غيب الموت أمس الجمعة, القائد الأعلى للثورة الكوبية, فيديل كاسترو عن عمر ناهز ال90 عاما, بعد مسيرة سياسية حافلة كتب من خلالها إسمه بأحرف من ذهب في سجل عظماء القرن العشرين. فقد أعلن الرئيس الكوبي, راؤول كاسترو, عبر التلفزيون الكوبي الرسمي عن وفاة شقيقه, الزعيم التاريخي للبلاد فيدل, وأن جثمانه سيحرق يوم السبت نزولا عند رغبة الفقيد. وظل كاسترو في حالة صحية سيئة منذ أصيب بمرض معوي كاد أن يودي بحياته في العام 2006, ما دفعه إلى التنازل عن السلطة لشقيقه راؤول رسميا بعد ذلك بعامين. وفي أبريل 2011, تخلى عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي لشقيقه راوول, المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في العام 1965. ومنذ ذلك الحين لم يعد فيدل يظهر للملأ إلا فيما ندر, واكتفى بكتابة مقالات رأي في الصحف تتناول الشؤون الدولية ولقاء الزعماء الأجانب الزائرين لكوبا من حين لآخر. اشتهر فيديل كاسترو بكونه زعيما ثوريا تاريخيا ذو شخصية كارزماتية, حكم بلاده لقرابة 50 عاما, بعد انتزاعه السلطة من الديكتاتور فولغينسيو باتيستا. حمل فيديل السلاح ضد الرئيس باتستا عام 1953 مع أكثر من مائة من أتباعه, إلا أن محاولته أحبطت وسجن هو وشقيقه راؤول لمدة عامين, قبل أن يصدر عفو عنه ويقرر مواصلة حملته لإنهاء حكم باتستا من المنفى في المكسيك. شكل الزعيم الكوبي الراحل قوة مقاتلة عرفت ب حركة 26 يوليو , واجتذبت مبادئه الثورية تأييدا واسعا في كوبا, ما مكن قواته من الإطاحة بباتستا عام 1959 . تسلم فيديل سدة الحكم وسرعان ما حول بلاده إلى النظام الشيوعي. أسس القائد الثوري لنظام الحزب الواحد, وأطاح بالرأسمالية, وصمد نظامه واستمر حتى بعد سقوط الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية. وقد حظي فيديل, بشعبية كبيرة في كوبا بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء وظل صاحب مكانة فريدة في قلوب عشاق الاشتراكية في أميركا اللاتينية وإفريقيا. اشتهر فيديل كاسترو بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد والخطابة النارية, وصمد لخمسة عقود أمام الولاياتالمتحدة, فمنذ بداية حكمه لم يرق نهجه السياسي لواشنطن التي لم توفر جهدا للإطاحة به, غير أنها فشلت في ذلك. ففي عام 1961 تصدى نظام كاسترو لغزو دعمته الاستخبارات الأميركية في خليج الخنازير, كما نجا من عدد كبير جدا من محاولات الاغتيال. ولم تنجح محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية في إنهاء حكم الزعيم الكوبي , وظل صامدا أمام الحصار الإقتصادي الذي فرضته الولاياتالمتحدة على بلاده لعدة عقود. وشاءت الأقدار أن يعاصر فيديل عودة العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وهافانا نهاية العام 2014, بعد حوالي 50 عاما من الجمود, ويشهد أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس أمريكي إلى كوبا منذ 1928. وبرحيل الزعيم الأسطوري فيديل أليخاندرو كاسترو (13 أغسطس 1926 - 26 نوفمبر 2016), يكون العالم قد فقد رمزا من رموز الثورات الحديثة وأحد أكثر الشخصيات المؤثرة في القرن العشرين.