كتاب الداعية عائض القرني "لا تحزن" أكثر الكتب المطلوبة والمقروءة في الجزائر .. هذا ما أظهره استطلاع أجرته مؤخرا إحدى الصحف الوطنية .. والطلب على العنوان المذكور آخذ في التزايد بعد أن صدرت مؤخرا نسخته المترجمة للفرنسية .. ترى ما حكاية الجزائريين مع الحزن ؟ يبدو أن الإنسان الجزائري له علاقة خاصة مع الحزن .. وهو على الدوام قيد البحث عن طريقة .. عن شيء .. عن كتاب .. عن مسلسل تلفزيوني .. عن محل بيزيريا أو أربعة فصول يساعده على خوض تجربة سلام والحصول على راحة داخلية وشيء من المتعة .. لعله وجد في الكتاب المذكور ما يخفف من فطرته الكئيبة ومن طبعه المتوتر .. لعله عثر بين سطوره وخلف كلماته على من أفسده وجعله عندما يقابل المرآة ينخرط معها في حديث آخر.. وفي أسئلة ليست كالأسئلة .. من عجنني بهذا الحزن الأصيل ؟.. من جعلني أردد أغنية سوقية لا أحبها ؟ أستحضر وجه مسؤول أكرهه؟ .. أكلم وجهي و لا أعرف من هو ؟ .. في هذا الوطن يبدو الناس ليسوا أناسا وفقط .. إنهم مادة لحزن أصيل وغم غابر.. إنهم موضوع لتوتر وخوف يظهر كل مرة في شكل جديد .. شيء ما فعل في الجزائري .. كامن فيه .. يخرب طمأنينته بقصد أو بغير قصد .. شيء يكرهه الجزائري ويريد التخلص منه .. وإن بكتاب يقول له "لا تحزن" .. يخبره عن مصدر وجعه .. عن سبب قنوطه .. يدله عن مكان الفرح ويعطيه وصفة ناجعة للحصول على البهجة والسكينة المنشودة .. سعر كتاب "لا تحزن" لا يقل عن 1000 دج وهو مبلغ ليس في متناول المواطن البسيط ومع ذلك التهافت عليه متواصل .. وماذا يعني مبلغ كهذا مقابل الحصول على فرحة مؤجلة على فرج موعود .. سبب رواج هذا الكتاب ليس الدعاية أو الإشهار الكبير الذي حظي به وليس إسم مؤلفه .. إنه ببساطة العنوان .. وحده العنوان صنع المعجزة .. كلمة لا تحزن تدق في قلوب وعقول الجزائريين بطريقة لا يعرفها سواهم .. لها وقع عميق عمق وأصالة حزنهم .. إنهم أبناء ألف حزن وحزن .. ألف أزمة وأزمة .. من يدري قد ينجح هذا الكتاب فيما لم ينجح فيه السياسيون والعرافون .. قد يجدون فيه الإجابة عما يلزم الجزائري لتكون جزائريته مكتملة.. وتكون الأماكن كلها مشتاقة له .. عما يفعل لترضى عليه جغرافيته ويعترف به تاريخه .. الأمن النفسي هو المسألة بالنسبة للإنسان الجزائري .. متى يفهمون ذلك ؟