ننتظر من هيئة دربال صناعة الفارق في العملية الانتخابية الظروف المالية فتحت المجال أمام المتآمرين على الجزائر فريق روراوة حطّم استقرار الرياضة الجزائرية المقاطعون للانتخابات ليس من حقهم التهجم على من يخالفهم كشف الأمين العام لحركة البناء الوطني، أحمد الدان، في حوار خص به السياسي عن تفاصيل تجسيد التحالف الوحدوي المعلن عنه مؤخرا مع كل من حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية في شقيه السياسي والإنتخابي، داعيا في السياق حركة حمس للإلتحاق به. كما تطرق الدان لعديد مستجدات الساحة السياسية الوطنية على مقربة من الانتخابات البرلمانية، مع تقديمه تحاليل للوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد. الانتخابات القادمة ستصفي الساحة السياسية من عشرات الأحزاب - أولا، ما هي قراءتكم للمشهد السياسي العام مطلع سنة 2017؟ + المشهد السياسي في بداية سنة 2017، هو حالة من التغييرات الحاصلة في المكونات التقليدية للساحة حيث تفرض الأزمة الاقتصادية نفسها بقوة على الجميع وتربك عمل الحكومة التي لم تنخرط في الدعاية للمشاركة الشعبية في العملية الانتخابية لحد الآن. ولا تزال الحكومة تحت وقع الصدمات أمام التوترات القطاعية التي لم تتوقف في ظل الضائقة المالية من جهة وخيبة الأمل التي سيوسع رقعتها بانهيار المنتخب الوطني أمام منافسيه من جهة أخرى. كما أن المشهد يحكمه خوف البعض من الانتخابات القادمة التي ستصفي الساحة السياسية من عشرات الأحزاب التي ليس لها حضور شعبي وستنهي حالة الموسم التجاري بالقوائم مع كل انتخابات تشريعية أو محلية لأن الجميع مطالب بالتوقيعات، وهذا الفعل سيشكل امتحانا عسيرا للأحزاب وستكون هذه السنة سنة ترتيب الساحة الوطنية في عائلات سياسية قد لا تتجاوز الخمس عائلات تؤسس للتنافس والتداول الإنتخابي. هناك أيضا تغيير في الخطاب نشهده على مستوى تراجع خطاب المقاطعة إلى نسبة ضئيلة وانخراط الجميع في منظومة المشاركة، مما سيبقي ساحة المقاطعين معزولة وربما مهمشة من الفعل السياسي الشعبي، لأن المواطن أصبح ميالا إلى الواقعية ولم يعد يؤمن بخطابات التهويل ووعود الأبطال والزعماء. - شرعت خلال هذا الأسبوع اللجنة المستقلة لمراقبة الإنتخابات المكونة من قضاة وممثلي مجتمع مدني في مهامها، ألا تعتبرون عدم ارتباطها بالإدارة مكسبا هاما؟ + أولا، هذه اللجنة من صلاحيات الرئيس حصريا وعملها متحرر من ضغوط الإدارة المباشرة وأي انزلاق يحصل في عملها سيكون انعكاسه سلبيا على مصداقية أعلى شرعية في البلاد، ولكننا لا ننتظر من هذه اللجنة أن تستطيع إدارة الرقابة في أكثر من خمسين ألف موقع انتخابي وبآليات تقليدية. لأن هذه اللجنة لو تفرض الانتخاب الإلكتروني يمكنها حماية مصداقية الانتخابات، فإن لم تستطع فعليها فرض الرقابة الإلكترونية من خلال وضع محاضر الصناديق مباشرة من لحظة الفرز إلى موقع إلكتروني عام مباشر، يطلع الجميع من خلاله على نتائج الفرز مباشرة وتحسم مشكلة التزوير في لحظتها لأن أخطر تزوير يقع في التلاعب بالمحاضر بعد التلاعب بالتصويت في مكان الغائبين. وبالرغم من ذلك، نقول بأن هناك تحسن كبير في إخراج لجنة المراقبة من المتاجرة التي كانت تشهدها من طرف بعض المتاجرين بعضويتها مما افقدها المصداقية، لأننا اليوم أمام قضاة ومجتمع مدني هم من أحسن أبناء الجزائر وننتظر منهم صناعة الفارق. - بعد الإعلان عن ميلاد الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، كيف هي استعداداتكم لدخول غمار التشريعيات؟ وهل لك أن تشرح لنا تفاصيل هذا التحالف الوحدوي وأهدافه خلال الاستحقاقات المقبلة؟ + التحالف الجديد بين البناء والنهضة والعدالة، هو الإضافة الجديدة في الساحة السياسية لأن الأشكال الأخرى للاندماج هي حالة حزبية وليست حالات وحدوية. أما ما يحدث في هذا الاتحاد فهو رؤية جديدة ومقاربة متطورة لاحتياجات الجزائر إلى هذا التحالف الذي لا يعتبر تحالفا انتخابيا خاصة في التشريعيات، لأن كل حزب من أحزابنا كانت له خطته الخاصة تجاه هذه الانتخابات، ونحن نعمل على إعادة ترتيب خططنا السابقة من أجل الدخول بقوائم مشتركة في التشريعيات القادمة في أغلب الولايات، مع إمكانية إبقائنا لبعض الحالات الحزبية الخاصة في مواقع محدودة تتاح فيها الفرصة للطرف الأقدر على صناعة النجاح للاتحاد، وسيكون بعدها دخول المحليات -إن شاء الله- ضمن رؤية أخرى، لأن الاتحاد يكون قد قطع شوطا كبيرا في بناء الذات وتوحيد الرؤية والوثائق وتطوير الهياكل المشتركة، مع إطلاقنا قبل التشريعيات للبرنامج الانتخابي الموحد -إن شاء الله- وتقاسم أعباء وتكاليف العملية الانتخابية كلها والحرص المشترك على حملة تعبئة شعبية من أجل توسيع دائرة المشاركة. ونحن ننظر إلى الاتحاد على انه حالة سياسية أكبر بكثير من الانتخابات، ولا يمكن قبول فكرة ربطه بالانتخابات كما تريد بعض الدوائر المشبوهة وصفه، لأن التيار العلماني اليوم عاجز عن التقارب، فيحب أن يكسر كل آمال الشعب في الوحدة على القيم والثوابت الوطنية وحماية مشروع أول نوفمبر، والتصدي لحملات زعزعة الاستقرار بالأجندات الخارجية ورفض التحديات والتهديدات التي تجر إلى الانزلاق، والعمل على إشراك الشعب في حماية وطنه وتنميته التي هي رسالة الاتحاد الأولى. والاتحاد هو حالة سياسية تنطلق من مقاربات سياسية باتجاه البديل المتزن والمتكامل الذي يعمل لحيازة ثقة الشعب والمشاركة في بناء الوطن وتحقيق تطلعات الشباب والمرأة وحماية المستقبل وفق برنامج سياسي ينظر إلى مصلحة الجزائر أولا ودائما ولا يربط مصالح الدولة بالتوافق مع السلطة أو الاختلاف معها، لأن السلطة حقل تنافس والدولة فضاء وجود. كما أنه تحالف استراتيجي تقوده الرؤى الكبرى ويكون موحدا حول القضايا الرئيسة في البلاد والمحيط الإقليمي والموقف من قضايا الأمة الكبرى ودعم قضايا التحرر. ويكون التحالف وعاء حقيقيا للديمقراطية يجوز فيه اختلاف الآراء وتعدد الأفكار ومساحات الاختلاف التنوعي بعيدا عن التضاد والمعارك الوهمية، لأن الاتحاد لا يضيع بتعدد وجهات النظر في ظل تقوية الجبهة الداخلية للجزائر. - كثيرا ما ساهم عامل الزعامة في تفتيت التكتلات الإسلامية بالجزائر، فماهي وصفتكم السياسية لتجنب تكرار هذا السيناريو خصوصا في ظل وجود طرف يتهمه كثيرون من رفقاء الدرب بحب الزعامة وهو الشيخ عبد الله جاب الله؟ + صحيح أن حب الزعامة لدى الزعيم يقضي على الوحدة والانسجام، وأيضا عشق الزعيم بدل الالتفاف حول المبادئ وارتباط الأفراد بالشخصانية يقتل الوحدة. والاتحاد لم يحدث في الفراغ، بل جاء نتيجة حوارات متعددة وطرح المخاطر المستقبلية على الاتحاد والحذر من إعطاء أمل في الوحدة ثم الفشل في حمايتها وتفهم القراءات الإعلامية أو السياسية الخاطئة والتدرج والرفق في بناء الاتحاد لانه مشروع كبير لا يتم بناؤه في يوم وليلة ولا يتم بعصا سحرية، بل يتطلب فهم مكونات الأطراف الثلاثة وطبيعتها السياسية والتنظيمية ورموزها التاريخية. وأما ما تعلق بالشيخ عبد الله جاب الله، فهو شخصية تاريخية ورمز سياسي ودعوي لمسنا فيه حرصا شديدا على هذا الاتحاد، كما لمسنا نفس الحرص في الشيخ ذويبي محمد وفي الشيخ مصطفى بلمهدي. وعبّر لنا الشيخ عبد الله عن استعداده بكل التضحيات من أجل نجاح الوحدة، واستعداده الكامل للتنازل من أجل هذه الوحدة، كما عبر صراحة عن حرصه على إنشاء مشروع للبناء والتكوين الفكري والدعوي واعتباره أولوية كبيرة من أجل بناء مرجعيات مستقبلية، واستعداده للإشراف على هذا المشروع الوطني من أجل مستقبل الجزائر وترشيد منظوم. وعبّرنا له من جهتنا عن عدم استغناء الاتحاد عن قامة فكرية ودعوية وسياسية مثله مثل رؤساء وإطارات الاتحاد الآخرين للقيام بأعباء هذا الاتحاد مستقبلا. وصحيح أننا نسمع بأن هذا تحالف فلان أو علان ونشعر بهيمنة إعلامية لشخصية الشيخ جاب الله على الاتحاد، ولكن نحن لسنا منزعجين من هذا الأمر، فأي تنظيم يربط مستقبله بشخص سيكون مصيره الزوال وأي شخص أو تنظيم يربط نفسه بالقيادة الجماعية سيستمر وينتج، ونحن سنؤسس للقيادة الجماعية، إن شآء الله. حركة البناء جمعت نسبة كبيرة من التوقيعات - يقول مراقبون إن تخوف التشكيلات الفتية من الإندثار بعد تشريعيات 2017 بفعل قانون الإنتخابات الجديد أجبرها على البحث عن عائلات سياسية تأويها، هل ينطبق هذا التحليل على حركة البناء؟ + لا أظن أن الأحزاب المهيكلة تنظيميا عبر كل جهات الوطن سيخيفها موضوع التوقيعات، بل نحن في حركة البناء الوطني جمعنا نسبة كبيرة من التوقيعات في محيطنا القريب ونلمس من المواطنين استعدادا لمساعدتنا في التوقيعات وإعلاننا عن المشاركة في الانتخابات كان سابقا عن الاتحاد بأشهر وكانت لنا اتصالات مع جهات أخرى حول الانتخابات، ولما تبلورت فكرة الاتحاد أصبحت هي المؤثرة على الأفعال السياسية الأخرى والاتحاد غير مرتبط بالانتخابات، وحتى لو دخل كل حزب من أحزابنا الثلاثة إلى الانتخابات منفردا سيبقى الاتحاد قائما لأنه مشروع وحدة من اجل الجزائر وليس من أجل المناصب والمكاسب الشخصية أو الحزبية. وأعتقد أن العالم ككله يتجه نحو تحالفات جديدة ويغيّر الوعاء الكلاسيكي للتحالفات وستفرض الأوضاع الدولية القادمة على الجميع تكتلات من نوع جديد هي التي تقود المستقبل. - دعا الرئيس الأسبق لحركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني إلى اجتماع طارئ للأحزاب الإسلامية الستة لمناقشة التداعيات الجديدة في الساحة الوطنية، ما موقفكم منها؟ وهل باب توسيع التحالف لا يزال مفتوحا علما أن حربا كلامية اشتعلت بينكم وبين قيادة حركة حمس مؤخرا بسبب مشروع الوحدة؟ + بناء التحالف الصلب يتطلب أن يستمر مفتوحا للآخرين، ونحن نجدد الدعوة لهم من أجل بناء مشترك نعيد من خلاله الموروث الوسطي إلى قوته ونساعد على تجفيف منابع العنف في وسط الشباب الجزائري. ولا يتم ذلك إلا من خلال منظومة تربوية وفكرية معتدلة تنهض بها الأسر التنظيمية أو الخلايا الجوارية بشكل مستمر مع الشباب وبعيدا عن المعارك الوهمية التي يحسنها الدونكيشوتيون وحدهم. وأما ما تعلق بدعوة الشيخ أبو جرة سلطاني إلى تنظيم لقاء مشترك، فنحن ندرس الموضوع، وهو تكلم في الاجتماع من موقعه كشخصية وطنية وليس مسؤولا حزبيا ونتمنى لو أن الأخوة في حمس كانوا جزءا من هذا الاتحاد. - آثرت بعض التشكيلات السياسية مقاطعة التشريعيات وعزفت على أسطوانة التزوير، كما لم تتوان في التهجم على الأحزاب المشاركة، كيف تردون على ذلك؟ + أعتقد أن كل حزب له كامل الحرية في اختيار مؤسساته للموقف المناسب لها، ولكن ليس من حقه التهجم على من يخالفه الراي وليس شرطا أن ينخرط الجميع في موقف واحد. وهنا نحب أن نوضح موقفنا من الانتخابات، فنقول بأننا نعتبرها فرصة مهمة للجزائر ومستقبلها واستقرارها. وخيار المقاطعة ناقشته الحركة في مؤسسساتها ورفضته بالإجماع في ظل التحديات الإقليمية وتهديدات الأجندات الخارجية التي تريد صناعة توترات في المشهد السياسي وحالة من الاضطراب الذي يخرج البلاد من المسار الانتخابي الى مسارات الفوضى. - طرحت أحزاب أخرى على أعتاب التشريعيات وفي ظل تهديدات أمنية متواصلة على الحدود مبادرات للمّ شمل الطبقة السياسية في الجزائر منها الجبهة العتيدة للأفلان والإجماع الوطني للأفافاس، ما موقفكم منها؟ + هناك مبادرات لا تموت، ولكن تغطيها بعض الأحداث الكبرى مثل مبادرة العودة إلى المجلس التاسيسي التي طرحها الأفافاس منذ الستينيات وبقي يطالب بها إلى غاية وفاة الزعيم أيت احمد -رحمه الله- ومبادرة الإجماع الوطني ناقشناها في حينها مع أصحاب المبادرة، مثلما ناقشنا مبادرة جبهة التحرير وقدمنا لهم ولغيرهم مبادراتنا المعنونة بالجدار الوطني، وهي مبادرة تحمل أفكارا لا تموت لأنها تتعلق بأمننا القومي في محاوره الكبرى الأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن السياسي والأمن الترابي، وقمنا بمؤتمرين حول الأمن الاقتصادي وحول الأمن الاجتماعي، وخصصنا مؤتمرا للتحديات الإقليمية وآخر للمشاركة السياسية وتلك هي المحاور الأساسية للجدار الوطني نوقشت في ورشات كبرى نظمتها الحركة على مدى ثلاث سنوات. ونعتقد اليوم أن مرحلة المبادرات أدت ما عليها والآن نحن في مرحلة التنافس الانتخابي من أجل ترسيخ المؤسسات الشرعية وحماية القرار الوطني واستقرار المستقبل ضمن رؤية تتطلع إلى إصلاح تشاركي يؤسس للجمهورية الثانية. - شهدت بداية السنة حراكا اجتماعيا صاحب إقرار قانون المالية 2017 الذي حمل زيادات ورسوم جديدة وتحوّل في بعض المناطق إلى عمليات عنف وتخريب، أولا من يتحمل مسؤولية ما حدث؟ وثانيا ما هو السبيل الذي ترونه مناسبا للخروج من الأزمة المالية؟ + الأزمة المالية أزمة عالمية، فنحن نعيش وضعا يشبه الحرب العالمية غير المعلنة بهذا الاسم، ولعل الخطأ العربي الكبير الذي أفقد العرب قوة سلاح النفط في هذه المعركة وتحويلها باتجاه خاطئ أضاع البوصلة وأفقدنا العراق وسوريا وليبيا، ورهن السعودية في حرب اليمن وأدخل المنطقة في الحرب الطائفية للأسف. كما أدخل الجميع في أزمة اضطراب القرار الإقليمي والوطني وانعكس على السياسة وفتح مجالا للاختراقات، مثلما رأينا الموساد في غرداية لولا يقظة قوات الأمن الجزائري ومكافحة الجوسسة والجواسيس الصهاينة عبر مهاجرين أفارقة هي جزء من مجموعة اختراقات تستغل الوضع الاجتماعي لصناعة مزيد من التوترات، ولكن أعتقد أن المواطن الجزائري ذكي حين يطالب بحقوقه ويحمي الجزائر.