الجريمة البشعة التي هزت قسنطينة أول أمس والمتمثلة في خراب عائلة بأكملها لم يجد المسؤول الأول عنها طريقا لإفشاء غليله سوى قتل زوجته وأم أولاده الثلاثة قبل أن يجهز هو على نفسه بيديه في مشهد هيتشكوكي أستيقظ على وقعه المتبقين من سكان حي بارد والشعبي الذي يشهد عمليات ترحيل متتابعة يؤكد بما لا يدع مجالا للشك تفشي ظاهرة القتل ببرودة وكأن المرء يتعامل مع ذبيحة في يوم عيد ..فبعض الجزائريين صاروا ينظرون الى قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق من منظور استخفاف ولا اكتراث يهدد المجتمع ويفسد ترابطه وهو ما يستدعي تحرك كل المعنيين من أجهزة أمن وعدالة ورجال دين وعلماء نفس واجتماع قبل أن تتسع دائرة هذا الجنون الذي يبدو أن سنوات الإرهاب الهمجي والتقتيل العشوائي الذي ألحق أضرارا كبيرة ومآسي أكبر بالبلاد والعباد قد غذته لنرى اليوم الابن يذبح أمه من الوريد الى الوريد والزوج يقتل زوجته والأخ يجهز على أخيه ولا حديث عن القتل الإجرامي بين الأشخاص لأسباب تتعلق بصراعاتهم وحتى لأتفه الأسباب.. كنا ولسنوات وقبل دخول البلاد في دوامة العنف والإرهاب والتخريب والتقتيل قلما نسمع عن جريمة قتل ونادرا ما تسجل جريمة قتل بين الأصول والمحارم.. أتذكر جيدا عندما وجد إمام مسجد بمدينة حامة بوزيان بقسنطينة مقتولا داخل المايضة مطلع الثمانينات كيف اهتز المجتمع الجزائري وكانت الواقعة حديث العام والخواص وسط تعجب كبير أما اليوم ومع الأسف الشديد فالقتل يكاد يؤسس له عند بعض المنحرفين وحتى عقال مثل هذا الشخص الذي قتل زوجته وانتحر فهو مثقف وموظف بصندوق الضمان الاجتماعي وكقبله ذاك الشاب المتعلم ابن الأستاذ الجامعي الذي ذبح أمه وقتل شقيقه بقسنطينة أيضا والجرائم من هذا النوع كثيرة ولا يوجد الاستثناء في ولاية دون غيرها من ولايات القطر . المحزن أيضا أن تسجل مثل هذه الجرائم في عز شهر الصيام والمتعارف عليه أن الصوم حجاب ضربه الله على جوارح الاتسان لتمنع عن الحرام وأن الشديد ليس بالقوة بل من يملك نفسه وقت الغضب وأن الرجل ليس من يتعارك مع زوجته من منطلق المثل الشعبي : "مغلوبتي مرتي " فإلى متى هذا الجنون؟