النواب يتخوّفون من أن تؤدي رخصة الاستيراد إلى الاحتكار و خلق لوبيات جديدة أبدى عدد كبير من نواب المجلس الشعبي الوطني، أمس الأحد، تخوفا واضحا من أن يؤدي نظام الرخص في مجال التجارة الخارجية إلى خلق لوبيات جديدة في هذا المجال و إلى الاحتكار، وتساءلوا عن الجهة التي تمنح هذه الرخص؟ وعن معايير منحها؟، كما تساءلوا لماذا لم تطبق الحكومة الإجراءات الاحترازية لخفض فاتورة الواردات قبل تدهور أسعار النفط، بينما أكد وزير التجارة عمارة بن يونس أن تعديل القانون المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على عمليات استيراد البضائع وتصديرها أملته الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وقد شاركت في إعداده عدة قطاعات معنية، وقال أنه يعبّر عن إرادة الدولة في ترقية الصادرات خارج المحروقات و ترقية التجارة الخارجية. عرض وزير التجارة عمارة بن يونس أمس، أمام نواب الغرفة السفلى للبرلمان مشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 03-04 المتعلق بالقواعد العامة المطبقة على علميات استيراد وتصدر البضائع. وأشار في تدخله أنه يندرج في إطار الإجراءات الجارية لتكييف منظومتنا التجارية مع الاتفاقيات الدولية، وأوضح أن التعديل ركز بشكل جوهري على المادة السادسة من الأمر المذكور، التي تنصّ على إمكانية اللجوء إلى الرخص في مجال التجارة الخارجية دون المساس بمبدأ حرية التجارة. و أضاف أن المادة السادسة هذه المضافة ستلغي كل المواد المخالفة لنظام هذه الرخص، كما أشار إلى أن المشروع الجديد حدّد أيضا الاستثناءات من خلال وضع قيود على التصدير والاستيراد حماية للمواد المنتجة وطنيا المعرضة للنفاذ والمواد المعرضة للندرة. وأشار بن يونس في البداية إلى الظروف الاستثنائية التي أملت تعديل القانون الخاص بالتجارة الخارجية والمتمثلة في تراجع أسعار المحروقات على المستوى الدولي وارتفاع فاتورة الواردات الوطنية، وقال أن النص الجديد يمثل تشريعا يتمشى والمعايير الدولية ويعبر عن إرادة الدولة ترقية الصادرات خارج المحروقات وترقية التجارة الخارجية. ومع بداية المناقشة تعرض المشروع الذي قدمه الوزير لانتقادات لاذعة من قبل النواب بمن فيهم نواب الآفلان الذين عبروا عن تخوفهم من أن يؤدي نظام الرخص في مجال التجارة الخارجية إلى الاحتكار وخلق لوبيات جديدة، وطالت نيران الانتقادات قطاع التجارة برمته، و شخص الوزير وخياراته السياسية وتصريحاته السابقة بشكل حاد، إلى الدرجة التي دفعته إلى طلب ولد خليفة منحه وقتا مستقطعا للردّ وهو ما وعده به الرئيس عند نهاية الجلسة. وتساءلت النائب عن الآفلان سعيدة بوناب لماذا الانتظار مدة 12 سنة لوضع الرخصة في ميدان التجارة الخارجية؟ وقالت أن الرخصة تعني البيروقراطية وقد تؤدي إلى الاحتكار من طرف لوبيات جديدة، مضيفة أنه لما نتحدث عن التصدير والاستيراد وكأن تجارتنا تتميز بهذه الثنائية بينما الواقع يقول أننا نستورد فقط، وقالت ألا يحق لنا تنظيم تجارتنا الداخلية أولا وتنظيم ومراقبة الأسواق وتطوير الإنتاج الوطني قبل الوصول للتجارة الخارجية، مضيفة أن الرخصة التلقائية قد تشكل عبئا إضافيا لما هو موجود اليوم، فالخزينة تدفع أموالا طائلة بينما المواطن لا يحصل على مواد صالحة، ثم تساءلت عن كيفية تنظيم السوق الوطنية خلال شهر رمضان المقبل؟. وتساءل من جهته إلياس سعدي عن الآفلان دائما عن الجهة التي ستمنح الرخصة، وقال أن النص الجديد لم يوضح كما يجب من يمنحها وأحال ذلك على التنظيم مما ترك الأمر غامضا، وأنه لابد أن تشترك قطاعات عدة في وضعها، وطالب بوضع معايير لتعريف رجال الأعمال و معايير للاستيراد، وأبدى هو الآخر تخوفه من أن يؤدي ذلك إلى خلق لوبيات جديدة، والحل حسبه هو الاستثمار وليس لوبيات التجارة. ونفس التخوف والاهتمام عبر عنه النائب الطاهر ميسوم عن التجمع الجزائري الذي انتقد بشدة طريقة تسيير التجارة الخارجية، ووصل به الأمر إلى حد إظهار عينات عن مواد مستوردة المواطن الجزائري ليس بحاجة إليها، وقال أن أجهزة الرقابة في ميدان التجارة لا تملك الوسائل الضرورية للقيام بعملها كما يجب، أما النائب حبيب زقاد فقد وجه انتقادات لاذعة للوزير عمارة بن يونس بسبب مواقفه وتصريحاته السابقة. وطالب النائب ميلود فردي عن الآفلان كذلك بفرض رخص على وكلاء السيارات وإجبارهم على التصريح الحقيقي بحجم فوائدهم، وانتقد منح الوزراء صلاحية منح التراخيص في مجال التجارة الخارجية، كما تساءل عن الأجانب الذين يحصلون على السجلات التجارية وهم في الحقيقة المستوردين والتجار ومحولي العملة في ذات الوقت. وتطرق زميله نور الدين كيحل لظاهرة تهريب العملة بشكل رهيب نحو الخارج، وقال أن وزارة التجارة هي من وفر المناخ لتهريبها، لكن النائب نادية شويتم عن حزب العمال عبرت عن مساندة حزبها للنص الذي تقدم به وزير التجارة، واعتبرت ما صرح به مؤخرا بشأن اللوبيات جريئا، وتساءل النائب صلاح الدين دخيل عن الأرندي لماذا لم تعتبر الحكومة من الأزمات الماضية وتتخذ الإجراءات الخاصة بحماية الاقتصاد الوطني قبل هذا التاريخ، وقال هل تطبيق هذه الإجراءات سيكون على جميع اللوبيات؟. كما تساءلت النائب حياة تياتي عن جبهة القوى الاشتراكية هل أن رخصة الاستيراد والتصدير هي الحل السحري لمعضلة الاستيراد؟ و قالت أن هذه الرخصة لا يمكنها لوحدها تنظيم التجارة الخارجية بل لابد من إرادة سياسية كبيرة في هذا الشأن. وعلى العموم مست انتقادات النواب قطاع التجارة بشكل عام خاصة ما تعلق منه بتحويل العملة الأجنبية وعدم تنظيم السوق الوطنية و فوضى التجارة الخارجية.