شهد قطاعا الصحة والتربية خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الإضرابات المتتالية كان المتضرر الأكبر فيها المريض والتلميذ، وفي كل مرة، كانت تصطدم محاولات تطوير والنهوض بهذين القطاعين اللذين يعتبران من القطاعات الحساسة بالعمل على وقف الإضرابات، ومهما بلغت أحقية المطالب المرفوعة، غير أن أسلوب المطالبة بها أصبح يشكّل حجر عثرة لتحسين المستوى التعليمي للتلميذ والعمل على ضمان التكفل الطبي بالمريض. حركة احتجاجية جديدة تشل المدارس الأسبوع المقبل عاد مجدّدا شبح الإضراب ليخيم على قطاع التربية الوطنية، بعد قرار التكتل النقابي، خلال اجتماعه الأخير، بالدخول في حركة احتجاجية بداية من الأسبوع المقبل، ورغم المجهودات المبذولة من طرف الوزارات المتعاقبة على قطاع التربية من إصلاحات ولقاءات دورية وجلسات وطنية مع الشركاء الاجتماعيين لحل جميع المشاكل الاجتماعية والمهنية التي كانت ولا تزال سببا في الإضرابات التي يشهدها قطاع التربية منذ سنوات، إلا أن ذلك لم يزح العقبة التي أضحت تعيق المسيرة الدراسية للتلاميذ وتضع مستقبلهم على المحك من جهة أخرى، وهو ما يفسر تمسك تلاميذ الأقسام النهائية لشهادة البكالوريا بالعتبة بدل المضي في إتمام البرنامج الدراسي. ويرى المتتبعون لقطاع التربية، أن هذا الأخير بات لا يخلو من موجة الإضرابات والاحتجاجات التي أضحت الذريعة الوحيدة للنقابات بغرض افتكاك مطالبهم المهنية والاجتماعية، ومهما كانت هذه المطالب مشروعة وقانونية، إلا أنها أخذت حيزا كبيرا من عمل وتفكير المسؤولين، حيث لم تخل أي سنة دراسية من موجة الاحتجاجات التي هزت القطاع وتسبّبت بالدرجة الأولى في تراجع مستوى التعليم، ولم تمنح المسؤولين مساحة أخرى للتفكير في تطوير القطاع، رغم الإصلاحات المتخذة، إلا أنها لم تطبّق بنسبة 100 بالمائة، وإنما بقيت محصورة فقط في تلبية مطالب النقابات التي لا تخلو من انشغالات وحقوق الأساتذة وعمال الأسلاك المشتركة دون أن تتطرق إلى الدفاع عن حقوق التلميذ. وحرص المسؤولون على قطاع التربية بأوامر من السلطات العليا على انتهاج سياسة فتح باب الحوار والتشاور مع الشركاء الاجتماعيين بهدف الوصول إلى اتفاق يمكن من خلاله تجسيد عريضة مطالب عمال التربية وإبعاد شبح الاحتجاج الذي يخيم على القطاع، وقد حققت اللقاءات التشاورية المبرمجة بين الطرفين عدة نقاط إيجابية ساهمت في الاستجابة لعدة مطالب، إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور مطالب أخرى للنقابات وعودة الكر والفر بينها وبين الوزارة، ما جعل التلميذ هو الضحية الأولى والأخيرة في ظل كل هذه المعطيات. وقد أرجع المتتبعون لأوضاع القطاع أن انتهاج سبيل الإضراب وتوقيف التلاميذ عن الدراسة لعدة أسابيع وتكرار هذا السيناريو كل سنة، ساهم بشكل كبير في تدني مستوى التعليم وارتفاع نسبة التسرب والعنف المدرسي، كما قوّى شوكة تلاميذ الأقسام النهائية وجعلهم ينتهجون نفس النهج بالخروج في احتجاجات والانقطاع عن الدراسة للمطالبة بتحديد العتبة، رغم إلغائها من طرف الوزيرة، ورغم التهديدات بالفصل النهائي من الدراسة في حال عدم العودة إلى الدراسة مجدّدا. عمال الأسلاك المشتركة يقررون الإلتحاق بموجة الاحتجاج قررت النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين بقطاع التربية الوطنية الدخول في إضراب ليومين متتاليين ابتداء من الثامن فيفري الجاري، أي قبل يومين من إضراب الاساتذة، حيث دعت كافة المخبريين، الوثائقيين، الإداريين، التقنيين في الإعلام الآلي، العمال المهنيين بكل أصنافهم، الوقاية والأمن بكل المؤسسات التربوية والمديريات إلى المشاركة الفعلية في الاحتجاج والمطالبة بالحقوق المشروعة. وجاء في بيان المكتب الوطني للنقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين الدعوة إلى فتح حوار جاد ومسؤول، قصد مراجعة القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية وقضية الإدماج الفعلي بالسلك التربوي والاستفادة من كل الامتيازات الخاصة بالمنح، خاصة منحة المردودية لفئة العمال المهنيين ب40 بالمائة وكذلك إعادة التصنيف لكل الفئات. قطاع الصحة.. المريض هو من يحق له الإضراب ومن جهته، لم يخل قطاع الصحة، رغم حساسيته، من موجة الإضرابات والاحتجاجات، التي شكّلت معاناة كبيرة للمرضى، نتيجة شل المستشفيات من طرف الأطباء والممرضين على حد سواء، حيث لم يعرف هذا القطاع استقرارا منذ خمس سنوات، وفي كل مرة يجد وزراء القطاع أنفسهم في مواجهة أعنف جبهة اجتماعية مكونة من الأطباء العامين والأخصائيين إلى جانب سلك شبه الطبي. ولا يخفي المتتبعون للصحة في الجزائر، أن هذا القطاع يشهد سوء تسيير وتخطيط وتهاون وتأجيل لأهم القرارات منذ عهد الوزير زياري الذي أدخل الإصلاحات غرفة الإنعاش، ما دفع النقابات إلى تحريك الإضرابات وشل المستشفيات على حساب المرضى، الذين تزيد معاناتهم بعد تأجيل نسبة كبيرة من العمليات الجراحية، ووقف الفحوص الطبية على مستوى العديد من المصالح، إلى جانب تأجيل مواعيد فحص المرضى المصابين بأمراض مزمنة ما تسبّب لهم في مضاعفات، ومع كل إضراب يعرفه هذا القطاع، نتيجة الصراع القائم بين الوزارة والنقابات، يبقى المريض هو الرهينة. أولياء التلاميذ يطالبون بوقف الإضرابات أكد الحاج دلالو، رئيس الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ، أن للإضرابات في قطاع التربية تأثير سلبي على التحصيل الدراسي للتلاميذ، رغم أنه حق دستوري، ولكن هذا لا يعني إهمال مصلحة التلاميذ التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار، ورفض دلالو أن يكون التلاميذ رهينة للوصول إلى تحقيق مطالب خارجة عن الإطار الدراسي، وأكد أن الفدرالية ستعمل كل ما في وسعها لمنع الإضراب حيث تم تشكيل خلايا للاستماع وتم إعطاء تعليمات بتحسيس التلاميذ وأوليائهم حتى لا يصدقوا الإشاعات التي تخرج من هنا وهناك. بلكحل: لا بد من إلغاء ومنع الإضراب بالمستشفيات وأكد ناجي بلكحل، رئيس جمعية مرضى ضغط الدم، أن الإضرابات في قطاع مهم وحساس مثل الصحة أمر غير مقبول، مضيفا أن الإعلان عن أي إضراب من المفروض أن يكون مصحوبا بتقديم أدنى الخدمات الصحية للمرضى وهو ما يغيب عن المستشفيات خلال الإضراب، حيث يصارع الكثير من المرضى الآلام وحتى الموت بسبب ذلك. وأكد رئيس جمعية أمراض الكلى، محمد بوخرص، أن مراكز تصفية الدم لا تقوم بالإضراب لأنها تدرك العقوبات التي تنتظرها، لأن المريض لديه برنامج علاج يجب أن لا يتخلف عنه، فيما انتقد بشدة أي تلاعب بصحة المريض وأي تعطيل لعلاج المرضى.