يحرص سكان الأرياف الواقعة بولاية النعامة وخاصة بالقرى الحدودية لدائرة العين الصفراء على توريث رقصة "الحيدوس" الشهيرة، باعتبارها من أبرز صور الفولكلور الشعبي لتلك المنطقة، من جيل لآخر خوفا عليها من الضياع والاندثار حسب ما أكده هؤلاء السكان• وبحسب هؤلاء القرويين فإن المناسبة في الأعراس تكون موعدا لما يعرف محليا بحضرة "الحيدوس" او"الأحيدوس" حسبما ورد في وكالة الأنباء الجزائرية وهو أصل الكلمة بالأمازيغية، وهي حلقات الرقص المنسجم مع مقاطع الغناء التراثي المحلي الذي تحتفظ به الذاكرة الشفوية• والحيدوس المعروف لدى سكان أرياف العين الصفراء هو رقصة يتداول عليها أي شخص من جمهور الحضور المتفرجين ويحق له أن يستخلف مكان أحد الراقصين، شرط أن يكون على دراية بطريقة التعبير الجسدي واللغوي وحافظا للقصائد المتداولة ومحترما للإيقاع الريتمي للرقصة• والحيدوس هو أيضا فن عريق ولون استجمامي مرح يتقنه حتى العامة من سكان قصور الواحات الواقعة بسلسلة الأطلس الصحراوي• وحسب الباحث "نابتي علي" المتخصص في فنون الفلكور الثقافي المحلي فإن هذا النوع من الرقص الشعبي اشتهرت به المناطق المتاخمة للمغرب الشقيق والعديد من ولايات الجنوب الوهراني عبر عدة حقب متلاحقة، وهو ليس بالطابع المحلي المحض، حيث تتنوع وتختلف رقصة الحيدوس من منطقة الغرب مرورا بالوسط وحتى بجبال الأوراس والقبائل الصغرى حيث لايزال هذا اللون الفني ممارسا، إضافة الى أن هذا الرقص الفولكلوري ترسخ منذ القدم في المنطقة كطابع محلي ومصدر للمتعة في حفلات الأعراس من خلال أداء الحركات المختلفة والمتناسقة التي تشد إليها مئات من الشغوفين بمتابعة تلك اللوحات الفنية الشيقة والاستماع إلى قصائد راقية ذات المعاني العميقة والمملوءة بالحكم والأقوال المأثورة• ويشير الباحث "نابتي" الى أن الحيدوس رقصة أصيلة يمارسها الشيوخ ويشارك فيها الشباب وهم يلبسون زيا تقليديا خاصا يتشكل من العباءات والعمائم وحزام أسود عريض يرتديه الراقص ليساعده على الحركة بسهولة، أما النسوة فيرتدين الإزار المزركش وسترة الرأس الزاهية الألوان ورباطا في منتصف الجسم، كما يراعى جانب توفر الرشاقة والخفة في الحركة والانضباط والانسجام لدى كافة عناصر مجموعة الرقص• وخلال تلك الرقصة تضرب الأرجل بالأرض ويصاحبها التصفيق، وإيقاع الدف والطبل دلالة على العنفوان والرجولة وترافقها أغانٍ تعبر عن عشق الإنسان لعشيرته وأرضه ومواشيه، كما تتضمن كلمات الأغاني أيضا الترحيب بالعائد من السفر وفيها مدح أولياء الله الصالحين والسابقين من المتصوفين، كما تتناول أيضا ذكرى الحبيب وتذكر أوصافه وجماله وخصاله، وفيها الفخر بالوالدين والتغني بالخيل والبارود والفروسية وتفاصيل عن الحياة في البادية واهتمامات الإنسان هناك، وحديث عن حب الوطن والدفاع عن مقوماته وغيرها من المواضيع•