العائلة تتهم المصالح الصحية بالتقصير و المير يرى مطالب المواطنين مسيسة سجلت أول حالة وفاة بلسعة عقرب هذا العام ببلدية بيطام جنوب ولاية باتنة بوفاة الفتاة حفصة 23 سنة، و إصابة شقيقتيها في حادثة أثارت غضب السكان الذين اتهموا المصالح الصحية بالتقصير في توفير الأمصال المضادة للسعات العقارب و الثعابين، بينما قال مسؤول المؤسسة العمومية للصحة الجوارية أن الأمصال متوفرة و ربط توفير المناوبة الطبية ببرنامج يشمل الأولويات في المنطقة. أما رئيس بلدية بيطام فاعتبر أن بعض مطالب المواطنين المرفوعة في أعقاب الحادثة تحمل رائحة سياسية. روبورتاج : بلال بن إيدير تقطن عائلة الضحية بمنزل معزول عن العالم الخارجي تسمى «القراريف» تبعد عن بلدية بيطام حوالي 7 كلم، حيث تنعدم ضروريات الحياة كالكهرباء، وعند لقائنا بوالد الضحية بمنزله العائلي تحدث لنا عن الحادثة التي تسببت في وفاة ابنته وإصابة اثنتين أخريتين هما أمينة البالغة من العمر 26 عاما وكذا أحلام التي اجتازت شهادة البكالوريا لهذا العام وكانت ضمن الناجحين. لم تكن عائلة السيد «ناصر نوي» المقيمة بإحدى المشاتي التابعة لبلدية بيطام بدائرة بريكة في ولاية باتنة، تدري بأنها ستقضي العيد في غياب حفصة، بعد تعرضها للسعة عقرب بمسكنها العائلي، وحسب تصريحات والدها فإن انعدام المداومة الليلية بالعيادة المتعددة الخدمات ببيطام تسبب في وفاة ابنته. وعلى هذا الأساس فقد طالب بتدخل الوزارة الوصية للتحقيق في الحادثة. العائلة تحمل مسؤولية الوفاة للمصالح الصحية قصدنا منزل العائلة التي أقامت خيمة من البلاستيك في جانب من المكان لاستقبال المعزين و جلسنا إلى والد الضحية نوي ناصر و هو فلاح في الخمسينات الذي روى القصة التي بدأت عندما هبت رياح شديدة على المنطقة في تلك الأمسية من منتصف شهر جويلية شديد الحرارة و المتزامن مع أواخر أيام شهر رمضان، و قال أن الرياح الساخنة أنذرت بقدوم الحشرات السامة التي تنتشر بكثرة في محيط المنزل، و لذلك قام الوالد بحكم خبرته بتحذير أفراد عائلته من مغبة الخروج في تلك الليلة من ليالي رمضان، وطالبهم بالمكوث على الأسرة والأماكن المرتفعة عن أرضية البيت، غير أن الضحية حفصة كانت قد توجهت لجلب المياه من فناء البيت وهناك تعرضت للسعة العقرب، حيث أسرع إليها والدها قبل أن تتعرض ابنته الأخرى بدورها للسعة من العقرب نفسها وفي الوقت ذاته، وهنا اتصل الأب بأحد الجيران قصد توفير سيارة لنقل الفتاتين للمستشفى مع العلم بأن المسلك المؤدي نحو بلدية بيطام غير مهيئ بشكل كلي، ولدى وصولهم للعيادة وجدوها مغلقة لانعدام المداومة الليلية ، بعدها تحولوا نحو بلدية بريكة قصد الإسراع في تقديم الإسعافات الأولية لهما، غير أن القدر شاء أن تكون «حفصة» ضحية لتلك اللسعة التي تسببت في وفاتها، وحسب الوالد فإن ابنته الثالثة تعرضت للسع هي الأخرى في صبيحة ذلك اليوم مما استدعى نقلها هي الأخرى للمستشفى، وهو ما يؤكد حسبه بأن عدم إسعاف حفصة في الوقت المناسب ليلا هو السبب في موتها. و نتيجة لذلك الإهمال الذي شعر به السكان أعرب العشرات من المواطنين ببلدية بيطام عن تضامنهم مع عائلة نوي وقاموا بحركة احتجاجية في اليوم الموالي للحادثة، حيث قاموا بغلق مقر بلدية بيطام وكذا العيادة المتعددة الخدمات للمطالبة بمحاسبة المسؤولين، أين تدخل خلال تلك الحركة الاحتجاجية كلا من مدير الصحة بباتنة، وكذا مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببريكة بغرض تهدئة المحتجين الذين عبروا عن غضبهم من الاستهتار والتسيب على حد تعبيرهم، و شرحوا لهم كيفية عمل و تنظيم مؤسسة الصحة الجوارية التي لم تتهاون في تقديم المساعدة و الإسعافات للمصابين بلسعات العقارب. و قد تخللت تلك الحركة الاحتجاجية بعض الفوضى بعد قيام بعض المحتجين بخلع باب العيادة وهو الوضع الذي تأسف له عدد من عمالها الذين أصابهم الخوف والهلع، قبل أن يهدأ غضب السكان فور تدخل المسؤولين لمحاورتهم. مدير مؤسسة الصحة الجوارية لم نرتكب أي خطأ و الأمصال متوفرة و المناوبة حسب المستطاع مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ناجي بن النوي قال في لقاء مع النصر بأنه لا يوجد أي خطأ تتحمله مصالحه يقتضي فتح تحقيق في الحادثة، مثلما يطالب الوالد، أما بخصوص مطالب المواطنين بتوفير المناوبة الليلية والأمصال والأدوية المتعلقة بلسعات العقارب فصرح ذات المسؤول بأن المناوبة الليلية يتم توفيرها حسب الأولوية للمناطق وفي حدود الإمكانيات المتاحة، أما الأدوية والأمصال فقد أكد على وفرتها بجميع العيادات على مستوى جميع البلديات. وأضاف محدثنا ردا على مطالب السكان في بلدية بيطام خلال إحتاجهم قائلا أن فكرة فتح المناوبة الليلية وتوفير مخبر وقاعة توليد على مستوى العيادة متعددة الخدمات ببيطام هي قيد الدراسة في انتظار تجسيدها مستقبلا. كما أردف قائلا بأن هناك بعض النقائص التي تعاني منها بعض المشاتي والبلديات لا يتحملها قطاع الصحة ولا تدخل ضمن صلاحياته على غرار عدم توفير الإنارة الليلية وتهيئة المسالك الريفية إضافة إلى عدم رفع القمامة والأوساخ مما يساهم في انتشار العقارب والحشرات السامة ويزيد من نسبة إصابة المواطنين باللسع، وأضاف بأن مصالحه تقوم بتوعية السكان بهذه المخاطر والطرق الكفيلة لضمان أمنهم وسلامتهم. من جهته علق رئيس المجلس الشعبي لبلدية بيطام على الأحداث التي عاشتها البلدية خلال الأيام القليلة الماضية بعد وفاة الفتاة حفصة ضحية لسعة العقرب موضحا بأن بعض مطالب المحتجين مُسيسة وغير بريئة، حيث عبر عن استيائه من طريقة تناول المواطنين للقضية داعيا إياهم إلى التعقل، وقد اعترف المسؤول ذاته في اتصال مع «النصر» بوجود بعض النقائص على مستوى المشاتي التابعة للبلدية على غرار انعدام الكهرباء وعدم إيصالها للمواطنين إضافة إلى مشاكل أخرى، غير أنه أكد بأنه يجري العمل حاليا على تجسيد المشاريع التي من شأنها أن تنهي معاناة المواطنين.