القرآن الكريم هو كتاب الله العزيز الحكيم الذي نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام على نبينا الكريم محمد بن عبدالله وكان بدء نزوله عليه وهو يتعبد لربه في غار حراء بمكة في ليلة القدر المباركة من شهر رمضان المعظم في السنة الحادية والأربعين من عمر خاتم النبيين وسيد المرسلين. وقد استمر القرآن يتنزل على النبي إلى التاسع من شهر ذي الحجة للسنة العاشرة من الهجرة الموافقة آخر سنة من عمر المصطفى وهو آخر الكتب السماوية نزولاً. ويتميز القرآن الكريم على الكتب السماوية السابقة عليه بامتيازات عدة تذكر منها: إن كل كتاب سبقه نزل على أمة معينة بلغتها، وكذلك أنزل القرآن على محمد باللغة العربية ولكنه أنزل للعالمين كما أرسل الله محمداً للعالمين وليس لأمته العربية فقط. إنه الكتاب السماوي الوحيد الذي ظل الوحي يتنزل به على مدى قرابة ثلاثة وعشرين سنة، وفي بعض التفاسير أن جبريل نزل على محمد أربعة وعشرين ألف مرة وعلى آدم اثنتي عشرة مرة وعلى نوح خمسين مرة وعلى إبراهيم اثنتين وأربعين مرة وعلى موسى أربعمائة مرة وعلى عيسى عشر المرات. إنه الكتاب السماوي الوحيد الذي فيه خبر ما قبلنا وحكم ما بيننا ونبأ ما بعدنا. إنه الكتاب السماوي الوحيد الذي لو رفعت منه كلمة من موضعها وعرضت مكانها سائر الكلام العربي لما وجدت بينه ما يحل محلها ولهذا لا يجوز التعبد به بغير لغته ولسانه. وإنه الكتاب الجامع لكل فنون البلاغة الحاوي لأطراف البيان والفصاحة المالك لناصية كل كلام والمنفرد بصحيح الأحكام الصالحة للتطبيق في كل زمان ومكان. إنه كلام الله الذي إذا تدبرته وجدت ألفاظه منقادة لمعانيه، فإذا أعدت النظر فيه وجدت أيضاً أن معانيه لألفاظه وهو بذلك يتحدى كلام سائر الفصحاء والبلغاء والشعراء معجز للإنس والجان سواء بسواء. وبالرغم من فصاحته وبلاغته وإعجازه وإحكامه فهو مفهوم للصغير والكبير، وأنه الكتاب الوحيد الذي يجب قبل قراءته التطهر والتعوذ من الشيطان الرجيم وبدء القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم. ويذهب العلماء إلى أن كلام الله عز وجل من جنس الكلام المعقول في الشاهد وهو حروف منظومة وأصوات مقطعة، وهو عرض يخلقه الله سبحانه في الأجسام على وجه يسمع ويفهم معناه ويؤدي الملك ذلك إلى الأنبياء عليهم السلام بحسب ما يأمر به عز وجل ويعلمه صلاحاً ويشتمل على الأمر والنهي والخبر وسائر الأقسام ككلام العباد.. ثم اختلف شيوخنا في فروع تتصل بذلك نحو القول في بقاء الكلام وفي الحكاية والمحكى وفيما يحتاج إليه الكلام من بينة وغيرها وفي أن الكلام هو الصوت أو غيره إلى ما يتصل بذلك.