تشهد معظم أسواق ومحلات العاصمة هذه الأيام حركة غير عادية سواء في الفترة الصباحية أوالمسائية، حيث اكتظت الشوارع عن آخرها جراء الاستعدادات المكثّفة للعائلات الجزائرية لاستقبال عيد الاضحى المبارك، بعد ان وجدت العائلات الجزائرية نفسها بين مطرقة غلاء الأسعار التي قفزت إلى أعلى مستوياتها في هذه الأيام الأخيرة وسندان تعاقب المناسبات. وعلى إثر هذه الحركية التي تشهدها العديد من الاسواق الجزائرية وفي ظل الانتشار الرهيب لتصرفات غلبت عليها الماديات على العبادة، ارتأت «السياسي» القيام بجولة استطلاعية، لرصد بعض جوانب هذه اللهفة التي تسبق يوم العيد المبارك. تدافع في الأسواق.. رغم إرتفاع الأسعار ولرصد بعض الأجواء التي تطبع يوميات الجزائريين قبيل حلول عيد الأضحى المبارك، ارتأينا القيام بجولة استطلاعية في بعض الأسواق الشعبية للوقوف على تلك التحضيرات التي تعتزم العديد من العائلات الجزائرية القيام بها بهذه المناسبة. وخلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا الى العديد من الاسواق، ألقينا نظرة خفيفة على الاسعار لمعرفة سبب التدافع الكبير في الاسواق، فكانت وجهتنا الاولى سوق الخضر والفواكه حيث شهدت هذه الاخيرة ارتفاعا جنونيا، ورغم ذلك، تشهد هذه الاسواق تدافع العديد من المواطنين بسبب اللهفة، وفي هذا الصدد، كانت لنا وقفة مع العديد من المواطنين الذين التقت بهم "السياسي" في السوق البلدي لبلدية الشراڤة، وجهتنا الأولى، وعن وجهة نظرهم فيما تشهده هذه الاسواق من ارتفاع وتدافع المواطنين، قال خالد بهذا الخصوص "الارتفاع الكبير للاسعار سواء فيما يتعلق بالخضر او الفواكه في الايام السابقة جعل المواطن الجزائري يستبعد انخفاضها مع الايام القليلة التي تسبق يوم العيد وهو ما زاد من اقبال العديد من الجزائريين على هذه الاسواق في الفترة الاخيرة و انا احد هؤلاء"، اما كريمة، فقالت "اقتراب العيد اجبرنا على الخروج لشراء كل المستلزمات التي تخص هذا اليوم" اذ وصلت اسعار الخضر الى سقفها وبلغ سعر الكوسة ب140 دج كحد ادنى لها والجزر ب100 دج والطماطم ب100 دج واللفت ب120 دج، الا ان لهفة الاقبال عليها كانت منقطعة النظير في العديد من الأسواق التي زرناها. "من قال إن الجزائريين ليسوا أغنياء".. هذا ما علّق به أحد المواطنين عندما شاهد الكم الهائل والجموع الكبيرة من المواطنين الجزائريين في المحلات والمراكز التجارية "يتخاطفون" على شراء مختلف مستلزمات العيد، فبالرغم من جشع التجار الذي ألهب مختلف الاسواق، إلا أن هذه الأسعار الخيالية لم تمنع الجزائريين من اقتناء مختلف اللوازم وبأي ثمن وقد أعرب "عمي علي" عن الاسعار التي تشهدها الاسواق في الايام الاخيرة قائلا "لهفة المواطنين أطمع العديد من الباعة وهو ما حرم المواطن البسيط من استكمال فرحة العيد"، امام ارتفاع بورصة أسعار الخضر والفواكه للحد الأقصى ما جعل المواطن في حيرة من أمره وتساءل عن الأسباب التي أدت بالتجار إلى رفع الأسعار عشية كل مناسبة دينية، غير مبالين بحال المواطن البسيط الذي بقي عاجزا عن توفير كل المتطلبات. الإقبال على المشاوي الكهربائية وطوابير لا متناهية لشحذ السكاكين زاد الإقبال على المشاوي الكهربائية عشية عيد الأضحى، حيث وجدت لها مكانا في الأسواق الشعبية ومحلات بيع أواني وأغراض المطبخ وهو ما اعرب عنه العديد من المواطنين حيث قالت احدى السيدات التي كانت بإحدى محلات بيع الاواني بالابيار قائلة "المشاوي الكهربائية باتت تنافس الفحم والمشاوي التقليدية التي ملها الكثيرون بسبب الدخان الكثيف الذي تفرزه"، فبعد كل ما كانت تحظى به المشواة التقليدية البسيطة من عناية ربات البيوت اللائي يحرصن على تغييرها كل سنة، فيما يتكفل الرجال بالبحث وانتقاء الفحم الجيّد، ها هي المشواة الكهربائية تخطف الأضواء من المشواة التقليدية، وعن سر التخلي عن المشواة التقليدية وتبديلها بالكهربائية، ذكرت سميرة التي التقت بها "السياسي" بسوق عين البنيان قائلة "لم نعد نطيق عمليات التنظيف بعد كل عملية شواء، لما ينتج عن الفحم من دخان كثيف يتسبب في اتساخ الجدران والأرضية"، في حين ذكرت أخريات أن أزواجهن باتوا ينزعجون من رحلة البحث عن الفحم الجيّد أمام تراجع نشاط وحرفة إعداد الفحم، الذي شجع انتشار المحتالين الذين يستغلون لهفة المواطنين في الاحتفال بعيد الأضحى وإعداد الشواء، فراحوا يحتالون عليهم بعرض حطب محروق لا يليق للاستعمال المنزلي مقابل أسعار لا تختلف عن سعر الفحم الجيّد. ومن جهة أخرى، لجأ العديد من المواطنين إلى إعادة سن السكاكين والسواطير حتى تصير حادة لتسهيل عملية النحر، وهذا ما لاحظناه من خلال انتشار هذه الآلات، حيث يجتمع عدد من المواطنين في شكل طوابير ينتظرون من خلالها دورهم لسن مستلزمات النحر حتى تسترجع حدتها، وفي هذا الصدد، تقول وسيلة من عين البنيان "ان هذه المستلزمات لا يتجدد شراؤها سنويا"، لذلك، فهي تعكف على استعمالها في عيد الأضحى، وبعض المناسبات التي تستدعي نحر الأضحية كالأعراس وبعض الولائم، لتخبئها على أن يعاد استعمالها في عيد الأضحى للسنة المقبلة، إن شاء الله، ولهذا تخرجها قبيل العيد لإعادة شحذها ثانية، حتى تتفادى الاكتظاظ والطوابير وكذا ارتفاع ثمن شحذ السكاكين وكل مستلزمات الذبح، حيث يقدر ثمن سعر شحذ السكاكين ب100 دينار والسواطير ب150 دج، اما كمال، فقال "يجب علينا ان نقوم بشحذ السكاكين هذه الايام، حتى نخفف على انفسنا عناء الذبح ونكمل هذه العملية بسرعة يوم العيد". ..ولمحلات بيع التوابل حظ في أيام العيد من جهة أخرى، عرفت محلات بيع التوابل إقبالا كبيرا من طرف شريحة النسوة، تحضيرا لاستقبال العيد المبارك، فالمتجول في تلك الأسواق يلاحظ الكم الهائل من أكياس التوابل المختلفة التي يلتف حولها المتسوقون خاصة النساء منهم، فتقاليد المطبخ الجزائري في هذه المناسبة لا يمكن أن تمر دون أن تعطره التوابل المختلفة التي ألفها الجزائريون في مطابخهم على مدار العام، بحيث بدأ التجار عرضهم لمختلف السلع الرائجة في هذه المناسبة، والتي يكثر الإقبال عليها مثل التوابل، بحيث تحرص الأسر الجزائرية على اقتناء مجموعة كبيرة من هذه التوابل. وحسب العديد من المتسوقات من النساء، فإن أطباق عيد الأضحى تتطلب أنواعا خاصة من التوابل، خاصة طبق "العصبان" و"الدوارة" و"البوزلوف"، وفي ذات السياق، تقول خالتي خيرة، التي التقيناها بالسوق البلدي لباب الوادي "أكلات العيد تتطلب نوعية جيّدة من التوابل لتعطي مذاقا افضل لمختلف الاطباق التي نعدها لهذه المناسبة التي لا تمر علينا إلا مرة في السنة، ومهما طبخنا مثلها في الأيام العادية، إلا أن تلك التي نعدها في العيد لها مذاق أفضل.. هي بنة العيد".
إقبال معتبر على الملابس رغم ضعف الاقبال على شراء الاضحية لغلائها، الا ان العديد من محلات بيع الملابس لم تفتها الفرصة للربح في هذه المناسبة وهذا لتوجه العديد من المواطنين لاقتناء الملابس خاصة أنه تزامن مع موسم التخفيضات وعيد الاضحى، وفي هذا الصدد، يقول مراد "لم أتمكن من شراء الاضحية هذه السنة، فقررت ان اسعد ابنائي بالقليل من الملابس"، وعلى غرار هذا، تقول احدى السيدات ممن التقتهم "السياسي": "لإتمام فرحتنا بالاضحية، نكملها بشراء بعض الملابس حتى لا تفوتنا فرحة العيد كاملة". وامام هذه اللهفة التي تشهدها الاسواق الجزائرية من قبل المواطنين، كانت لنا وقفة مع بعض الباعة للحديث عن هذا الموضوع المطروح بشدة خلال ايام العيد، وفي ذات السياق، اعرب مصطفى، بائع بمحل للملابس، قائلا "في مثل هذه الايام، نرى اقبال منقطع النظير على الاسواق، فرغم الارتفاع الجنوني للعديد من المستلزمات، الا ان العديد منهم يشتري والكل يقول ماعندناش"، ومن جهة اخرى، يقول طارق "لهفة العديد من المواطنين حفز الباعة على رفع الاسعار"، وامام هذه اللهفة الزائدة، يقول احد المواطنين "يبقى العيد مناسبة دينية لا مادية نأمل أن يعرف الناس قيمتها وكيفية الاحتفال بها". اختناق مروري حاد لقد بات الاختناق المروري في العاصمة لا يطاق تماما خلال الايام التي تسبق العيد، إذ أن السير في طرقات العاصمة أضحى معاناة حقيقية، وذلك ليس فقط في أوقات الذروة وإنما خارجها وحتى في مختلف أوقات النهار، نظرا لخروج المواطنين لقضاء احتياجاتهم اللازمة لعيد الأضحى، ولكن هذا الأمر بات يقلق العديد من المواطنين خاصة العمال منهم، وفي ذات السياق، يقول احد المواطنين "الاختناق المروري حقيقة لا يمكننا التهرب منها أو اجتنابها، ومع ذكر جل الأسباب المتسببة فيه، إلا أن المواطن يساهم بنسبة كبيرة في الفوضى والازدحام، الذي يساهم في عرقلة حركة المرور"، ومن جهة أخرى، أكد عدد من المواطنين أن هذا التدفق الهائل للسيارات أثّر سلبا عليهم، حيث أصبحوا مجبرين على الخروج مبكرا من منازلهم، قصد تجنّب الوقوع في الإزدحام والوصول إلى مقاصدهم في الموعد المحدد