أشار الدكتور "أمين الزاوي" في مداخلته التي افتتح بها العدد الثاني من "أيام وأعلام"، أول أمس، بالمكتبة الوطنية أن الهدف من مثل هذه الملتقيات هو خلق رابط بين شخصيات الماضي وجيل المستقبل، كما أنها فرصة لعرض التنوع الفكري بين مشايخ الجزائر في مشاربهم، وحرية التفكير لديهم ومن بينهم الشيخ "إبراهيم بيوض"، الذي كان له دور فعال في محاربة التعصب والفتن في الجزائر، كما إنه كان من الداعين إلى الوحدة بين الجزائريين فكريا وعقائديا، يضمهم في ذلك بلد واحد، وذلك من خلال استعراض "أمين الزاوي" لدور الشيخ في مواجهة محاولات فصل الصحراء عن الشمال• وزير الشؤون الدينية "أبو عبد الله غلام الله" اعتبر أن الشيخ كان عالما ومثقفا استطاع أن يقتحم كل الميادين السياسية والاجتماعية لإدراكه لدوره الفعال كمرشد ومصلح ومربي وعالم مسلم يسعى إلى خير الأمة، بغض النظر عن توجهات العلماء واختلافاتهم الفكرية• وتطرق الوزير إلى مساهمات الشيخ "بيوض" في إنشاء المعاهد التعليمية لتدريس اللغة العربية والقرآن، ودوره في تأسيس جمعية العلماء المسلمين التي كان أحد أعضائها• ومن جهته، تعرض "عبد الرحمن شيبان" رئيس جمعية العلماء المسلمين إلى سيرة الشيخ "بيوض" وانجازاته، مبينا أنه لم يكن مجرد عالم دين بل كان رجل إصلاح، عمل على التوحيد بين الجزائريين في الجمع بين المذهب المالكي والإباضي، إضافة إلى تصديه لمحاولة فصل الصحراء عن الشمال، كما نوّه إلى أن الشيخ قضى نصف عمره في العمل على تفسير القرآن وتدريسه، والذي أثبت من خلاله قدرته على الوصول إلى التفسير الذي يمكن أن يفهمه الناس، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة إدراج سيرة أعلام الجزائر في المناهج التربوية• أما مداخلة نجل الشيخ "بيوض"، فقد كانت عبارة عن حوصلة لأهم الجوانب التي نبغ فيها الشيخ كمفسر للقرآن الكريم، من خلال دروسه في المساجد وكمفتي ومصلح اجتماعي وعالم فقهي• مشيرا في الوقت نفسه، إلى مساهمات الشيخ في الحياة السياسية في الجزائر والعالم، من خلال متابعته لتداعيات الحربين العالميتين ومشاركته في الثورة الجزائرية، ودوره في إفشال محاولة تقسيم الجزائر وفصل الصحراء عن الشمال• كما تعرض إلى الجوانب التي ميّزت نشاطه الإصلاحي في بناء الفرد والمجتمع ودوره في تقريب المفاهيم بين المذاهب• كما كان الملتقى فرصة للتعرض إلى مجموعة من الدراسات حول فكر الشيخ "بيوض"، قدمها أساتذة مختصون من بينهم الدكتور "مختار حساني" الذي تعرض إلى نوازل الشيخ، والمتعلقة بأسئلة الناس للشيخ وأسئلته هو نفسه لبقية العلماء حول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية، والتي يعتبرها الدكتور وسيلة للتعرف على الظروف المعيشية آنذاك، بتطرقه إلى مقارنة فكرية بين الشيخ "بيوض" والشيخ "المازوني"• وتطرق الدكتور "محمد بوحجام" إلى موضوع الشباب في فكر الشيخ "بيوض"، الذي يرى أنه أولاه اهتماما كبيرا، إدراكا منه لدوره في خدمة المجتمع، من خلال عمله على إعداد الشباب لتحمل المسؤولية، إضافة إلى مداخلة الدكتور "نور الدين سكحال"، الذي تناول موضوع مفهوم الإصلاح عند الشيخ "بيوض"، والذي كان يستهله من الإصلاح الديني للتفرع إلى الميادين الأخرى لقناعته بأن الإصلاح الحقيقي يبدأ بإصلاح الدين والدنيا، كما دعا إلى ضرورة الاهتمام بتراث الشيخ "بيوض" والعمل على إيصاله إلى كل الجزائريين• وضم الملتقى أيضا مداخلات أخرى نشطها مفكرون ومثقفون جزائريون أجمعوا على أهمية الدور الذي لعبه الشيخ "بيوض" في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والدينية، ومساهماته في الإصلاح وعمله على محاربة التعصب والتفرقة بين الجزائريين، من بينهم الدكتور "سليمان الشيخ" والدكتور "سعيد شيبان" و"عمار طالبي" والشيخ "صالح حدبون"•