تونس في حاجة إلى ثورة ثقافية لتجاوز واقعها المرير وصف المطرب التونسي الشاب سفيان الزايدي واقع الثقافة اليوم في تونس بالمرير، معتبرا أن الحل للنهوض بهذا المجال من جديد يحتاج إلى ثورة ثقافية، لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من انتعاش و حركية. الفنان الذي أحيا أمس سهرة فنية في قسنطينة، تحدث للنصر عن سر غزارة إنتاجاته و ما سببه له من مشاكل مع بعض المنافسين في الساحة الفنية التونسية، كما كشف عن حفلاته القادمة بقسنطينة. -النصر: كالعادة قدمت منتوجين جديدين «رجال بلادي» و«ناس ناسي»في وقت قياسي، فما سر غزارة تسجيلاتك ، خاصة و أنها تصب في أنماط موسيقية مختلفة تختلف من طبع موسيقي إلى آخر؟ - سفيان الزايدي: أحاول دائما تقديم البصمة الخاصة بي من خلال انتاجات فنية تكون عادة في أنماط مختلفة، لكنها تصب في نفس النهج و هي الموسيقى التونسية بمختلف تياراتها، حيث أشتغل على نمط المالوف الجدي بمفهومه الصوفي باعتباري سليل الطريقة العزوزية ،نسبة إلى الشيخ علي عزوزي و هو نمط قريب من الطبع العيساوي، و غالبا ما أكثر هذا النوع من الانتاج الفني بشكل خاص في شهر رمضان، ثم هناك المنحى الثاني و هو المالوف الهزلي الذي يعنى بالمفهوم الدنيوي الذي يتغزل بالمرأة و بأمور أخرى و الذي أعتمده في باقي الأيام..و أنا من خلال انتاجاتي الفنية أحاول تقديم الموسيقى التونسية في شكل و توزيع موسيقي جديد، أما العروض فلها صبغة أخرى ترتبط عادة بالمهرجانات الثقافية كمهرجان الموسيقى الأندلسية أو المالوف أو الموسيقى الشعبية و الذي أحاول التقيّد فيها بخصوصية التظاهرة، أما في السهرات الفنية الصيفية فأجتهد لتلبية كل الأذواق من خلال التنويع المتعمد للطبوع، و أقدم عادة طبقا يحتوي على موسيقى خفيفة بعضها من التراث و بعضها من انتاجاتي الخاصة، و هو ما يجعلني أبدو غزير الانتاج و لدي أعمال جديدة أخرى سأقدمها قريبا في شكل «سينغل» دائما فيها ما تعاملت فيه مع الفنان القدير جبايلي. - يترك الفنانون عادة الوقت لمنح أعمالهم فرصة حصد الرواج المناسب، فما سر ثقتك في نجاح كل ما تقدمه؟ - الفن مغامرة جميلة و رسالة قبل كل شيء و هو ما يهمني أكثر لأن هذا يدخل في إعطاء البصمة لأن الفنان في مرحلة أولى يكون في تكوين ثم في مرحلة ثانية يقوم بتنفيذ الموروث و النوبات و مرحلة الثالثة يتفرّغ للانتاج و أنا هذا ما فعلته. -هل تعتبر نفسك محظوظا، خاصة من حيث إيجادك لأشعار و شعراء يكتبون لك؟ - العملية بالنسبة إلي إنتاجية بحتة، فأنا أنتج لنفسي و بالتالي أبحث عن الكلمة و كذا اللحن الذي يناسب الهيكل الصوتي الذي أعمل فيه و هذا ليس بالعمل السهل، لأن هذا موروث الأجيال، لكن اجتهادي و التزامي بعملي و نشاطي الفني مكنني من تحقيق ما أصبو إليه. - نلمس في موسيقاك التأثير النغمي المشرقي فإلى أي مدى أنت متأثر بالموسيقى الشرقية و هل ثمة مشروع أداء هذا اللون؟ - لا أبدا لا يوجد مشروع في هذا الاتجاه، لكن أنا مثل أي فنان يسمع كل ما هو جميل لأجل التعلّم و الاطلاع على باقي الطبوع و المقامات، غير أنني أدرك جيّدا بمسؤوليتي تجاه تراثنا المحلي لذا أنا مطالب بتقديم تراثنا حتى لو كانت هناك زخارف إضافية أعمد أو ألجأ إليها بدافع إضفاء جمالية و سحر على النغمة و يكون ذلك بتلوينات شرقية حتى لو كانت هندية فهذا لا يهم طالما أن النتيجة جميلة و فيها إبداع و ذلك بحكم مهنتي كمدرس بالمعهد العالي للموسيقى و مشرف على المجموعة الصوتية لمعهد الرشيدي و التي ستقدم هي الأخرى حفلة بقسنطينة في الثاني عشر من شهر نوفمبر المقبل. -ما رأيك في المواهب التي تعتمد طبوع غير طبوعها المحلية في برامج الفن العربية؟ - يسقط أغلبهم في الموجة التجارية و لا يمكننا لوم هؤلاء لأنهم مطالبين بالتخلي عن حقوقهم لتصوير لقمة العيش و أخذ حظهم في الانتاج الفني، لكن على هؤلاء التعامل بذكاء و عدم التمسخ و الابتعاد عن هويتهم الثقافية و الفنية.. فالفنان يضحي كثيرا ، أما بخصوص المشاركين في برامج المواهب العربية، فهؤلاء يضطرون لذلك لأنهم لا يجيدون عزف و أداء الموسيقى الأندلسية الأصيلة لصعوبتها. - ما قراءتك لواقع الثقافة في تونس اليوم؟ - واقع مرير، أظن أنه علينا القيام بثورة ثقافية الآن بعد استقرار الأمور السياسية، لأن الثقافة هي معيار تحضر الشعوب و أظن أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه من انتعاش و رقي، فنحن اليوم في مرحلة انتقالية و الثقافة تتأثر مثلما هو معروف بالوضع الأمني و الاقتصادي و السياسي حتى يتمكن الناس من الاستثمار في المهرجانات الثقافية و يصبح بإمكان الجمهور حضورها بكل اطمئنان.