بعد أسبوع ثالث من الاستقبالات المتنوعة شملت شخصيات دينية و سياسية وطنية و فوج اول من ممثلي الحركة الجمعوية ستعقد هيئة المشاورات حول الاصلاحات السياسية بداية من امس الثلاثاء و لمدة ثلاثة أيام سلسلة من الاجتماعات الداخلية التنظيمية. وستستأنف الهيئة يوم السبت القادم لقاءاتها مع بقية ممثلي الاحزاب و تنظيمات المجتمع المدني والحركة الجمعوية والشخصيات السياسية الوطنية الذين وجهت لهم الدعوة. وكانت الهيئة قد استقبلت في بداية الاسبوع الجاري شخصيات دينية و سياسية و يتعلق الامر بالسادة عبد الحميد مهري و الدكتور الشيخ بوعمران واسقف الجزائر السابق هنري تيسي و فوج أول من ممثلي الحركة الجمعوية و وفد عن المنظمات النسوية الناشطة في المجتمع المدني و عدد من نقابات قطاع التربية الوطنية. وقد اعتبر الاسقف هنري تيسيي دعوته للمشاركة في المشاورات حول الاصلاحات السياسية بانها تؤكد بأن الجزائر بلد مفتوح على كل المواطنين مهما كانت "معتقداتهم الدينية و السياسية و ثقافاتهم طالما أنهم يعملون لفائدة هذا الوطن". وبشأن العلاقة بن الشعوب و الاديان قال الاسقف السابق للجزائر أن العصر الحالي " يتطلب حوارا بين الاشخاص سواء كانوا مسلمين او مسيحيين مضيفا في نفس السياق انه لا يجب "العودة إلى عصر التنافس لأننا في زمن يستدعي التعاون و التعايش و التفاهم و هو ما تقوم به الجزائر في كل المناسبات". ومن جهته أكد عبد الحميد مهري الذي نزل ضيفا على الهيئة يوم السبت الماضي أن الإصلاح "الحقيقي و العميق" في حاجة إلى "إشراك أوسع" لكل القوى السياسية دون أي إقصاء. وحسب تقدير الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني فإن "المسعى المراد و الذي ينتظره الشعب لا يجب أن يكون خاضعا لمنطق ألاغلبية بل لا بد وأن يكون نتيجة إجماع او ما يقرب من الإجماع لكل القوى السياسية". و للخروج برؤية موحدة تحدد الاصلاحات السياسية الواجب القيام بها اقترح مهري تنظيم "ندوة وطنية سياسية تشارك فيها كل القوى السياسية للخروج بوثيقة مرجعية تمكن من تحديد اهداف الاصلاح في البلاد و مراحله و طرقه". وبدوره أبرز الدكتور بوعمران رئيس المجلس الاسلامي الاعلى "أهمية التربية الاسلامية الصحيحة" في تكوين الاجيال مؤكدا بان هذه التربية "تجنب الشباب الوقوع في الآفات الاجتماعية خاصة المخدرات و العنف" دعيا إلى "عمل توعوي" تضطلع به العديد من الاطراف. ومن جهة ثانية ثمن ممثلو خمس جمعيات مبادرة تنظيم هذه المشاورات الخاصة باجراء تعديلات على الدستور و القوانين التي تنظم الممارسة الديمقراطية في الجزائر واشراك المواطنين في تجسيد الاصلاحات ميدانيا. وفي هذا الصدد شدد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة و تطوير البحث مصطفى خياطي على ضرورة ايلاء الأهمية لملفات الطفولة و الشبيبة و التربية و الصحة. أما الامين العام للمنظمة الوطنية للتواصل بين الاجيال عبد الحفيظ لحول فقد اعتبر أن "النظام الرئاسي هو الاقرب للشعب الجزائري" من أجل "ضمان اكبر استقرار للحكومة". و دعا لحول في إطار مقترحاته للهيئة إلى "إعادة النظر في تركيبة المجلس الدستوري من خلال ضمه لشخصيات وطنية و كفاءات علمية". وبخوص المجال الاعلامي طالب الامين العام للمنظمة الوطنية للتواصل بين الاجيال بضرورة "فتح المجال السمعي البصري للكفاءات الجزائرية و ليس للبزنسة برؤوس الاموال" على حد تعبيره. وبدوره استعرض رئيس الكنفدرالية الوطنية الاستشارية و التنسيقية للحركة الجمعوية عبد الكريم عبيدات مشروع منظمته من خلال إنشاء "برلمان وطني للمجتمع المدني والحركة الجمعوية" الذي يعد حسبه أول تجربة من نوعها في العالم. ومن جهتها أكدت المنظمات النسوية التي استقبلتها الهيئة على ضرورة الممارسة الفعلية من قبل المرأة للحقوت التي منحها اياها الدستور فيما طالب ممثلو نقابات مستقلة لقطاع التربية الوطنية بمشاركة هذه النقابات في اجتماعات الثلاثية (الحكومة-الاتحاد العام للعمال الجزائريين-أرباب العمل). وكانت هيئة المشاورات حول الإصلاحات السياسية قد أكدت يوم السبت الماضي على لسان ناطقها الرسمي محمد علي بوغازي أن المشاورات السياسية تتوخى "تكريس اصلاحات عميقة" و تهدف إلى "تعزيز المسار الديمقراطي و تفعيل الحراك السياسي" في الجزائر. وأضاف المتحدث أن هذه الاصلاحات التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ترمي أيضا إلى "أخلقة الحياة السياسية و إضفاء مصداقية على العملية الانتخابية" من أجل منح الجزائر "مؤسسات تمثيلة لا يشوبها ما يطعن في شرعيتها". و يذكر أنه بعد الانتهاء من هذه المشاورات في آخر شهر جوان القادم ستقوم الهيئة بإعداد التقرير النهائي و المفصل الذي سيتضمن كل الآراء و المقترحات "بأمانة" ليسلم إلى رئيس الجمهورية حتى يتسنى له اعطاء التوجيهات "اللازمة" إلى الحكومة التي تعد على أساسه مشاريع قوانين تقدمها إلى البرلمان في دورة الخريف القادمة.