تعرف العديد من الأسواق انتشار الباعة الفوضويين خاصة على أرصفة الطرقات، حيث تباع العديد من المنتجات وبأسعار مغرية وهو ما زاد من إقبال عديد العائلات عليها دون العلم بمصدرها أو المخاطر التي قد تنجم عنها، ودون التساؤل عن مصدر هذه المنتجات، وعلى إثر هذه الأسئلة التي قد لا تتبادر إلى أذهان الكثيرين خاصة أصحاب الدخل المحدود، قرّرت «السياسي» التقرب من العديد من المواطنين والباعة الفوضويين الذين لا يهمهم سوى ربح المال، متجاهلين بذلك صحة المستهلك البسيط الذي همه فقط اقتناء مستلزماته وبثمن رخيص، فوجود المواد الاستهلاكية منتهية الصلاحية على قارعة الطرق، لا تخطئه العين، وحديث المؤسسات الرقابية عن المتابعة، لا تسنده المشاهدات الواقعية، وإذا افترضنا أن هذه المنتجات غير منتهية الصلاحية، إلا أن أشكال العرض على الأرصفة وتحت أشعة الشمس تعرضها للتلف، ما يفقدها قيمتها الغذائية. مستهلكون يضعون صحتهم على المحك
وخلال جولتنا الاستطلاعية لعديد هذه الأسواق، التقينا بالعديد من الجزائريين الذين كانت قبلتهم نحو العديد من الطاولات التي تزاول هذا النشاط وبالتحديد بالقرب من سوق بن عمر بالقبة، حيث التقينا بفتيحة سألناها عن أسباب التوجه إلى هذه المنتجات المعروضة على الأرصفة، فقالت «هذه المنتجات تباع بأسعار تساعد المواطن البسيط»، فبالرغم من علم الكثيرين للمخاطر الناتجة عن هذه المواد خاصة المواد الغذائية والمواد التجميلية، إلا أنها تعرف إقبال العديد من النساء، وفي هذا الصدد، تقول مريم «لقد تعرضت إلى التهاب على مستوى الوجه وذلك بسبب اقتنائي لمواد تجميل معروضة على الأرصفة، بالرغم من علمي بأنها معرضة لأشعة الشمس، إلا أن ثمنها أغراني ودفع بي لاقتنائها»، ولم تكن قصة مريم الوحيدة، حيث أن قصة محمد بدأت بقطعة شكولاطة وانتهت به في المستشفى، حيث يروي لنا محمد ذلك قائلا «كنت مارا في أزقة أسواق ساحة الشهداء، فجعت ولجأت إلى احدى الطاولات التي تبيع عدة مأكولات، فاقتنيت علبة شكولاطة تسببت لي في تسمم وذلك لنهاية صلاحيتها»، وعن إقبال الناس على الشراء، أكد معظمهم ل«السياسي» بأنهم يشترون بسبب فارق السعر مثلا الشامبو بالسوبر ماركت ب300 دج وعند بائع الأرصفة ب150 دج وهذا بالطبع يجعل المستهلك يقبل على الشراء دون تردد.
حتى المنتجات الصيدلانية لم تسلم من ذلك
أصبحت العديد من المنتجات التي تتواجد حاليا في السوق الجزائرية ورشة كبيرة للتجارب بما فيها الأدوية التي تحمل توصيات غالبا ما تكون حاملة لأكاذيب وأوهام من بينها منتجات «المعجزة»، التي لم تخضع إلى أي تسجيل على مستوى الهيئات المختصة والاسوأ من ذلك لا يثبت أي ملصق عليها أنها خضعت لمراقبة النوعية التي لا يختلف اثنان على كونها الضمانة الأكيدة للحفاظ على صحة الإنسان الثمينة خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الصيدلانية وقد حذّرت النقابة الجزائرية للصناعة الصيدلانية من المنتجات التي تقترح للجمهور على شكل غسول، أقراص، مراهم مثل «ميبو» المصنّع من قاعدة مادتي الزيت والعسل والتي يتم الادعاء أنها تشفي كل الأمراض وتساعد على شفاء الندابات والتقرحات، فالنقابة الجزائرية الصيدلانية تحذّر من هذه المنتجات غير المعرفة لأن أي دواء أو منتوج صيدلاني يباع في الصيدلية يكون معرفا، وفي ذات السياق، يقول عماد، مستعمل هذا المرهم «لقد تعرضت لحروق على مستوى اليد، فاستخدمت هذا المرهم، فتسبب لي في ظهور عدة بقع زرقاء وسوداء ما جعلني أعاني من الحكة وهو الأمر الذي أقلقني بشدة، فاتجهت إلى الطبيب الذي وصف لي دواء آخر غير ذلك الذي اقتنيته على الأرصفة، ونصحني بالابتعاد عن كل ما يباع في الأرصفة لما لها من أخطار عديدة على صحة الإنسان بصفة عامة».
وقفة مع الباعة
وقفنا مع باعة يزاولون هذه النشاطات على أرصفة الطريق، يقول صالح، الذي يبيع مواد تجميل «بصراحة انا لا أعرف مصادرها معرفة تامة، لأنني على علاقة بوسطاء كثيرين»، وسمير، بائع مستحضرات تجميلية، أوضح انه يشتريها لبيعها على الأرصفة لان الأوضاع المعيشية أملت عليه ذلك، أما عن حقيقة هذه المواد، فيقول طارق «في الحقيقة، اجهل إن كانت هذه المواد مغشوشة أم لا؟» أما بالنسبة للمواد الغذائية، فقال عبد الرزاق، بائع جبن تحت مضلة بحرية يدّعي أنها تحمي هذه المواد من أشعة الشمس ويجهل مخاطر ذلك على صحة المستهلك «المهم أنني أبيع وأكسب قوت يومي، أما السلوك الشرائي، فيعود للمستهلك فهو حر في ذلك، فأنا لا أرغم احدا على الشراء».
الأخصائيون يحذّرون من مواد معروضة تحت أشعة الشمس
وفي هذا الصدد، تقول الطبيبة العامة رميلة، أن بعض مواد التجميل المسوقة بالجزائر خاصة التي تباع على الأرصفة لا تخضع للمراقبة وتسبّب أمراضا جلدية خطيرة لا سيما الحساسية مما يستدعي إنشاء لجنة وطنية لمراقبة هذه المواد، كاشفة عن انتشار مواد التجميل المقلدة التي تغزو السوق الوطنية خاصة تلك التي تباع على الأرصفة تحت أشعة الشمس ولا تحمل دواعي وكيفية الاستعمال مما يتسبّب في العديد من الأمراض الجلدية، على غرار المواد الغذائية المعروضة تحت أشعة الشمس والتي لها مخاطر جد خطيرة على صحة الإنسان لذا، يجب على العائلات تجنّب هذه المواد قدر المستطاع لضمان صحة كل فرد منا، تضيف الطبيبة العامة.
زبدي: «أغلب المنتوجات غير صالحة ولها مخاطر على صحة المستهلك»
وفي هذا الصدد، أكد لنا رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، أن استخدام سلع ومنتجات معروضة في الشوارع والأرصفة وفي الأماكن المكشوفة مخالفة للمواصفات والمقاييس وتباع بأسعار زهيدة وخصوصا فيما يتعلق بالمواد الغذائية المعروضة على الأرصفة وفي الأماكن المفتوحة ومع الباعة المتجولين لأن الكثير من هذه المنتجات تكون غير صالحة للاستخدام إما كونها شارفت على الانتهاء أو مخالفة للمواصفات والمقاييس أو مقلدة ومغشوشة ناهيك عن تعرضها للشمس حيث تصبح متغيرة الصفات، وطالب رئيس جمعية حماية المستهلك السلطات المعنية بالتعاون مع البلديات من اجل الحد من هذه الأسواق، وبالتالي، الحد من مختلف منتوجات الأرصفة والتي تشكّل خطرا على صحة المستهلك، بحسب المتحدث.
بولنوار: «الأسواق الفوضوية تزاول نشاطها في ظل تجاهل البلديات للقانون»
ومن جهته، أكد بولنوار الحاج الطاهر، الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار الجزائريين، أن مسؤولية إزالة هذه الأسواق الفوضوية خاصة التي تزاول نشاطها على الأرصفة تقع على البلديات، وللأسف، فهي لا تؤدي دورها كما يجب بالرغم من إزالة العديد منها «ونحن كمسؤولين نرى أن البلديات هي التي تعرقل الإجراءات التي وضعتها الحكومة خاصة مع إقتراب شهر رمضان، حيث تزداد هذه الأسواق وتنتشر كالفطريات خاصة وأنها تبيع موادا لها عدة أخطار على صحة المستهلك لتعرضها للشمس أو قرب نهاية صلاحيتها ومنها ما هو مجهول التركيب مثل المستحضرات التجميلية، لذا، يجب على البلديات أن تقوم بواجبها على أكمل وجه لتطبيق الأحكام الصادرة من طرف الحكومة وبالتالي، تنظيم الأسواق وضمان حماية الأغذية وكل ما له علاقة بالمستهلك»، مضيفا ان هذه المواد المعروضة في اغلب هذه الأسواق تفتقر الى الرقابة وعن طبيعة هذه المواد، أفاد المتحدث أن معظمها تتسبّب في تسممات غذائية سواء لتعرضها لأشعة الشمس أو منتهية الصلاحية لاسيما أن الكثير من المواطنين يتجهون الى اقل سعر وذلك سواء للدخل المحدود للمواطن أو لغياب ثقافة لدى المستهلك.