منذ إنطلاق السنة الدراسية الحالية، لم يشهد قطاع التربية الاستقرار الذي يضمن له سير الدراسة في ظروف عادية، بسبب استمرار موجة الإضرابات والاحتجاجات التي باشرتها تنظيمات عمالية أخرى مع مطلع العام الجاري. بعد الاعتصام الوطني الذي نفذته التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين أمام مقر وزارة التربية الوطنية، السبت الماضي، جاء دور التنسيقية الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين، لبدء إضراب وطني لمدة أسبوع، انطلق أمس الإثنين. كما تقرر في نفس إطار الاحتجاجات، تنفيذ اعتصام آخر أمام مقر الوزارة من قبل التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين مع التهديد بمقاطعة الإمتحانات المهنية. إضراب عمال قطاع التربية للأسلاك المشتركة والمشاعدون التربويون والتوجيه المدرسي، يأتي عقب رفض الوصاية تلبية مطالبهم حول رفع الأجور وإعادة التصنيف والإدماج، من أجل تحسين مستوى معيشتهم، على غرار المزايا التي تحصل عليها نظرائهم في القطاع بعد الإضراب الوطني الأخير الذي شلّ الدراسة على مستوى معظم المؤسسات التربوية. من جهة أخرى، تعتزم تنظيمات نقابية أخرى غير معتمدة، مثل مجلس ثانويات الجزائر »الكلا« الدخول في إضراب آخر ابتداء من 15 جانفي الجاري لمدة خمسة أيام مع تنظيم اعتصامات في 17 من نفس الشهر أمام مقرات الولايات، احتجاجا على عدم تلبية كل المطالب المرفوعة من قبل عمال القطاع، واحتجاجا أيضا على عدم منح الإعتماد ل»الكلا« ولتنظيمات نقابية أخرى في القطاع، لا تزال تعمل خارج إطار القانون. كثرة الإضرابات وتعددها، أصبحت السمة التي تميز القطاع، بعد أن أيقنت النقابات العمالية أن وزارة التربية الوطنية، لا تصغي إليهم إلا بعد أن تشل الدراسة ويصبح التلاميذ لعبة في الأيادي، تستعملها وتستغلها من أجل تحقيق المطالب والأهداف المسطرة على نحو غير مسبوق، مثلما حدث مؤخرا، عندما رفض المعلمون والأساتذة الإلتزام بالتدريس خلال الأسبوع الأول من العطلة الماضية، كما جرت العادة، خاصة في أقسام إمتحانات نهاية السنة، ومبررهم رفض التدريس مجانا، فضلا على احتجاجهم على الخصم الذي طال أجورهم بسبب إضراب نوفمبر الماضي. ويبدو، من خلال ردّ فعل هذه الفئة من الأساتذة في رفض استدراك الدروس المتأخرة، أن هذه الأخيرة لا تعبأ كثيرا بمصير التلاميذ الدراسي، وأن إنشغالها محصور فقط في تلبية مطالبها، دون الأخذ بعين الإعتبار الإنعكاسات السلبية لحالة اللاإستقرار التي يعرفها القطاع على التلاميذ، بل ترى فيهم ورقة رابحة للضغط على الوصاية، تخرجها وقت ما شاءت، وهي تدرك تماما أن حقوقها ستتحصل عليها من قبل الوزارة، وكأن دور هذه الأخيرة تحول من تسيير للقطاع وفق استراتيجية يفترض أن تأخذ بعين الإعتبار كل الإنشغالات البيداغوجية والإجتماعية إلى مسايرة الإضرابات العديدة، ومحاولة التأقلم ضمن استراتيجية جديدة مع الأطراف والتنظيمات التي تبدو لها، أنها تسيطر على المشهد التربوي، وتتحكم فيه، من خلال تجسيد مطالبها لتهدئة الأوضاع وبلوغ الاستقرار، الذي يأبى أن يتحقق في وجود تنظيمات نقابية أخرى قد تكون أقل تأثيرا، لكنها قد تحدث الكثير من الإزعاج للوصاية، وتضفي طابع اللاإستقرار على القطاع ككل، مثلما يحدث حاليا.