لا تزال الآثار الخطيرة للتفجيرات النووية الفرنسية التي أجريت إبان الحقبة الإستعمارية بمنطقة حموديا بمنطقة رقان (150 كلم جنوب أدرار) في فبراير 1960 تهدد إلى حد الآن صحة الإنسان والمحيط البيئي مثلما أجمعت عليه فعاليات محلية وآراء خبراء مختصين في مجال الإشعاعات النووية. و أبدى رئيس جمعية 13 فبراير 1960 برقان في حديث خص وأج استغرابه لوصف بعض المثقفين و الأكاديميين لهذه الجريمة ب التجارب رغم ابتعادها كل البعد عن هذا المعنى بالنظر إلى هول هذه التفجيرات العنيفة التي هزت المنطقة و ما جاورها بشهادة السكان الذين عايشوا تلك اللحظات الرهيبة بكل تفاصيلها المرعبة التي خلفت الخراب و الدمار المزمن للمنطقة في عدة مجالات خاصة منها الصحية والبيئية و المناخية. و أشار الهامل عمر أن التفجيرات النووية في منطقة رقان خلفت آثارا وخيمة على المنطقة بعد أن تحولت من منطقة عذراء ذات هواء نقي و بيئة سليمة إلى منطقة معزولة وخالية لاستحالة تحقيق أسباب الحياة فيها لأي صنف من الكائنات بسبب المسخ البيئي الذي لحق بها من تلك الجريمة التاريخية التي لازال السكان يعيشون على هاجس الآثار السلبية للإشعاعات الناجمة عنها. تسجيل 44 حالة إصابة بالسرطان خلال السنة الجارية ففيما يخص الشأن الصحي ما زالت منطقة رقان تسجل ارتفاعا في حالات الإصابة بداء السرطان من سنة لأخرى حيث تم خلال السنة الجارية لوحدها تسجيل 44 حالة إصابة بالسرطان على مستوى المؤسسة العمومية الإستشفائية برقان بزيادة 12 حالة مقارنة بالسنة الماضية مثلما أشار اليه رئيس خلية أمراض السرطان بالمستشفى الدكتور أوسيدهم مصطفى. و أضاف المتحدث ذاته أن اكتشاف هذه الحالات جاء نتيجة التطور الحاصل في وسائل التشخيص سيما بعد تدعيم المؤسسة بجهاز سكانير من أحدث طراز إلى جانب المناظير الإشعاعية مما سيساهم في التشخيص المبكر لهذه الإصابات و التمكين من التكفل بها. و أوضح الدكتور أوسيدهم أنه من المتعارف عليه دوليا من طرف الخبراء في مجال الصحة أن هناك 21 مرضا سرطانيا تدخل ضمن إحدى النتائج المباشرة للإشعاعات النووية وهي مدرجة في قائمة لدى منظمة الصحة العالمية منها بعض الأمراض السرطانية ذات الإصابة الآنية لمن يتعرض لهذه الإشعاعات في النقاط القريبة لانتشارها و منها إصابات تلحق بالمرضى على المدى الطويل. و دعا بالمناسبة إلى ضرورة تكثيف الجهود من معاهد صحية و خبراء في مجال الفيزياء النووية قصد تشخيص الأمراض السرطانية بالمنطقة و بحث العلاقة بين هذه الحالات و التفجيرات النووية التي شهدتها منطقة رقان قبل 55 سنة خاصة في ظل وجود تأثيرات صحية خطيرة للإشعاعات النووية على المدى الطويل. ومن جانبه أكد المختص في الفيزياء الطاقوية بجامعة أدرار الدكتور بن طوبة أن القياسات التي أجريت في منطقة رقان من طرف خبراء فرنسيين قبل خمس سنوات خلصت إلى أن نسبة الإشعاع مازالت مرتفعة بمنطقة رقان مما يجعل آثارها الخطيرة مستمرة على البيئة بشكل عام سيما و أن الإستعمار الفرنسي عمد إلى ردم عدد هائل من المعدات والوسائل المستغلة في تلك التفجيرات النووية في تراب المنطقة الأمر الذي تسبب في انعكاسات بيئية خطيرة على المنطقة. و أضاف ذات الأستاذ الجامعي الذي يقوم بإعداد دراسة علمية حول آثار التفجيرات النووية بالجنوب الغربي أن هذه المنطقة بأكملها لم تسلم من خطر هذه الإشعاعات فإلى جانب منطقة رقان (أدرار) و إينيكر (تمنراست) هناك منطقة واد الناموس بولاية بشار هي الأخرى كانت مسرحا لتجارب نووية فرنسية و التي أصبحت بفعل الإشعاعات الناجمة عنها منطقة مهجورة و خالية من أي مظاهر للتواجد السكاني بسبب عدم تطهيرها من هذه الإشعاعات. و أشار الى أنه و في ظل عدم توفر المعدات و الإمكانيات التقنية اللازمة لمكافحة المخاطر الناجمة عن الإشعاعات النووية فقد أصبح من الضروري بمكان تفعيل دور البحث العلمي و توجيهه نحو هذا المطلب مضيفا أن جامعة أدرار كانت لها محاولة في هذا الجانب من خلال سعيها لتشكيل فرقة بحث علمي للعمل في هذا الإطار و هي في انتظار استجابة من طرف الهيئات الوصية قصد مباشرة هذه المهمة العلمية. آثار مدمرة على المساحات الفلاحية والفضاءات الواحاتية بالمنطقة و من بين المخلفات الواضحة أيضا لتلك التفجيرات النووية على المحيط البيئي بالمنطقة تلك الآثار المدمرة على المساحات الفلاحية و الفضاءات الواحاتية التي تشهد انحسارا كبيرا وهي تشكل خصوصية للنشاط الفلاحي بالإقليم و من ثمة تراجع الإنتاج الذي كانت المنطقة بفضله تمون بلدان الساحل الإفريقي بمختلف المنتوجات الفلاحية في إطار تجارة المقايضة لتصبح هذه المنطقة الآن رهينة ما تجود به الشاحنات القادمة من مناطق شمال الوطن من خضروات و فواكه يضيف رئيس الجمعية. وتعد هذه الوضعية نتيجة حتمية للإنقلاب الجذري في موازين البيئة المناخية للمنطقة و التي أصبحت تطغى فيها فترات الحر على فترات البرودة و انخفاض منسوب المياه الجوفية التي كانت تستخرج من عمق لا يتعدى المتر الواحد في العقود الزمنية الماضية. كما تسببت هذه الوضعية في تحول إقليم تانزروفت من مروج و أودية كانت تقطعها قوافل تجارة المقايضة مشيا على الأقدام سابقا بفضل بيئتها المناخية الرطبة التي ساعدت الإنسان على الحل و الترحال عبرها لتتحول حاليا إلى صحراء قاحلة تمتد لمئات الكيلومترات تبعث على الملل و اليأس بسبب صمتها الموحش نظرا لغياب أي مظاهر لدبيب الحياة فيها.