تم مؤخرا إصدار كتاب تاريخي حول ثورة نوفمبر والحركة الوطنية والكفاح المسلح بمنطقة زكار وكذا أهم الأحداث التي ميزت الكفاح في هذه المنطقة من توقيع شايشي بغدادي بعنوان حرب التحرير في عيون طالب ثانوي، الولاية الرابعة 1956-1962. ويتطرق الكاتب في مؤلفه (475 صفحة)، الصادر عن منشورات دحلب، إلى أهم المراحل التاريخية التي مر بها منذ بداية كفاحه من أجل قضية الاستقلال. ويفتتح المؤلف كتابه بعرض الوقائع التي حدثت بمنطقة زكار والجزائر برمتها تحت ويلات الاستعمار في بداية القرن ال20 من خلال استعراض بالتفصيل قانون الأهالي والتمييز الذي نتج عن ذلك وفرض بالقوة آنذاك. كما تطرق إلى سياسة التنصير التي انتهجتها الإدارة الاستعمارية والسنين الضنكة التي عاشها السكان خلال الحرب العالمية الثانية التي سادها الجوع والفقر المدقع والأمراض، إضافة إلى مشواره الدراسي بالمدرسة القرآنية لسيدي معمر ثم بمدرسة تكوين الأهالي فالثانوية. وفي مذكراته، يعود شايشي بغدادي إلى الحركة الوطنية في الجزائر وبمنطقة مليانة لاسيما النضال في حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية والحزب الشيوعي الجزائري والكشافة الجزائرية والفرق الرياضية. وبعد إضراب الطلاب سنة 1956، التحق شايشي بغدادي بالجبل في 23 ماي رفقة عشرين شخصا. وبعد تدريب عسكري، شنت المجموعة الكفاح المسلح الفعلي في المنطقة من خلال تنفيذ ثمانية عمليات منها الهجوم على مراكز شرطة ودار البلدية بناحية لوفاشير (بن علال حاليا) واغتيال شرطي ومراقبة بعض الطرق بالمنطقة. ويتناول الأديب هجوم تيزي فرانكو تحت قيادة المسؤول الأول للمنطقة سي العربي ومؤتمر بني ميسرة الذي جاء ليعلم المسؤولين بانعقاد مؤتمر الصومام بتاريخ 20 أوت 1956. وكان مكلفا بالرد على الدعاية وتشتيت القوى الاستعمارية واطلاع الساكنة على أهداف هذه العملية التابعة لجيش التحرير وجبهة التحرير الوطنيين في إطار عمل مركز الصحافة والإعلام. كما يسرد، من جهة أخرى، المساهمة الفعالة للجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا، وكذا عمليات الفيدرالية التابعة لجبهة التحرير الوطني بفرنسا التي عملت على توعية المفكرين الفرنسيين بقضية استقلال الجزائر بما في ذلك جون بول سارتر وسيمون بوفوار، ناهيك عن إشراك مناضلين من الحزب الشيوعي الفرنسي، مستشهدا بالعمليات العسكرية التي قادتها الولاية السابعة في الأراضي الفرنسية. ويروي شايشي بغدادي لقاءه مع سي الحواس بجبال الأوراس أثناء رحلته إلى تونس، ومحاولته الفاشلة في عبور خط موريس الذي يصفه بدقة، ومن ثمة دخوله إلى تونس بعدما تمكن من تجاوز الخط من الجانب الجنوبي. ويتطرق الأديب كذلك إلى تكوينه في صفوف المدارس العسكرية بسوريا ومصر وروسيا ابتداء من سنة 1958، وذلك بفضل مساعدة عبد الحميد مهري والعقيد أوعمران اللذان نجحا في افتكاك تكوين لصالح دفعة من الشباب العسكريين الجزائريين. ويأتي هذا التأليف موضحا بألبوم صور من الأرشيف بحيث تستعرض بالخصوص مسار وتكوين صاحب الكتاب. أمضى الكاتب، المولود سنة 1936 بمدينة خميس مليانة، مساره المهني غداة الاستقلال في الطيران، قبل أن يتم تعيينه كملحق بالدفاع بباريس وبروكسل.