- الجزائريون عاشوا الجحيم للوصول إلى أرض الوطن حملت العائلات الجزائرية المرحّلة من قطاع غزة، بعد تزايد التكالب الصهيوني على سكانها، صورا لجرائم بشعة يتفنن الصهاينة في صناعة تفاصليها بقصف الأبرياء، لايزالون يحملون رائحة دم الشهداء معهم، وحقائق مثيرة عن الهمجية الصهيونية، وعن ما حدث لهم بمعبر رفح، وكيف تم استغلالهم أبشع استغلال، بدون أي إنسانية. عائدون من غزة يروون الجحيم علا أبو شهاب، فتاة من ام جزائرية واب فلسطيني، جاءت رفقة عائلتها من قطاع غزة المحاصر إلى ارض الجزائر التقت السياسي بها لتحكي لنا تفاصيل المعاناة في القطاع ومشقة الوصول الى الجزائر وهي التي تسكن في احد أبراج بيت حانون، شمال القطاع، تقول علا التي وصلت ضمن العائلات الجزائرية المرحّلة منذ 11 يوما، ان بيتهم قصف، فمنذ بدء الغارات على غزة، وهم يعيشون حالة رعب وخوف شديدين رغم تعودهم على الحرب، حيث بمجرد إطلاق الصواريخ، يهتز البرج بأكمله ويبدأ الاطفال بالصراخ والبكاء وكلهم مصدومون والكل يخرجون الى الشرفات يكبرون حتى اختي الصغيرة سندس تقول لي لا تخافي نحن سننتصر، وأخي الصغير مصطفى صاحب ال6 سنوات يقوم الليل وهو يصلي وبمجرد بدء القصف تنقطع الكهرباء واذا انقطعت الكهرباء انقطعت المياه معها مما يصعب علينا الحياة حيث نظل تحت ضوء شمعة واحدة وان انطفأت، فلا مجال لنا للخروج للشارع، فكل المحلات مقفلة وبالنسبة للطعام الذي نتناوله فهو ما يوجد في البيت أحيانا نتناول الخبز فقط وأحيانا نبقى من دون فطور، لأننا لم ندخر طعاما من قبل تحسبا للحرب وبعد استمرار القصف بأسبوع، اتصلنا بالسفارة الجزائرية بمصر من اجل ترحيلنا ووافقت السفارة فورا على الطلب ولم يكن لدينا الكثير من الوقت، تركنا ملابسنا وأغراضنا في البيت . *علا أبو شهاب: مسكننا صار أنقاضا بعد ساعتين من خروجنا منه وبعد خروجنا بساعتين، سمعنا ان البرج الذي نسكنه قد قصفت بالكامل، نجونا من الموت بأعجوبة ولم يبق لدينا شيء تركنا كل شيء وراءنا ملابسنا، كتبنا، أغراضنا، كل شيء أصبح الآن تحت الأنقاض، غادرنا شمال القطاع متجهين إلى الجنوب حيث يوجد معبر رفح، وعند وصولنا الى المعبر، لم يسمحوا لنا بالمرور وطلبت منا السلطات المصرية العودة، بعدها غادرنا المعبر إلى بيت إحدى العائلات الجزائرية في رفح، حيث مكثنا في بيتها ونحن أربع عائلات ولم يسعنا البيت لضيقه ولكن عدنا في اليوم الموالي في الخامسة صباحا ولم نستطع الدخول إلى مصر إلا في حدود السادسة، حيث اتجهنا إلى السفارة الجزائرية في مصر والتي رحبت بنا وحجزت لنا في احد الفنادق المجاورة للسفارة، وفي الصباح، تم نقلنا إلى المطار حيث تم ترحيلنا الى الجزائر وكان في استقبالنا وزير الخارجية، لعمامرة رمطان، وتم اخذنا إلى ديار الرحمة ببئر خادم فيما لازال والدي رفض مغادرة القطاع هو وأختي المتزوجة تركناها هي ورضيعها وزوجها وقلوبنا عندهم، حيث يتعذر علينا الاتصال بهم بسبب تعطّل شبكة الهاتف نتيجة القصف المتواصل على البنية التحتية في غزة. نحن لم نهرب من الموت.. ولكن لا يوجد مكان بغزة للبقاء فيه هكذا بدأت صبرين أشرف أبو هلال حديثها معنا وهي تروي لنا كيف وصلت سالمة من رفح بجنوب غزة إلى الجزائر، بعدما رأت الموت في كل مكان الصواريخ فوقنا وصوت الصراخ والعويل أبشع من أصوات المدفعية وبيوت الحي كلها مستهدفة بمجرد قصف بيت أمامنا نهرب الى البيت الذي يليها هكذا عشنا ايام القصف منذ بدايتها وبعد ان قصف يبتنا، لجأنا الى مدارس الانروا وهنا بدأت معاناة من نوع آخر، حيث ان فيها الآلاف من المواطنين الغزاويين اختبؤوا فيها منذ بداية القصف، فلا يوجد مكان يسعك داخلها حتى انه لا يمكنك الخلود إلى النوم من شدة الاكتظاظ وضيق المكان، فنترك اماكننا للاطفال والعجزة الذين لا يطيقون صعوبة العيش هناك، ناهيك عن المرحاض الذي يصعب علينا دخوله بسبب الطوابير من الناس ممن ينتظرون الدور، كنا نظن لوقت قريب ان مدارس الانروا بالقطاع آمنة، الا اننا وبعد المكوث فيها ليومين، قصفت مما استوجب على الجميع إخلاء المكان، بعدها اتصلنا بإحدى صديقات والدتي التي طلبت منا اللجوء إلى منزلها برفح من اجل السفر إلى الجزائر، واتجهنا بعدها إلى رفح للخروج من المعبر وهناك وجدنا معاناة من نوع آخر مع العائلات الجزائرية الأخرى ونحن ننتظر دخولنا الأراضي المصرية، جاءتني رسالة في الهاتف أنني نجحت في شهادة البكالوريا وبمجموع 75 بالمئة مما هون على ابي وامي قليلا مما يحدث لنا، وعند دخولنا الاراضي المصرية والتحاقنا بالسفارة الجزائرية هناك، ارتحنا قليلا واطمأنت قلوبنا وزدنا اطمئنانا بعد دخولنا الجزائر، والحمد لله . حقائق مؤلمة عن ما يحدث في معبر رفح تقول رقيوة جيلايلي، وهي جزائرية وأم لأربعة أطفال وأرملة شهيد توفي في القصف الذي استهدف قطاع غزة في 2009 وهي تسكن في أبراج الندى ببيت لاهيا بغزة بعد القصف المتواصل لايام دون توقف، لم يستطع أطفالي تحمل الوضع من الخوف وطلبوا مني الرحيل الى ارض الوطن، فالقطاع كله غير آمن لا كهرباء ولا شبكة هاتف ولا ماء، حتى النوافذ لا نستطيع فتحها خوفا من استنشاق الغازات السامة التي يطلقها الكيان الصهيوني، اتصلت شخصيا بالسفير الجزائري في مصر من اجل اجلائنا، فطلب مني ان اتصل بأكبر عدد من العائلات الجزائرية التي اعرفها وفي أسرع وقت، اتصلت بصديقاتي ممن اعرفهن في القطاع واخذت اولادي واتجهنا إلى معبر رفح، هناك في المعبر لاقينا المر، فقد عملنا معاملة سيئة جدا، كنا نذهب في الصباح الباكر للمعبر في الخامسة صباحا وننتظر حتى المساء ولم يسمح لنا بالدخول حتى بعد تدخل السفير الجزائري شخصيا . مصريون يرفعون أسعار المياه والنقل بمعبر رفح وعند اجتيازنا المعبر، واجهتنا صعوبة التنقل إلى السفارة الجزائرية، حيث استغلنا المصريون ماديا فضاعفوا في سعر النقل وحتى المياه ونحن لا نملك سوى القليل بحكم أننا خرجنا مسرعين من ديارنا، فهذه الأوضاع التي نمر بها لم تشفع لنا عندهم، بعدها التحقنا بالسفارة التي استقبلتنا جيّدا ورحبت بنا وهونت علينا، وبعد يوم من دخولنا الاراضي المصرية، تم ترحيلنا الى الجزائر ونحن الآن بألف خير، والحمد لله، لكن قلبي بقي هناك في غزة مع ابني الذي رفض المجيء معنا وفضّل المكوث في غزة مع عائلة والده . أم إسلام: نجوت من قصف بيتي بأعجوبة تقول أم إسلام عبد الدايم، والتي تقطن في جباليا، ان بيتها كله قصف حيث تعيش هناك مع زوجها الفلسطيني، فبعد يومين من القصف، تم قصف مباشر على بيتها مما دمره كليا ولم يبق فيه سوى الانقاض، ولرحمة الله ولطفه بهم، كانت قد لجأت هي واولادها الى بيت زوجها حيث قالت لنا ان صديقتها اتصلت بها من اجل اللحاق بهم في رفح بطلب من السفير الجزائري، فالتحقت بهم هناك وواجهنا صعوبات كبيرة في الوصول نتيجة القصف المستمر في كل الوقت وكل الأماكن كذلك. عند وصولنا إلى المعبر سالمين، كنا نتخيل أننا سندخل مباشرة لكن لم يتسن لنا ذلك إلا بعد يومين بسبب العراقيل التي وضعتها السلطات المصرية، ولولا تدخل السفارة، لبقينا هناك إلى اليوم . الرعايا يثنون على مجهودات السفارة الجزائرية في مصر ثمّنت العائلات الجزائرية القادمة من غزة المجهودات التي قامت بها السفارة الجزائرية في مصر، حيث وقفت الى جانبهم منذ وصولهم المعبر كما توجهت بالشكر الكبير الى السفير الجزائري بمصر، ندير العرباوي، حيث لولا تدخله المباشر، لمازالت العائلات عالقة في المعبر تنتظر الترحيل حيث استقبلت السفارة العائلات داخل المقر مدة اربع ساعات وقامت بعدها بالحجز لهم في احد الفنادق المجاورة للسفارة، لتتكفل بعدها بنقلهم الى المطار وبعد وصولهم إلى أرض الوطن، كان في استقبالهم وزير الخارجية الذي رحب بهم وهون عليهم.