وفي دراسته الافتتاحية "محمود درويش: لماذا؟" كتب رئيس التحرير صبري حافظ: لأن محمود درويش كان شاعرا ومبدعا ومفكرا استثنائيا في مسيرة ثقافتنا العربية الحديثة، فقد استطاع درويش كما استطاع الراحل الكبير إدوارد سعيد قبله أن يكون تجسيدا حيا لأفضل ما يمكن أن تقدمه الثقافة العربية والقضية الفلسطينية لثقافتنا وللعالم معا. فلا يمكن حقيقة سبر أغوار أهمية أي منهما، وحقيقة المشاعر التي أحاطتهما الثقافة العربية بها، دون فلسطين. لذلك كان رحيل محمود درويش إثر عملية جراحية مخفقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر خسارة لحقت بالقضية الفلسطينية منذ موت إدوارد سعيد، بل وفي حالة محمود درويش خاصة وبالثقافة العربية ذاتها. وفي دراسته " تلاحم عسير للشعر وللذاكرة الجمعية " كتب إدوارد سعيد: ودرويش، مثل أقرانه الغربيين القلّة، فنّان تقني مدهش يستخدم التراث العروضي العربي الفنّي والفريد بطرق تجديدية وجديدة على الدوام. ذلك يتيح له أن ينجز أمراً بالغ النُدرة في الشعر العربي الحديث: براعة أسلوبية فائقة وفذّة، ممتزجة بحسّ بالعبارة الشعرية يجعلها أشبه بالمنحوتة بإزميل، بسيطة في نهاية الأمر لأنها بالغة الصفاء. وفي" محمود درويش: التعاقد الشاقّ " كتب صبحي حديدي عن أسباب الموقع الفريد الذي حظي به محمود درويش في الثقافة العربية الحديثة فقد توفّرت للشاعر أسباب موضوعية وأخرى ذاتية لبلوغ هذا الموقع، وفي" السيرة في إطار الشعر" يتناول خليل الشيخ ديوان"لماذا تركت الحصان وحيدا" ويوضح كيف يجسد هذا الديوان مشروع درويش لكتابة سيرة ذاتية، كما توقفت الدراسة عند ملامح سيرة درويش في قصائده قبل هذا الديوان. و كتب خيري دومة في"محمود درويش وصاحبه في مكان البُعْد" عن كتاب في حضرة الغياب الذي أثار الكتاب عند نشره صدى واسعًا، وأخذت الجميعَ هذه اللغةُ التي تقع في مكان غامض بين الشعر والنثر، وهذه الصيغةُ الخاصة جدًّا من كتابة السيرة الذاتية. كما نقرأ في باب دراسات: "هوامش الأمة ومنفى المقتلعين " لعلي بدر، و" ذاكرة ليست للنسيان" ليحي بن الوليد، و " فعل القراءة وتأزّم التمثيل " لستيفن هيث، و"الهوية وسؤال المصير" لعبد السلام ناس عبد الكريم، و" مبدأ المقاومة وأشكالها الشعرية" لمحمد معتصم، و"حركية الرؤيا في أحمد الزعتر" لغالية خوجة، و"بين أثر الفراشة و على محطة قطار سقط عن الخريطة " لخالد كساب محاميد، و" في حضرة الغياب" سيرة تزهد في التفاصيل " لميلود بنباقي، و"الرمز الشعري لدى محمود درويش" لرشيدة أغبال، و"الشعر المحمود" لأحمد العمراوي، و"بذرة خضراء جديدة " لتوفيق أبو شومر، و" أسلوب الاستفهام في شعر محمود درويش" لزهير أحمد سعيد آل سيف، و" الأب في شعر محمود درويش والشعر العبري" للسيد نجم. وحرص هذا العدد الخاص على أن يكون عددا لمحمود درويش في نفس الوقت الذي يكون فيه عددا عنه، فنقرأ في باب" نصوص درويش" مجموعة من نصوصه الشعرية والنثرية التي تكشف عن بعض ملامح ثراء إنتاجه الإبداعي. وخصصت المجلة بابا لمراثي الشاعر التي تغطي كل الساحة الثقافية العربية من البحرين وحتى المغرب. كما خصصت المجلة قسما للمقالات الوداعية فلم يقتصر التعبير عن فداحة الفقدان ووجع الغياب على الشعر وحده، وإنما قام النثر بنصيب وافر من هذا التعبير، وانطلق كل من عرف الشاعر الكبير من أصدقائه ومحبيه إلى من لم يعرفوه إلا من خلال شعره وحده، ومن المثقفين إلى السياسيين والصحفيين ليعبر كل بطريقته عن أثر هذا الشاعر الكبير على العقل والوجدان العربيين. ومن الذين شاركوا في هذا الباب: سعدي يوسف، برايتن برايتنباخ، عبد الباري عطوان، جمال الغيطاني، علي خشان، المتوكل طه ، محمد برادة، فواز طرابلسي، عبدالمنعم رمضان، محمد بنّيس، الياس خوري، إيمان مرسال، أحمد ابراهيم الفقيه، الطاهر بن جلون، أحمد الخميسي، محمد الأشعري، علي الشرقاوي. وفي باب علامات قدمت أثير محمد علي" في ألق البدايات: شاعر شاب من الأرض المحتلة " موادا مختارة تعود لعام 1968، ولفترات كان فيها الشاعر الشاب محمود درويش معتقلاً في سجون الاحتلال. وتكشف هذه المواد عن ردود الأفعال على انبثاق موهبته العارمة. كما تقدم زهرة زيراوي في هذا الباب وثيقة تنشر لأول مرة لمنح محمود درويش الدكتوراة الفخرية من جامعة لوفان البليجيكية عام 1998، بالإضافة إلى مقالة رجاء النقاش" مطلوب محاولة عالمية لإنقاذ هذا الشاعر" . ولا يقتصر حضور محمود درويش المباشر في هذا العدد على نصوصه الشعرية والنثرية، ونقرأ في باب مواجهات مجموعة من المواجهات واللقاءات النقدية معه،أجراها معه كل من: محمد دكروب وفيصل درّاج وسامر أبوهواش وحسن نجمي وسيد محمود وصحيفة الاتحاد. وتقدم المجلة في باب" في قلب العالم " بعض أصداء رحيل الشاعر في اللغتين الانجليزية والفرنسية. بالاضافة إلى رسائل وتقارير تكشف صدى رحيل الشعر في البلاد العربية.