة نظم كتابه "السهو في الطهارة والصلاة". وبمدينة فاس تصدى الشيخ الهواري للتعليم والتدريس بعد أن أصبح عالما، والتف حوله طلاب العلم وأثنوا عليه وكسب قلوبهم ورضاهم. ومن فاس رحل إلى المشرق عبر تونس وليبيا ومصر بجامع الأزهر، وتتلمذ على يد الشيخ الحافظ العراقي وآخرين، ثم التحق بالحجاز وأدى فريضة الحج بمكة وزارة المدينةالمنورة وتبرك بزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل إلى بيت المقدس وزار المسجد الأقصى وقبة الصخرة وقبر الخليل إبراهيم عليه السلام وحضر عددا من الدروس في المسجد الأقصى، واتصل بعلمائها وانتفع بعلهم وآدابهم، ثم إلى بلاد الشام وقصد دمشق. وبعد مشوار طويل من السفر عاد إلى الجزائر وحد رحاله بمدينة وهران التي كانت تعجب بالنشاط الاقتصادي من المهاجرين الأندلسيين وعاش زحف سلطان تونس. وجاء في كتاب الأوروبيين أن الشيخ الهواري هو الذي دعا على وهران حتى احتلها الإسبان بعدما قتلوا ابنه "هائج" بقوله "روحي يا وهرانالفاسقة يا كثيرة الجور والبغي يا ذات الأهل الباغية والسارقة، إني بعتك بيعة لنصارى مالقة إلى يوم البعث" وفعلا احتل الإسبان وهران بعد 72 عاما من تاريخ الدعاء. ويذكر الدكتور يحيى بوعزيز في كتابه "مدينة وهران عبر التاريخ" أن هناك عدة روايات متضاربة حول مدفن سيدي الهواري فمنهم من قال إنه مدفون بحاسي الفلة غرب وهران وهناك من قال خارج المدينة على الطريق المؤدي إلى عين تموشنت وتلمسان، في حين ذكر الآغا المزاري في كتابه "طلوع سعد السعود" بأن الهواري مدفون بوهران وكل الروايات الأخرى باطلة وهي الحقيقة. ومن جملة من ترجم للشيخ الهواري محمد بن يوسف الزياني في دليل الحيوان والآغا المزاري في طلوع سعد السعود وأبو راس الناصر في رحلته وابن مريم في البستان والحفناوي في تعريف الخلف ودلبيش في المجلة الإفريقية وبارجيس في كمبليمانت في المجلة الآسيوية وغيرهم كثير.