انهارت أسعار البترول، أمس، إلى ما دون 35 دولارا لبرميل البرنت، لتبدد آمال الحكومة في استدراك التأخر المسجل منذ بداية الأزمة قبل عام ونصف، أو لتغطية العجز المالي الشامل على مستوى الميزان التجاري، ميزان المدفوعات وكذا الخزينة العمومية. وسجلت أسعار النفط في بورصة لندن 34,9 دولار، وهو مستوى أقل بكثير من السعر المرجعي المقرر في إعداد قوانين المالية في الجزائر وتوزيع الميزانيات على القطاعات الوزارية سنويا، وعلى هذا الأساس فإن المستوى الحالي سيرهق أكثر صناديق الإنقاذ، لاسيما صندوق ضبط الإيرادات المطالب بتغطية فرق الخسائر المسجلة بسبب تهاوي أسعار المواد الطاقوية في العالم. ويعتبر المستوى المسجل في أسعار "الذهب الأسود" الأضعف منذ 11 سنة ونصف، أي منذ جويلية من عام 2004، وهي مؤشرات تؤكد كل الأرقام أنها ستسمر خلال الأشهر المقبلة على أقل تقدير، تبعا للمعطيات المتعلقة بانكماش الطلب العالمي جراء تباطؤ النشاط الاقتصادي، مقابل ارتفاع الكميات المعروضة في السوق، في ظل تطوير الولاياتالمتحدةالأمريكية البترول الصخري وتوجهها للتصدير ورفع العقوبات عن المنتوج الإيراني بعد توصل طهران والغرب إلى اتفاق حول برنامجها النووي. وتخيم الإسقاطات الجيوسياسية، كذلك، على أسعار النفط مع بوادر أزمة بين المملكة العربية السعودية وإيران التي تقضي على أي اتفاق لتخفيض سقف الإنتاج بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجين من خارجها، إذ تمتلك السعودية مع إيران مخزونات نفطية تصل إلى 400 مليار برميل، ومعظم تلك الكميات موجودة في حقول قريبة من مضيق هرمز الذي يمكن لأي مواجهة بينهما أن تؤدي إلى تعطيل الملاحة فيه، وقطع إمدادات نفطية تقدر ب17 مليون برميل يوميا عن الأسواق العالمية، ما يعني أن المواجهة الكلامية بين البلدين يفترض أن تشعل قلق الأسواق العالمية. وتعكس هذه الأرقام أن أسعار البترول التي فقدت 30 في المائة من قيمتها خلال السنة 2015 فقط، تعرف مستوى أخطر في بداية السنة الحالية، بينما فضلت الدول المنتجة من منظمة "أوبك"، في اجتماعها الأخير شهر ديسمبر الماضي، التمسك بنفس الكميات المطروحة في سوق يعاني من "تخمة" في العرض، والتي تصل إلى حدود 32 مليون برميل في اليوم، في ظل رفض العربية السعودية ودول الخليج عامة التراجع عن حصتها المسوقة عالميا.