تعد سكيكدة واحدة من تلك المدن التي تحتل فيها السياحة جانبا مهما في تحريك الجانب التنموي، سيما وأنها تتوفر على شريط ساحلي بطول 130 كلم، من المرسى شرقا إلى وادي الزهور غربا، وكذا توفرها على 30 كلم من الشواطئ الخلابة بكل من المرسى وقر باز، مرورا بالعربي بن مهيدى؛ حيث يمتد هذا الشاطئ على مسافة 10 كلم، وهو يستقبل كل صائفة ملايين المصطافين الفارين من حرارة الشمس المحرقة بالمدن الداخلية• جمال شواطئ سكيكدة نسجله أيضا بشواطئ كورنيش سطورة، أين تعانق مياه البحر الأبيض المتوسط قمم صخور وجبال أعلى سطورة، المطلة على الشاطئ الكبير ببلدية عين الزويت، المتاخم لشاطئ وادي بيبي، ذو الرمال الذهبية بأعالي تمالوس، ومنه يمتد جمال الشواطئ الخلابة إلى شاطئ بن زويت بكركرة، أين يسحرك جمال المياه الزرقاء وأنت ترتشف فنجان قهوة أو عصير بورتقال من فوق الصخر الممتد إلى عمق البحر والمحتضن لمقهى عبد الغني، الذي يتفنن كل صائفة في صنع ديكور صيفي يسعد المصطاف الراغب في الاستمتاع بزرقة البحر ومنه يزداد البحر زرقة وجمالا كلما اتجهت صوب شواطئ تالزة وعين دولة بالقل، وقد يبلغ السائح قمة الجمال حينما تطأ قدماه رمال شاطئ تمنار وشواطئ أولاد أعطية ووادي الزهور بأقصى الجهة الغربية• يضاف الى هذا الجمال وهذه الروعة روعة أخرى تصنعها غابات وأحراش عين الزويت وأعالي تمالوس بعين الشرايع وأشجار التين وحب الملوك بسيدي منصور، المتاخمة لوادي بيبي وكذا أشجار البلوط والزان ومختلف الفواكه بجبال أعالي القل•• هذه المناظر الخلابة والشواطئ الرائعة برمالها الذهبية تصنع بلاشك ديكورا سياحيا لا نظير له وتؤهل سكيكدة بلاشك لأن تكون مدينة سياحية بمعنى الكلمة، خاصة إذا تم توفير بعض الضروريات للمصطافين أو السياح كالحنفيات العمومية بالقرب من الشواطئ ودورات المياه وحظائر توقف السيارات وتوفير شروط النظافة اللازمة وهو ما تسعى الهيئات المعنية إلى تحقيقه، آملا في بلوغ رقم عشرة ملايين مصطاف هذه السنة، حسب ما أدلى به مصدر مسؤول بمديرية السياحة لجريدة "الفجر"• من جهة ثانية، فإن ما يؤكد حقيقة أن سكيكدة مدينة سياحية ينبغي أن تعجل بالاهتمام بهذا الجانب، هو امتلاكها لثماني مناطق للتوسع السياحي بالعديد من البلديات، تتربع على مساحة إجمالية تقارب 2000 هكتار، بطاقة استيعاب تصل إلى 15 ألف سرير بعد تجسيد هذه المشاريع السياحية ميدانيا، إضافة إلى امتلاكها للعشرات من المواقع الأثرية والثقافية، على غرار المسرح البلدي سابقا، الذي تم ترقيته قبل سنة من اليوم إلى مسرح جهوي والذي يعتبر بحق تحفة معمارية غاية في الجمال الهندسي والمعماري؛ إذ يعود تاريخ بنائه الى بداية القرن الماضي وتحديدا إلى سنة 1912 والذي عرف عدة عمليات ترميم يضاف إلى هذا الموقع الأثري موقع آخر يتمثل في المسرح الروماني الذي يتوفر على زهاء 6 آلاف مقعد بأشكال ملتوية تروي حقيقة تاريخية واحدة وهي أن الحضارة الرومانية قد مرت من سكيكدة، الضاربة في عمق التاريخ، ذات مرة• الزائر لسكيكدة يستمتع بلا ريب ببحرها وشواطئها وغاباتها وأحراشها، كما يستمتع أيضا بمواقعها الأثرية والثقافية، فمتحف روسيكادا الذي يتكون من خمسة أروقة يحتفظ ب 168 قطعة أثرية، تشهد على جميع الحضارات التي عرفتها سكيكدة• ولعل مايصادفك وأنت تلج متحف روسيكادا، الذي فقد قبل سنوات قطعة أثرية، تم استردادها مؤخرا، يصادفك بالرواق الأول الجناح الأيسر تمثال للإمبراطور الروماني "أنطونيوس التقيّ" وعشرات القطع الأخرى المعروضة عبر بقية الأروقة والتي تحكي كل واحدة فيها حقبة تاريخية عرفها سكان "رأس وقادة"، فيما مضى، يضاف إلى ذلك كله إرث تاريخي كبير، تجسده الكنيسة العتيقة بالقل وقصر بن قانة دو الهندسة المعمرية الأندلسية• ولعل ما يختم به السائح زيارته لسكيكدة السياحية هي اقتناؤه بعض الأدوات أو اللوازم التي يتفنن في صنعها حرفيو سكيكدة، فإن كان من هواة الفخار والامداد، قصد مدينة تمالوس وإن كان من هواة السلال، قصد مدينتي كركرة والقل وإن كان من هواة الزخرفة الرخامية، قصد سكيكدة وإن كان من هواة التسوق، قصد السويقة وزقاق عرب، ملقيا ولو نظرة على مسجد سيدي علي الذيب وقهوة طنفور والسبع بيار وبويعلى والماتش وبوعباز ومرج الذيب وشار الأقواس بقلب المدينة، لتكتمل الجولة السياحية بالوقوف بباب البحر ••