قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى: اعلموا أن الله تعالى جعل للحوادث أسباباً، وفتح للمطالب أبواباً، فاطلبوا الأمور بأسبابها، وادخلوا البيوت من أبوابها، فلا يقعد الطالب عن الدراسة ويطلب النجاح، ولا ينتظر الفلاح الحصاد من غير حرث ولا بذار، ولا ترقب الأمة النصر من غير استعداد ولا جهاد، فإن الذي قال لنا: "ادعوا" هو الذي قال: "اعملوا"، ونحن نؤمن بالكتاب كله، لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، والقدوة والأسوة في سيرة رسول الله ص، وأكرم الناس على الله رسول الله ص، فمن استنفد الأسباب، وغلقت في وجهه الأبواب، فليمدد يديه وليقل: يا ألله، يجد الله سميعاً مجيباً، كريماً رحيماً، وما خاب قط امرؤ قال: يا ألله. فإن كنت تاجراً فاعمل دائماً على توسيع تجارتك وعلى تكثير بضاعتك وعلى زيادة دخلك، ولكن لا تغشّ ولا تسرف ولا تحتكر، وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، ثم ارض بما قسم الله لك، فلا تأس على ما فاتك أسى يملأ نفسك حزناً واكتئاباً، ولا تفرح بما آتاك الله فرحاً يطغيك ويخرجك عما يرضيه عنك، وإن كنت موظفاً فاعمل على أن ترتفع درجتك، وأن يزيد مرتبك، لكن لا تسلك غير طريق الحق ولا تضع كرامتك، ولا تخالف شرع ربك. أما المسلم فلا ينتحر أبداً، ولا ييأس أبداً، لأنه يعلم أنه مهما سُدت من حوله الطرق وتعذر عليه المسير، وحاقت به الشدائد، فإن طريق السماء لا يغلق أبداً، وإن سدت الأبواب كلها فإن باب الله مفتوح دائماً، فمدوا أيديكم إذا ضاقت بكم أبواب الرزق أو حاقت بكم المصائب وقولوا: يا رب.. فإن أردتم مخرجاً من ضيقكم فبتقوى الله، وإذا أردتم رزقاً من جهة لا تعرفونها فبتقوى الله، وتقوى الله فيها من ذلك كله اطمئنان النفس، واطمئنان النفس أعظم نعم الحياة.