فقدت السينما العربية أمس أحد إيقوناتها، و خرجت من عصر عمر الشريف إلى عهد ما بعد رحيله عن عمر 83 سنة نتيجة أزمة قلبية مفاجئة و هو في طريقه إلى مصحة للعلاج من مرض ألزهايمر (الخرف) الذي صار يعاني منه في السنوات الأخيرة من عمره الحافل بالعطاء الفني الراقي. استوطن الشريف قلوباً كثيرة في العالم العربي والعالم أجمع، وبقيت الأدوار التي مثلها في السينما الأميركية تحديداً محفورة في الوجدان وفي مقدمة الأعمال الكلاسيكية العالمية الخالدة، من دكتور جيفاغو، الى لورنس العرب وغيرهما. ولد في 10 أفريل 1932 باسم ميشيل ديمتري شلهوب في الإسكندرية من أسرة كاثوليكية. كان والده تاجر أخشاب، ولطالما أراد أن يعمل ابنه في هذه المهنة إلا أن ميشيل الصغير كان شغوفا بالتمثيل الذي بدأه على خشبة مسرح "فيكتوريا كوليدج" التي كان يدرس فيها. كان زميلا للمخرج العالمي يوسف شاهين في كلية فيكتوريا بالإسكندرية. عشق المسرح المدرسي، وقدم العديد من تجاربه، وعمره لم يتجاوز الاثني عشر ربيعا. كانت بدايته في السينما عندما التقى زميله في الدراسة يوسف شاهين الذي علم بقصة حبه للتمثيل وقدمه في دور البطولة أمام فاتن حمامة في فيلم "صراع في الوادي" الذي لقي الكثير من الجماهيرية الذي جعل عمر الشريف وفاتن حمامة ثنائي لا يفترق. وفى عام 1955 تزوج عمر الشريف من فاتن حمامة التي أنجبت له طارق. وفي أوائل الستينات التقى بالمخرج العالمي دافيد لين الذي اكتشفه وقدمه في العديد من الأفلام، ومع انشغال عمر بالعالمية بدأ في إهمال زوجته وبيته مما أدى إلى انفصاله عن فاتن حمامة في منتصف السبعينات. بعد نجاحه منقطع النظير في فيلمه الأول "لورنس العرب" في عام 1962 لقي شهرة جماهيرية كبيرة وأصبح العالم الغربي كله يتابع أفلامه. بعد سنة 1984 ابتعد عن الساحة الفنية واكتفى بظهوره في البرامج والمسلسلات والسهرات وكضيف شرف الذي يساعد ظهوره لدقائق في أي فيلم على نجاحه كما في فيلم "المحارب الثالث عشر" عام 1999. كما قام عام 2003 ببطولة الفيلم الفرنسي (السيد إبراهيم وزهور القرآن) وفاز عن دوره بجائزة أحسن ممثل (جائزة سيزار الفرنسية)، وقدم وللمرة الأولى في حياته مسلسل تلفزيوني حمل اسم حنان وحنين الذي عُرض في رمضان 2007. وعرض له فيلم حسن ومرقص مع الممثل عادل إمام، والذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط المصرية بين المسلمين والمسيحيين. في 23 ماي الماضي أعلن نجل الفنان عمر الشريف إصابة والده بمرض الزهايمر، حيث صار يعاني لتذكر أبرز وأشهر أفلامه، كما أنه لم يعد يميّز بين معارفه، كما أن حالته الصحية والنفسية تدهورت بشكل كبير بعد وفاة سيدة الشاشة العربية، فاتن حمامة مطلع السنة الجارية.