أنا أحتج بقيتارتي وليس ب"الحرقة" أو الإحتراق بالبنزين "لم ولن أتغير، لازلت بعزيز المتمرد، "المروفز" الرافض للحقرة والظلم والتهميش، أعبر عن آرائي ومواقفي واحتج على واقع الشباب الجزائري بالعزف على قيتارتي والغناء "المعكوس" هكذا قال المغني بعزيز للنصر، داعيا الشباب إلى التمسك بمطالبهم المشروعة في الاستقرار والعيش الكريم دون اللجوء إلى العنف أو محاولات الانتحار حرقا. المغني الذي لم يتردد في تلبية دعوة جمعية بسمة لمساعدة وترقية حقوق الأطفال المرضى لإحياء أول حفل له بقسنطينة، اعتبر موافقته واجبا انسانيا، خاصة وأن مداخيل هذا الحفل الخيري ستتوجه للتكفل الطبي والاجتماعي بهذه البراعم.. معربا عن سعادته وفخره بالغناء لهم ومن أجلهم، وبالتجاوب الكبير الذي رصده منهم ومن الشبان والشابات الذين ألهبوا حفله بمشاركتهم له الغناء والهتاف والرقص... واشار إلى أنه لم يزر قسنطينة منذ أكثر من عشر سنوات. وبخصوص مشاركته في سهرة الجمعة كضيف لحصة فنية متنوعة "أهاليل" عبر التلفزيون الجزائري قال "لقد وجهت لي دعوة منذ أكثر من ستة أشهر من طرف شركة خاصة للإنتاج السمعي البصري للمشاركة في هذه الحصة، ولبيت الدعوة، وتم التسجيل.. وانتظرنا طويلا بث هذا العدد حتى يئسنا. وأنا أتساءل لماذا اختيار سهرة الجمعة لبثه، هل لذلك علاقة بالوضع في البلاد؟! أود أن أوضح بأنني تابعت الحصة، وفوجئت بمقص الرقابة يطال تصريحاتي والأغاني التي أديتها.."وسألناه اذا كانت هذه الخطوة مؤشرا عن فتح أبواب أخرى أمامه.. فرد: "أتمنى ذلك.. وأشير إلى أنني ومنذ أكثر من ثلاث سنوات لا أغني في الحفلات العامة الرسمية بالجزائر لكن اذا تلقيت دعوات من الجمعيات لاحياء حفلات ببلادي، لا أتردد في الموافقة.. برزنامتي العديد من الحفلات من هذا النوع، المحطة الثالثة ستكون وهران، بعد العاصمة وقسنطينة" وصارحنا بأنه فوجئ حقا بالترخيص له بإحياء حفل في مرفق رسمي، هو قصر الثقافة مالك حداد قسنطينة. وعن غنائه هذه المرة دون قبعته المشهورة قال ضاحكا: "بالفعل لأول مرة أغني دون قبعة، لقد اهديتها لطفل مريض، وسأشتري أخرى... لأنني لا أستطيع أن استغني عن هذه العادة" الحقرة دفعتني لغناء "المعكوس" وطلبنا من المغني الخفيف الروح والمتمرد أن يعود بذاكرته إلى سنة 1989، التي شهدت انطلاقته الغنائية الأولى بأداء أغنية "ياحسرة كي كنت صغير" وسألناه: "ماذا أعطاك الفن الذي كلفك الكثير من الخطر والحواجز".. فأجاب دون تردد: "منحني الكثير من الرضا والاعتزاز بمحبة الجمهور وهذا هو المهم.. كل شيء يهون بعد ذلك" .. ولم نستطع الا أن نطرح عليه هذا السؤال الملح: "هل مازلت تغني للشباب الذي كنت تغني له قبل حوالي عشريتين؟!" رد: أغني لكافة الجزائريين الذين يحبون مثلي بلادهم من كافة الشرائح والفئات.. فعلا كنت أغني للشباب وأطرح مشاكلهم واحتج على وضعهم بطريقتي، ولازلت كذلك.. ولاحظت بأن الأغنيات التي أديتها قبل 10 سنوات، تعتبر حديثة، لهذا اكتشفتني الأجيال الجديدة من خلالها وأحبتها" وفي ما يتعلق بطابعه الغنائي قال: "والدي كان موسيقيا بارعا، رباني على حب الموسيقى، فتعلمت مختلف الطبوع الجزائرية والغربية، وقررت تقديم الأغنية الجزائرية على طريقتي من خلال المزج بين العديد من الألوان وماذا عن "المعكوس"؟ سألناه... فرد بحماس: "لازلت أؤدي المعكوس الذي ارتبط بي منذ بداياتي.. أي أنني اختار أغنيات شهيرة من الطابع الشعبي الذي أعشقه وألوان غنائية جزائرية وحتى فرنسية احتفظ بألحانها الأصلية مع إضفاء بصمتي الخاصة عليها، وأعوض كلماتها بكلمات جديدة أكتبها بنفسي لأعبر عن صميم الواقع الجزائري وأطرح مشاكل الشباب "الحيطيست" و"الحراقة" والمهمشين المضطهدين... وأحرص في كافة أغياتي على التعبير عن حبي لبلادي ورغبتي في حياة أفضل بين أحضانها". وعن الدفاع الذي جعله يتبنى "المعكوس" ويفرض نفسه بنمط غنائي خاص في الساحة الفنية الجزائرية ثم الفرنسية والعالمية، أوضح: "بصراحة، الحقرة هي التي دفعتني إلى الغناء واختيار طابع يعبر أكثر عن تمردي ورفضي للاضطهاد والظلم..." واضاف: "لازلت بعزيز المتمرد "المروفز"... كما يطلق علي الكثيرون ولن أتغير مهما كان الثمن". مارأيك حول احتجاجات بعض الشباب الجزائري مؤخرا التي وصلت إلى حد محاولات الانتحار حرقا؟ سألنا محدثنا... فصمت هنيهة قبل أن يرد بنبرة حزينة: "هناك طرق عديدة للاحتجاج على الواقع ومافيه من مشاكل البطالة، والفراغ والتهميش والفقر وأزمة السكن... فأنا مثلا أحتج بقيتارتي وصوتي عندما أغني... بصراحة أنا ضد العنف وضد اللجوء إلى الإنتحار... وأتساءل لماذا بلغ هؤلاء الشباب مرحلة التفكير في حرق أنفسهم؟!... لدينا مسؤولين ولا أفهم كيف يتركونهم ينتحرون حرقا ببلادهم أو يهربون على متن قوارب "الحرقة" و"الحقرة" باتجاه الموت؟... لماذا لا تتحرك ضمائرهم؟!". وبخصوص رفضه الشهير لأداء أغاني الراي التي قادت العديد من زملائه باتجاه العالمية اكتفى بالقول: "هذا الطابع لا يناسب صوتي ولا ثقافتي... فقد تربيت وترعرعت على الشعبي الأصيل ولازلت وفيا له... أنا لست مطربا ولا أعتبر نفسي أكثر من مؤد لأغنيات أقتنع بها واعتمد في تقديمها على الكثير من الكلام والتعليق... على طريقتي". وعن جديده ومشاريعه، قال بفخر: "أنا بصدد انجاز ألبوم غنائي جديد يضم 13 أغنية، كتبت ولحنت العديد منها... فأنا حريص على مواصلة كتابة وتلحين أغنياتي بنفسي... احدى هذه الأغنيات أهديتها للأطفال المرضى والشباب القسنطيني خلال حفلي الخيري وعنوانها "ماروتي" ربما سيحمل عنوانها الألبوم. فعندما عدت إلى الجزائر بعد غياب سنوات قضيتها بفرنسا... لاحظت تغيرات كثيرة في المحيط ونمط المعيشة... واستغربت للأعداد الكبيرة من السيارات من طراز "ماروتي" وبشوارعنا، حتى أصبحت وكأنها رمز للجزائر!... فغنيت للظاهرة على طريقتي... بروزنامتي الكثير جدا من الجولات الفنية والحفلات بالجزائر وتونس وفرنسا وكندا وبلدان أخرى..." ويوجه بعزيز رسالة خاصة من خلال النصر لكافة الشباب الجزائري، قائلا: "عبروا عن آرائكم وتمسكوا بمطالبكم المشروعة لكن ابتعدوا عن العنف بكل أشكاله".