فرقت قوات الأمن نحو 70 متظاهرا خلال محاولتهم تنظيم مسيرة تنطلق من ساحة الشهداء إلى ساحة الوئام المدني ، حيث كان زعيم الأرسيدي يتقدم المتظاهرين الذين رددوا شعارات مناهضة للنظام. ولم ترق مظاهرةاليوم،على مصاف المظاهرتين التين نظمتا الأسبوعين الماضيين،تحت لواء التنسيقية الوطنية للديمقراطية و التغيير،بسبب عدم مشاركة التنظيمات المجتمع المدني وعلى رأسها رابطة حقوق الإنسان التي يرأسها مصطفى بوشاشي، بينما سجل الرئيس الشرفي للرابطة علي يحي عبد النور حضوره ولم يشارك في مظاهرة أمس، سوى جناح الأحزاب السياسية في التنسيقية، وعلى رأسها التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية. وردد المتظاهرون شعارات مناهضة للنظام " كيسقط النظام "و" الشعب يريد إسقاط النظام"،غير أن هتافات المتظاهرين اصطدمت بأصوات معادية للمسيرة و للأرسيدي، حيث تجمع حوالي 40 شخصا من سكان الأحياء المجاورة و من القصبة ضد المتظاهرين ، ورددوا بدورهم شعارات مؤيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، نفس ما حدث خلال المظاهرتين السابقتين في ساحة أول ماي عندما انتفض شباب الحي ضد المتظاهرين وحالوا طردهم من ساحة أول ماي. ولوحظ رئيس الأرسيدي يهتف بأعلى صوت ضد النظام ، وصعد فوق سيارة تابعة للشرطة ، قبل أن ينزل منها بعد ملاحقته من قبل أعوان الأمن، بساحة الشهداء، كما سجل خلال المظاهرة إصابة نائب عن التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية بالمجلس الشعبي الوطني محمد خندق بوعكة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى من طرف أعوان الحماية المدنية. وقال سعدي في تصريحات على هامش المسيرة الممنوعة: " سنواصل التظاهر كل يوم سبت ونحاول توسيع الاحتجاجات إلى كل الولايات إلى غاية إسقاط النظام" " وأضاف " نحن اليوم محاصرون وهذا يتنافى مع رفع حالة الطوارئ وهو قرار موجه للاستهلاك الخارجي"، وشهدت مسيرة الأمس، تدخلات بالقوة من قبل أعوان الشرطة، حيث لم يجد الصحفيون الطريقة المثلى للقيام بمهامهم على أحسن وجه، وتعرض مراسل إحدى القنوات الفضائية إلى السقوط أرضا بفعل تدافع عناصر الشرطة، كما تدافع عناصر الشرطة مع المحتجين بقوة. وشهدت العاصمة منذ أول أمس الجمعة تعزيزات أمنية كبيرة ، والتحقت بها أسراب من شاحنات الشرطة، وشددت القوات الأمنية من حواجزها الأمنية عبر الطرق السريع المدخل على العاصمة، ما تسبب أمس، في إحداث طوابير جد طويلة في الطريق السريع وصلت إلى حدود باب الزوار شرقا. و كان وزير الداخلية و الجماعات المحلية دحو ولد قابلية قد أكد يوم الخميس أنه لم يتم إيداع أي طلب ترخيص لتنظيم مسيرة بالعاصمة على مستوى المصالح المعنية. وبات واضحا أن تنسيقية التغيير التي درجت على تنظيم المسيرات كل يوم السبت ، ضعف موقفها كثيرا بفعل انقسامها إلى تيارين بين مجتمع مدني و أحزاب سياسية على اثر اجتماع مثير عقد يوم الثلاثاء الماضي. كما قررت عدة أطراف من هذه التنسيقية عدم المشاركة في هذه المسيرة و يتعلق الأمر بكل من الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان و النقابة المستقلة لعمال التربية و التكوين و المجلس الوطني للتعليم العالي و اللجنة الوطنية للبطالين و جمعية الجزائر السلمية. ورأت هذه التنظيمات خلال نفس الاجتماع بان الأحزاب السياسية لا يجب أن تشارك في حركتهم الاحتجاجية خوفا من "التلاعب بالشباب واستعمالهم" مؤكدة أن "تنظيم مسيرة كل يوم سبت لا معنى له إذا لم نقم بتقييم نتائج الحركة و آفاقها".
مدلسي .. الشعب عانى من حرب أهلية ولا يمكنه مناصرة دعاة المسيرات
في نفس السياق،أكد وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن "فشل" التعبئة الحالية للنداءات الداعية إلى تنظيم مسيرات احتجاجية يفسر بهدوء الشعب الجزائري الذي عانى من حرب أهلية دامت عشر سنوات. و صرح مدلسي الذي كان الضيف الاستثنائي لنقاش "بيبلييوتيك ميديسيس" للقناة البرلمانية الفرنسية بث مساء أمس الجمعة قائلا "اعتقد أن الذين حاولوا جلب الانتباه إلى التقدم الذي يتعين على الجزائر أن تحققه قد قدموا مساهمتهم حتى و إن كانوا أقلية و لكن الفشل إن كان هناك فشل يفسر بهدوء الشعب الجزائري". و اعتبر رئيس الدبلوماسية الجزائرية انه يجب "التساؤل لماذا هذا الشعب الجزائري هاديء لهذه الدرجة اليوم في حين هناك أحداث تشتعل حوله" في تلميح إلى الحركات الاحتجاجية الأخيرة أو الثورات في بعض البلدان العربية. و في رده عن سؤال حول ما إذا كانت الجزائر أيضا متأهبة عقب الحركات الاحتجاجية في البلدان العربية قال السيد مدلسي انه لا يرى كيف يمكن للجزائر أن لا تنظر "باهتمام" إلى ما يحدث في المنطقة مذكرا انه حدث بالجزائر سنة 1988 حركة "تشبه كثيرا الحركات التي لوحظت في تونس و مصر". و أضاف قائلا "أود أن اذكر بأنه وقعت بالجزائر سنة 1988.
و كوننا انطلقنا في هذه الحركة منذ أزيد من 20 سنة فهذا يعبر جيدا عن خصوصية حالة الجزائر". و ذكر الوزير أيضا بان الجزائر خرجت من حرب أهلية دامت عشر سنوات و التي "تركت آثارا بالغة في ذاكرة الجزائريين و في أجسادهم". و ردا على سؤال بخصوص منع تنظيم المسيرات في الجزائر العاصمة على الرغم من رفع حالة الطوارئ قال الوزير أن أحداث الشغب الدامية التي وقعت سنة 2001 في الجزائر العاصمة ما زالت في الذاكرة. "بالنسبة للجزائري الذي خسر مئات و آلاف الإخوان و الأخوات خلال حرب أهلية فان قطرة دم واحدة تسيل هي عبارة عن كارثة". و أوضح السيد مدلسي أن "حق الإنسان هذا الذي نريد تعزيزه علينا تطبيقه نحن أكثر من الآخرين لأننا لسوء الحظ جد متحسسين حول مسائل الأمن و علينا أن نطبقه أولا خدمة لامن مواطنينا". و عن سؤال حول معرفة ما إذا كان رفع حالة الطوارئ الساري منذ 19 سنة و الإجراءات الأخرى التي اتخذت مؤخرا من طرف السلطة ليست متأثرة "بالضغوطات الشعبية و بما يحدث في البلدان الأخرى" أجاب الوزير: "بكل صراحة لا أجيب أبدا بلا" فمن الطبيعي أن علينا التمعن في المؤشرات الداخلية للبلاد و في المؤشرات الموجودة عند جيران بلدنا العناصر التي يجب أن تقودنا لان نكون ليس فقط أكثر حذرا و لكن أيضا أكثر نجاعة".