أجبرت درجة الحرارة المرتفعة التي ميزت الأيام السابقة العائلات الجزائرية على التوجه إلى الشواطئ القريبة حتى في أوقات الصيام حيث غزت على سبيل المثال العديد منها سواحل العاصمة للتنعم بلطافة الجو و الاستمتاع للحظات بزرقة البحر و مداعبة أمواجه المتلاطمة. ولم يمنع تزامن موسم الاصطياف مع شهر رمضان المعظم من هروب العائلات من المنزل نحو الشواطئ التي بدت مكتظة نسبيا بروادها وقد شهد شاطئ ''الكيتاني'' بباب الوادي كعادته نزولا للعاصميين حتى خلال ساعات الصوم على غرار شاطئ الجميلة "لامادراك" بعين البنيان و شاطئ "علي لابوانت" بالحمامات فعلى امتداد هذه الشواطئ افترش الأطفال الرمل واقتحموا مياه البحر في منظر جميل يبعث على الحماسة و بشاطئ الكيتاني تحديدا، لوحظ مدى توافد العائلات فحرارة الجو لم تترك للمواطنين حرية الاختيار ليقرروا دون تردد النزول إلى الشاطئ فرادى وجماعات للتمتع بنسمات باردة بعيدا عن حرارة البيت التي لم تستطع حتى مكيفات الهواء التقليل منها. وفي هذا الصدد تقول السيدة فتيحة من باب الوادي أنها لم تتحمل حرارة الجو المرتفعة داخل المنزل ولم تستطع حتى إعداد وجبة الفطور خاصة وأنها تعاني من ارتفاع ضغط الدم فقررت الخروج رفقة أطفالها إلى الشاطئ للترويح عن النفس مردفة أن الفكرة لاقت إعجاب الأطفال حتى أنهم قاموا بتحضير أنفسهم بسرعة وغير بعيد عن فتيحة وأطفالها كانت تجلس السيدة زهية رفقة والديها العجوزين وأطفالها وأعربت أنها لم تطق درجة الحرارة خاصة وأنها تعيش في بيت صغير بالإضافة إلى تواجد والديها معها هذه الأيام لقضاء شهر رمضان معها وهو ما دفعها إلى النزول إلى الشاطئ رفقتهما بحثا عن الجو الملائم الذي افتقدوه في البيت. رمضاء رمضان زادت من إقبال الشباب كذلك على ارتياد الشواطئ حتى و إن كان معظمهم قد قصدها في الأيام الأولى للشهر الفضيل فإن نهاية الأسبوع شكلت استثناء بعد الهجوم الكاسح للشباب على الشواطئ العاصمية التي لم تستثن منها حتى غير المحروسة والممنوعة السباحة مثل "الصابلات" التي تعرف باسم شاطئ الرميلة وقد استقطب هذا الشاطئ هو الآخر الكثير من الشباب رغم الخطورة التي يشكلها على مرتاديه ممن فضلوا المجازفة فيه على الاستسلام لحرارة الجو العالية التي أخلطت أوراقهم و عاداتهم الرمضانية و أخرجت الكثير من الشباب والمراهقين من أحيائهم التي لطالما احتضنت جلسات سمرهم التي تتخللها ألعاب الورق و الدومينو. ولم يشذ الأطفال عن القاعدة وتوجهوا بدورهم إلى شاطئ الصابلات الذي بدى مملوء على غير عادته بعدد كبير من الهاربين من ضائقة المنزل و الراغبين في تغيير الجو ومع ارتفاع درجات الحرارة و توافد الكثير من العائلات على الشواطئ العاصمية لاسيما عقب الإفطار وجد الكثير من الشباب فرصة للاسترزاق حيث اختار العديد منهم الشواطئ كوجهة لعرض سلعهم المختلفة فبين باعة المأكولات المختلفة من بوراك و حلويات و مثلجات و مكسرات مختلفة وجدت العائلات ضالتها في التمتع أكبر ببرودة البحر ونسيمه العليل. ومن بين الباعة المتواجدين بشاطئ كيتاني شكيب ابن ال17 ربيعا الذي اعتاد في كل موسم اصطياف بيع المأكولات على الشواطئ في أوقات النهار ولكن هذه السنة وبحكم تزامن شهر الصيام و موسم الاصطياف تحول وقت ذروة عمله إلى ما بعد الإفطار وإلى غاية السحور. قبل أن تطأ الأقدام الرمال الساخنة بشاطئ "الجميلة" تم الالتقاء بشابين كانا جالسين على صخرة قرب الشاطئ منعزلين يتجاذبان أطراف الحديث و يتأملان في زرقة البحر وردا على سؤال حول إقبالهما على البحر يوم الصيام أكد محمد موظف بإحدى الشركات الوطنية أنه يأتي للجلوس و الاسترخاء فقط. واعتبر محمد أن من يأتي إلى البحر قصد السباحة قد تعمد الإفطار لأنه من المستحيل أن لا يشرب ولو قطرة من الماء المالح وهذا يفطر الصائم في حين قال صديقه سيد علي صاحب 25 سنة وهو عامل في إحدى مقاهي الانترنت أن غالبية الجزائريين يودعون البحر نهائيا في آخر أيام شعبان ذلك أن معظمهم لا يجدون وقتا للمجيء إلى البحر في السهرات الرمضانية مفضلين اغتنامها في الصلاة و العبادة و قيام الليل كما اعتبر مشاهدة الفتيات اللواتي يأتين بلباس غير محتشم و فاضح من المفطرات. وغير بعيد تم الالتقاء بعبد الكريم الذي كان يتهيأ لأخذ مكان على شاطئ البحر بعدما استأجر شمسية و كان رفقة زوجته و بناته الثلاث حيث كانت الفرحة مرسومة على وجه بناته بقدومهن إلى البحر و أوضح عبد الكريم ابن حي تيليملي وسط العاصمة أن زوجته هي من طلبت منه اصطحابهم للبحر بعد أن أتمت تحضير الفطور. وفي ذات السياق صرحت عجوز —في عقدها السادس رفضت ذكر اسمها— أنها قدمت من ولاية تيارت لزيارة ابنتها المتزوجة بالعاصمة و ارتأت النزول رفقة حفيدها الصغير إلى شاطئ كيتاني لتمضية بعض الوقت قبل أن يحين موعد الإفطار وهو حال زكريا و منصف و علي أبناء ولاية بسكرة الذين أبوا إلا أن يغتنموا العطلة الصيفية رفقة أقاربهم بالعاصمة رغم تزامنها مع الشهر الفضيل فافترشوا رمال الشاطئ للعب الدمينو مقتحمين أمواج البحر بين الفينة و الأخرى رغم صيامهم. وعن إمكانية المجيء إلى البحر عقب الإفطار في رمضان و الذي أجمعت جل العائلات على إمكانيته قالت فاطمة وهي أم لشابتين كانتا معها على الشاطئ أنه من الممكن المجيء ليلا بعد يوم شاق من العمل و الصيام و أضافت أن هناك من المطاعم من تنظم حفلات موسيقية تستمتع بها العائلات وأكدت أن هذه الأماكن سطرت برنامجا خاصا بالسهرات الرمضانية والتي سيتم فيها استضافة فنانين من مختلف الطبوع الموسيقية مشيرة أنها ستستمتع رفقة بناتها بالغناء والرقص على الإيقاعات الموسيقية التي تروقها حتى النخاع. وفي المقابل استنكر بعض الشباب هذا الرأي حيث قالوا أن شهر رمضان فرصة لهم لمحو الذنوب والاستغفار والرجوع إلى الله وتخصيص وقت كبير للصلاة وقراءة القرآن ولم لا حفظه وختمه في مدة شهر وهو ما شدد عليه مراد —البالغ من العمر 29 سنة بدون عمل— الذي كان في طريقه عودته إلى المنزل مبرزا أنه لا يستطيع ترك صلاة التراويح ويأتي للاستمتاع بالبحر. وإذا كانت بعض العائلات قد شدت رحالها أياما قبل رمضان عائدة إلى ديارها لاستقبال هذا الشهر الكريم فقد دفعت حرارة الصيف عائلات أخرى إلى قضاء هذا الشهر المعظم بالقرب من البحر حيث يسمح تواجدها في المخيمات بالتمتع بنسمات البحر ليلا وليست المخيمات وحدها التي تستقطب المصطافين حيث علمت وأج من مصادر مطلعة أن المركبات الصيفية بدورها عرفت حجزا للشقق و الاقامات خلال شهر رمضان هذه السنة الذي سطر له برنامج حفلات متخم. المثلجات بدورها أخدت حصة الأسد من إقبال الشباب و الأطفال و حتى الكبار نظرا للحرارة الشديدة إذ يجد المرء نفسه مجبرا على اقتنائها و التلذذ ببرودتها و حلاوتها بعد الإفطار و لا يكون ذلك في الغالب على شاطئ البحر حيث الحركية و السهر و التمتع بهواء العليل. كل هذه المظاهر و أخرى رسمت ديكور رمضان هذا العام وطبعت لياليه إلى غاية السحور رغم تضارب الآراء و قناعات كل شخص