تقوم لجنة الاستطلاع البرلمانية، التي تنقلت مؤخرا إلى بريان لجمع المعلومات حول الأحداث الأخيرة التي عاشتها المنطقة، بصياغة تقريرها النهائي قصد تسليمه لرئيس المجلس الشعبي الوطني "عبد العزيز زياري"، الذي سيسلمه لرئيس الحكومة "عبد العزيز بلخادم"، ليقدمه بدوره لرئيس الجمهورية• وبحسب مصدر من داخل اللجنة، فإن أهم ما تضمنه التقرير النهائي هو اقتراح مجموعة من الحلول، قصد معالجة الأزمة من جذورها، ومحاربة كل أشكال العنصرية والتطرف، من خلال تصحيح الأفكار القائمة، التي تعمل على تشويه الأذهان وغرس الكراهية بين سكان المنطقة كافة• وشدد التقرير على رفض تفسير الاضطرابات التي عاشتها بريان خلال هذه السنة تفسيرا طائفيا، وإنما أرجعها إلى مشاكل عرقية بين بني ميزاب والشعانبة؛ حيث يرى كل طرف بأن الطرف الآخر له امتيازات أوسع وأكثر، ما أدى إلى ظهور نوع من الحساسية بين سكان الولاية، تطورت إلى اشتباكات بين بني ميزاب والعرب• وتخوف أعضاء اللجنة الذين رفضوا تسريب معلومات حول المعلومات التي جمعوها، بأن تستغل بعض الأطراف حساسية ولاية غرداية، من خلال العمل على إثارة النعرات الطائفية واللغوية• وأصر النواب الذين كلفوا بالمهمة الاستطلاعية، على أن يتم معالجة الجرح في العمق، من أجل توحيد المنطقة، وجعلها بمنأى عن الانقسام، من خلال التكفل بالظروف الاجتماعية لسكانها، حتى لا تشعر فئة بأنها مهمشة مقارنة بالفئة الأخرى، ومنها القضاء على مشكل السكن والبطالة• وبحسب الانطباعات التي جمعها نواب البرلمان، فإن الشعانبة يشعرون بأنهم أقل حظا من حيث الظروف المادية، مقارنة ببني ميزاب، في حين يرى هؤلاء بأن الإدارة بصفة عامة في الولاية يسيطر عليها الشعانبة، وبأن المناصب التي يحوز عليها بني ميزاب هي جد ضئيلة• ولذلك فإنه بمجرد ارتكاب خطإ من قبل عون في الإدارة، يتم اتهامها بالتواطؤ من الشعانبة وبالانحياز إليهم• ومن جهة أخرى، يصر كل من الشعانبة وبني ميزاب على أنهم أناس مسالمون، فبني ميزاب يقولون بأنهم أناس انشغالهم الوحيد التجارة والدين، ويرفضون جملة وتفصيلا بأن يتم اعتبار الإباضيين خوارج " فالإباضية مذهب ديني وصل إلى المنطقة منذ قرون، ويصرون على أنهم أمازيغ إباضيون فقط"• وبحسب اللجنة ذاتها، فإن المشكل المطروح في غرداية جد معقد، ويحتاج إلى الحنكة والحكمة في معالجته، ذلك أن الأزمة القائمة حاليا لها جذورها التاريخية والسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، فبني ميزاب يرون بأنهم سبقوا العرب إلى المنطقة والعكس، ومع ذلك يرفض سكان الولاية بأن يتم استغلال تركيبتها في أغراض سياسية من قبل البعض، خاصة ميزتها اللغوية والدينية• وهي ترى بأن إفرازات الانتخابات الأخيرة كان لها آثارها الكبيرة على بريان " خصوصا وأن عديدا من سكان المنطقة لم يتقبلوا كثيرا التشكيلة السياسية التي تولت رئاسة المجلس الشعبي البلدي• وقد عقد أعضاء اللجنة البرلمانية التي تنقلت بداية الأسبوع الماضي إلى بريان، سلسلة من الاجتماعات المغلقة منذ عودتهم من مهمة بمقر الغرفة السفلى للبرلمان، وقاموا بتدوين مسودة التقرير النهائي، في انتظار وضع اللمسات الأخيرة عليه، قبل تسليمه إلى "عبد العزيز زياري"، الذي أمر بتشكيل اللجنة ذاتها• وشاب نقاش حاد داخل اللجنة حول أحداث بريان، بسبب اختلاف في وجهات النظر بين أعضائها، بشأن كيفية إعداد التقرير النهائي للجنة، التي ضمت بداخلها نوابا من أبناء المنطقة يدركون جيدا تركيبتها وطبيعتها•