القراءة والعيش ، كتاب للمفكر ومؤرخ الأفكار تودوروف صدر بعد وفاته، ويتضمن جملة من المقالات كان يشتغل عليها بنيّة دفعها إلى المطبعة، وتعكس كلها تنوع اهتماماته، وسعة ثقافته، ووضوح رؤيته، وقدرته على تحليل المواضيع الجارحة بدقة وعمق، سواء ما تعلق منها بالهوية القومية أو مصير أوروبا أو مفهوم الحرب العادلة، متنقلا بين الأدب (رومان غاري)، والفنون التشكيلية (غويا) والموسيقى السيمفونية (فيردي) والأنثروبولوجيا (كلود ليفي ستروس) بنفس القدر من البساطة والوضوح والعمق. قال الفيلسوف أندري كونت سبونفيل في مقدمة الكتاب: لم يكن تودوروف دعيّا ولا مهرّجا، بل كان مثقفا نافذ الرؤية، وعالما متواضعا، وباحثا موسوعيا، ومربّيا، وإنسانيا بلا أوهام، ومواطنا من مواطني العالم، معتدلا وحازما. لهذا وجبت قراءته، لأنه يجعلنا أكثر ذكاء وتواضعا ودقة وعدلا، وأكثر وعيا بتعقد العالم وبالجانب التراجيدي في حياتنا . غواية الشباب المدمرة لأن كانت الكراهية تجربة نفسية ضرورية، فإن عدم كبت هذا الدافع مدمر للذات وللمجتمع. بيد أن الكراهية صارت حاضرة في حديث العامة وجدل النخبة السياسية، وباتت تنتج أشكالا جديدة من العنف. في كتابها سوف تكره أخاك كما تكره نفسك: غوايات الشباب الراديكالية ، تنظر هيلين لويّي، الأستاذة المحاضرة في الفلسفة والتحليل النفسي بجامعة السوربون، إلى الحركات الشعبوية والجهادية كآثار لهذه العلاقة الجديدة بالكراهية. فلا غرابة عندئذ أن نلاحظ أنها تجتذب من ولدوا في رحم هذا الخطاب، الذين نشأوا اجتماعيا على أيديها وهدهدة ضغائنها، أي الشباب. وتستعرض الكاتبة كل ما قيل لترغيب الشباب في هذا النوع من الراديكالية الذي نجده في الشعبوية والجهادية، حتى صار المرء لا يفهم كيف يرغب الشباب إلى هذا الحد في تدمير أنفسهم بأنفسهم. فوكو وتاريخ الجنسانية اعترافات الجسد هو الجزء الرابع والأخير ل تاريخ الجنسانية ، ولو أن أهل الذكر يؤكدون أنه الجزء الأول الذي انكب عليه ميشيل فوكو بعد إرادة المعرفة الذي يشكل مدخلا عاما لسلسلته تلك. هنا عالج فوكو قواعد المسيحية ومذاهبها كما وضعها آباء الكنيسة ما بين القرنين الثاني والرابع، وكان على يقين بأن جوهر تلك القواعد والمذاهب كان إرثا محوّرا عن ألوان الانضباط الذاتي كما وضعها الفلاسفة اليونانيون واللاتينيون في العصر القديم. وقد عمد إلى تحليلها بشجاعة ونشر نتائج بحوثه عام 1984 في كتابين استعمال المتعة و هوس الذات . الكتاب الجديد إذن هو نسخة أولى كان يستعد لنشرها قبل أن توافيه المنية، وقد خصصه لفحص تجربة الجنس في المسيحية من خلال الآباء المؤسسين، وكيف أن الجسد، كلقاء بين الرغبة والحقيقة، يندرج ضمن ممارسات الحياة المسيحية بين العذرة والزواج والاستعداد للتعميد والتوبة.