عاد شبح التفكك و الانقسامات ليضرب بما تبقى من هيكل المعارضة في الجزائر،في وقت مفصلي، تتجه فيه الطبقة السياسية على أعتاب الانتخابات التشريعية التي لم يبقى على موعدها سوى القليل، فتوالي الأزمات الداخلية في أحزاب كالإصلاح و حزب العمال فضلا عن ظهور تصدعات واستقالات داخل بيت ما يسمى بتنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي ،من شأنه ان يفرخ مهازل جديدة خصوصا بعد المصادقة على قانون الانتخابات الجديد الذي سيضع أحزاب المناسبات والمجهرية على المحك خلال المواعيد الاستحقاقية المقبلة. تعيش أحزاب المعارضة خلال الفترة الأخيرة ما يشبه حربا تخطت صفة البرودة المعروفة عند السياسيين، لتصل إلى مرحلة الصدام المباشر بالفعل و القول بين بعض الرؤساء و مناوئيهم أو بالأحرى منافسيهم على الزعامة، حيث لم يكن يدرك فيلالي غويني الذي استنجد به بعد استقالة جهيد يونسي أنه سيتم الانقلاب عليه في اعتاب التشريعيات، حيث تعيش حركة الإصلاح الوطني المحسوبة على تيار المعارضة أزمة طاحنة في أعقاب إقدام أعضاء المكتب الوطني المجتمعين في برج بوعريريج بقيادة حملاوي عكوشي على إزاحة الأمين العام من على رأس الحزب في حين يؤكد الأخير أنه لايزال المسؤول الأول للحزب، معتبرا أن ما جاء به البيان الصادر عن هذا الاجتماع الذي قرر عزله من منصبه كأمين عام، وتعويضه بجهيد يونسي، يعد انقلابا سياسيا فاشلا ضده . ويتهم المجتمعون في برج برج بوعريريج فيلالي غويني ب: "ضعف الأداء السياسي للحركة منذ تقلده زمام أمورها، فضلا عن انتقادات عديدة طالت التسيير الإداري والتنظيمي في عهده"، وجاء في بيان المجموعة ان سحب ثقتهم من غويني بعد أكثر من سنة من تعيينه على رأس الحركة: "بسبب تهديده استقرار الحزب" مؤكدين أن القرار حصل بالإجماع، واستوفى كافة الإجراءات القانونية وفق ما تنص عليه لوائح الحزب. يحدث هذا في وقت كثر فيه الحديث عن قرب نهاية ما يسمى بتنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، بعد انسحاب عدة احزاب منها، على خلفية صراع الزعامة، زيادة على ذلك غرق عدة تشكيلات سياسية في دوامة مشاكل على غرار ما يحدث في بيت النهضة والأرسيدي، و حزب العمال الذي لم يعرف لزعيمته لويزة حنون موقع واضح في الساحة السياسية ،الأمر الذي عجل من تحركات معارضيها الذين أسسوا لجنة انقاذ بقيادة سليم لباطشة لسحب الثقة منها و هي التي ترأس الحزب منذ 25 سنة، واصفين ممارساتها بالستالينية. و لعل ما زاد من حدة الصراعات داخل بيت المعارضة اختلاف وجهات النظر حول المشاركة من عدمها في الانتخابات التشريعية المقبلة، خاصة بعد المصادقة على قانون الانتخابات الجديد الذي يقصي الأحزاب المجهرية التي تفشل في تحصيل 4 بالمائة من الأصوات من المشاركة فيها. و يرى مراقيون أن القانون الجديد سيحاصر الأحزاب المناسباتية و المجهرية و يضع حدا لتلاعباتها بعدما أصبحت المناصب تباع و تشترى في المزاد و بات الكل يترشح للإنتخابات بدون أي قواعد نضالية، علاوة على أن السواد الأعظم من التشكيلات الحائزة على اعتماد من الداخلية ليس لديهم إلا الختم والمحفظة ولا يظهرون إلا في الانتخابات.