مواطنون يتسائلون: هل يعلم صيودة بالخطر الذي يتربص بالعاصميين؟ داء الكَلَب يكلّف الدولة أزيد من 700 مليون دج سنوياً تسجيل 10 وفيات بسبب داء الكَلَب سنة 2019 باتت ظاهرة تجول الكلاب الضالة بأرقى الشوارع والبلديات، واحدة من المشاكل الكبرى التي تؤرق المواطنين، أين توسعت بؤرة مخاوفهم من الخطورة اللامتناهية بسبب تجول هذه الأخيرة بأرجاء العديد من الأحياء، رغم أنها تشهد كثافة سكانية مرتفعة، كما أنها ليست بعيدة عن أنظار المسؤولين، الأمر الذي خلّف العديد من التساؤلات في أذهان المواطنين حول سبب استمرار هذا الواقع في ظل غياب السلطات المعنية، وعلى رأسها الولائية التي كان من الأجدر عليها، حسبهم، أن تسعى لوضع حد لهذا المشكل من خلال تنظيم حملات للقضاء على الحيوانات الضالة التي تهدد سلامة المواطنين. أثار العديد من سكان العاصمة مشكل انتشار الكلاب الضالة بشكل منقطع النظير خلال الآونة الأخيرة، مما بات سببا في تسلل الذعر والخوف إلى نفوسهم، أين وجدوا أنفسهم مكتوفي الأيدي في مجابهة هذا المشكل في ظل افتقارهم للإمكانيات التي تسمح لهم بالقضاء عليها، وهو الواقع في عدد لا منتهي من بلديات العاصمة على غرار الدرارية، بوزريعة، الكاليتوس، خرايسية وغيرها من البلديات التي بات التجول فيها امرا غير ممكن لذات السبب. تلاميذ يخاطرون بحياتهم للوصول إلى المدارس نظرا لذات الوضع عبر عدد كبير من أولياء التلاميذ عن المخاوف اليومية التي تحوم حولهم حين توجه أبنائهم إلى مقاعد الدراسة، خاصة بعد أن أصبحت مواجهة الكلاب الضالة أمرا محتوما لا مفر منه، موضحين أنهم ولذات السبب يجدون أنفسهم مضطرين لمصاحبة أبناءهم إلى مدارسهم على الرغم من كثرة مشاغلهم، إلا أن حرصهم على سلامة فلذات أكبادهم تحتل صدارة أولوياتهم، وهو ما يدفع ذلك بالكثير من أولياء الأمور إلى التجمع أمام أبواب المدارس لانتظار أبنائهم الذين لا يسمح لهم سنهم الصغير على مواجهة خطورة الوضع. أكوام النفايات تستقطب قطعان الكلاب وفي ذات الشأن، تحدث المواطنون عن واحد من أهم الأسباب التي تستقطب الكلاب المتشردة وتجعلها تتجول بين أرجاء الأحياء والبلديات، وهو انتشار أكوام النفايات بشكل كبير، حيث أوضح المتحدثون أن عدم قيام مصالح المجالس الشعبية البلدية والمؤسسات المسؤولة عن النظافة والتطهير بعملها على أكمل وجه، مما ساهم بنسبة كبيرة في انتشار هذه الظاهرة كون أن هذه الأخيرة تعد محل استقطاب الحيوانات من هذا النوع التي تجد في هذه النفايات مصدر لغذائها، وقد أضاف المواطنون في انه يجد على السلطات المحلية وكذا على المواطنين التحلي بروح المسؤولية لمجابهة المشكل، خاصة وأن تنظيف الأحياء من شأنه أن يحد من انتشار الكلاب الضالة بشك كبير. الأسواق الجوارية المهجورة.. ملاذ آمن للكلاب وفي ذات الصدد، أثار العديد من المواطنين ظاهرة وجود العديد من الأسواق الجوارية المهجورة، والتي لم تدخل حيز الخدمة منذ العديد من سنوات، مما جعلها وكرا لهذه الحيوانات الضالة، حيث أبدى هؤلاء المتحدثين استياءهم من وجود مثل هذه المرافق غير المستغلة والتي خصصت لانجازها ميزانيات معتبرة، لتتحول لوكر لمختلف الحيوانات الضالة، وهو الحال على مستوى حي بني عبيدة بالخرايسية، اين تحول السوق الجواري المنجز على مستواه، والذي انتهت الأشغال به قبل سنوات عديدة، إلى ملجئ لاختباء الحيوانات. إنتشار الكلاب الضالة يعيق تحركات المواطنين وفي ذات الشأن، أوضح العديد من السكان أن تواصل هذا الوضع جعلهم يحدون من نشاطاتهم اليومية، خاصة بالنسبة للطلبة والعمال الذين يتوجهون إلى محطات الحافلات والقطارات باكرا، وهو الوضع الذي تتفاقم حدته في مثل هذا الوقت من السنة الذي يعرف بتأخر شروق الشمس ما يجعل تجولهم في الظلام الدامس خطرا كبيرا، وهو نفس السبب الذي يمنع الأطفال من ممارسة حقهم في اللعب ما دام محيطهم غير آمن. وفي سياق متصل، أعرب العديد من المصلين عن تضررهم من الوضع ذاته، أين أوضحوا أنهم لم يسلموا من اعتداءات الكلاب التي تعترض طريقهم إلى المساجد، جاعلة سعيهم إليها أمرا يثير مخاوفهم، الوضع الذي يدفع بهم إلى اصطحاب عصي خشبية تحسبا لأي اعتداءات قد تعرضهم للخطر خاصة في ما يتعلق بصلوات الفجر والعشاء أين تزيد عتمة الليل من ذات الخطر، الأمر الذي يجده هؤلاء أمرا غير مقبول ويثقل من خطاهم لأداء فريضتهم في بيوت الله خاصة. من جهة أخرى، يثير مشكل قطع الكلاب الضالة للطرقات السريعة مخاوف سائقي المركبات، الذين أوضحوا أنهم كثيرا ما يتفاجؤون بمرور الكلاب الضالة على مستوى الطريق السريع، مما يضطرهم لتخفيض سرعتهم بشكل مباشر مما قد يتسبب في حوادث مرور خطيرة خاصة في حالة قيادة المركبة بسرعة مفرطة. وحسب تصريحات بعض السائقين، يعد انتشار الكلاب الضالة أكبر مخاوفهم في حال توقفهم اضطراريا على مستوى الطرقات في حال حدوث عطب بمركباتهم أو لأسباب اخرى. الكلاب تحاصر حتى الأحياء السكنية الراقية لم تسلم الأحياء السكنية الراقية من ذات الظاهرة، أين تحدث عديد من قاطنيها حول معاناتهم من تواجد الكلاب المتشردة بين فلاتها الفخمة، فكذلك هو الحال بالنسبة لأحياء تتواجد بالقبة، دالي إبراهيم، بئر خادم، الشراڤة وغيرها من البلديات التي عبر سكانها عن استيائهم الشديد من الوضع السائد أين يفترض، حسبهم، أن تخلو أحياؤهم التي يحرصون على إبقائها نظيفة وهادئة على هذه الظواهر التي لا تخلق مشهدا يعكر رقيها ويسرق الهدوء والراحة من نفوس المواطنين. الكلاب المتشردة.. مشهد تعوّد عليه قاطنو الأحياء الجديدة ومن الملاحظ أن الأحياء السكنية حديثة التشييد، تعد من أكثر المناطق التي تحصي عددا كبيرا من الكلاب المتشردة، نظرا لتموقعها في أماكن معزولة على غرار سيدي عبد الله، الدويرة، تسالة المرجة، حيث يعد هذا المشكل على رأس شكاوى المواطنين الذين يستغيثون بالسلطات المحلية لوضع حد لهذا الانتشار. بلديات تسجل حالات كَلَب مؤكدة سجلت بعض البلديات حالات تهجم كلاب مسعورة على بعض المواطنين، والعينة من بلدية زرالدة التي أعلن رئيس المجلس الشعبي بها عن تسجيل حالة كلب مؤكدة على مستوى حي سيدي منيف، في حين تشهد بلدية أولاد يعيش بالبليدة توافد عدد كبير من المواطنين على مصالح الاستعجالات الطبية بعد تعرضهم لعضات كلب متشرد يهاجم المارة ولم يتم العثور عليه بعد. الخنازير تغزو أعالي بوزريعة والدرارية ودالي براهيم لم يقتصر انتشار الحيوانات البرية على الكلاب الضالة فحسب، أين تشهد أعالي بوزريعة والدرارية وكذا بلدية دالي ابراهيم بالعاصمة تواجدا كبير للقطعان الخنازير التي أضحى مشهد مرورها أمام مرأى المواطنين أمرا روتينيا، في ظل تواصل إدارة السلطات المعنية إدارة ظهرها أمام هذا المشكل، فقد أوضح سكان البلدية أنهم خاطبوا هذه الجهات عديد المرات بهدف دفعه لاتخاذ التدابير اللازم لمجابهة الوضع الراهن، إلا إن سعيهم ذهب مهب الريح، وها هو مناخ بوزريعة يواصل استقطابه لقطعان الخنازير التي جعلت الخوف من هجوماتها جزءاً من يوميات قاطني المنطقة. هل يعلم صيودة بالخطر الذي يهدد المواطنين؟ وفي ظل استمرار هذا الوضع، يضع مواطنو العاصمة عددا كبيرا من التسائلات في ظل عدم تدخل السلطات المعنية، وعلى راسها الولائية، لردع ظاهرة انتشار الكلاب الضالة لما تشكله من خطر على المواطنين بمختلف فئاتهم. تسجيل 10 وفيات بسبب داء الكَلَب سنة 2019 للتذكير، فقد تم تسجيل خلال السنة الفارطة 10 وفيات على مستوى العشرات من الولايات، وهذا اثر تعرضهم الى عضة من طرف حيوانات مصابة بداء الكلب، علما أن المعدل السنوي يتراوح ما بين 15 الى 20 حالة وفاة نتيجة هذا المرض. وقد أعلن المدير العام للوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات، الدكتور جمال فورار، أن الجزائر تسجل سنويا 120.000 عضة حيوانات وقرابة 900 حيوان مصاب بداء الكلب وبين 15 و20 حالة وفاة، وبالنسبة لسنة 2019 تم تسجيل 10 وفيات. واعتبر ذات المسؤول، ان كل حالة وفاة هي مأساة، مشيرا إلى أن الاطفال يكونون دائما هدفا للحيوانات المصابة بداء الكلب. وذكر نفس المسؤول، انه تم اصدار تعليمة وزارية سنة 2015 تشير الى اهمية الوقاية من داء الكلب، والتي تهدف الى الوصول الى 0 وفاة، مثلما سطرتها المنظمة العالمية للصحة، مشيرا الى اشراك فاعلين اخرين علاوة على قطاع الصحة في هذا المجال على غرار الداخلية والجماعات المحلية والتربية الوطنية والفلاحة. الجزائر تسعى لتحقيق أهداف المنظمة العالمية للصحة للقضاء على الداء وللاشارة، فقد أكد مدير الوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات، الدكتور جمال فورار، أنه إذا استثمر المجتمع في تلقيح الكلاب ستحقق الجزائر أهداف المنظمة العالمية للصحة المتمثلة في القضاء على داء الكلب. وأوضح ذات المسؤول، خلال ورشة انعقدت اكتوبر من العام الماضي 2019، أن الكلاب تتسبب في تعرض 120 الف شخص الى هذه الإصابة سنويا بين 15 الى 20 حالة من بينها تتوفى، كما يعتبر الكلب الحيوان الرئيسي المؤدي اليها بنسبة 90 بالمائة. أما ممثل المنظمة العالمية للصحة بالجزائر، الدكتور نقسان فرانسوا با، فقد اشار على سبيل المثال، واستنادا الى تقديرات المنظمة، الى اصابة 60 الف شخص بداء الكلب في العالم معظم الضحايا هم من شريحة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة بقارتي اسيا وافريقيا، مشددا على ضورة دعم جوانب الوقاية والتوعية واستعمال اللقاح المضاد لهذا الداء. وأوضح من جانب آخر، بأنه وبالرغم من توصيات المنظمة، لا زال داء الكلب لا يأخذ بجدية لدى العديد من البلدان، بالرغم من أنه يمثل عبء ثقيلا على الصحة العمومية للعديد منها. داء الكلب يكلّف الدولة أزيد من 700 مليون دج سنوياً أشارت بدورها الدكتورة أمال بوغوفالة، من المعهد الوطني للصحة العمومية، إلى المناطق الأكثر عرضة الى الإصابة بالجزائر في مقدمتها المناطق السهبية والرعوية، دون ان تستثني المناطق الأخرى، كما يكلف داء الكلب الدولة أزيد من 700 مليون دج سنويا. كما عرضت ممثلة وزارة الفلاحة، الدكتورة والي، مختلف الإجراءات المتخذة من طرف الوزارة لتوسيع حملات تلقيح الحيوانات مجانا، الى جانب مراقبة الحيوانات الضالة وتوعية المواطنين حول مكافحة الداء.