"صدمة فرنسا"....عنوانا احتل معظم واجهات الصحف الفرنسية في عددها الصادر اليوم الاثنين، عقب الفوز التاريخي الذي حققه اليمين المتطرف "الجبهة الوطنية" بقيادة مارين لوبان في الانتخابات المحلية التي قادت حزبها رغم "الصراعات العائلية " على زعامته إلى نقلة سياسية تاريخية بتمكينه من الهيمنة سياسيا وانتخابيا على عدد من المناطق للمرة الأولى في تاريخ فرنسا، ليصبح بذلك أكبر حزب في البلاد بعد تقدمه على باقي الأحزاب و انتكاس الحزب الاشتراكي الحاكم و الجمهوريين الذين حلوا ثانيا. صدمة فرنسا...عنوان فتحت به جريدتا " لومانيتي"الشيوعية و "لوفيغارو"المحافظة صفحتيهما الأوليين، و الذي يحمل وقع هذه النتائج على الطبقة السياسية الفرنسية التي تعودت على تعاقب الثنائية الحزبية التقليدية المتمثلة في اليمين التقليدي و اليسار الاشتراكي على السلطة، ليفاجأهم حزب الجبهة الوطنية و يصبح الطرف السياسي الثالث متقدم على التيارين السابقين، حيث كتبت" لوفيغارو" : "الجبهة الوطنية" صارت أول حزب سياسي في فرنسا،لامجال للشك في ذلك،فالحزب الاشتراكي الحاكم يتلقى خامس صفعة انتخابية منذ بداية عهدة فرانسواهولاند ..وصدمة الجبهة الوطنية تحولت إلى شيء مألوف " صحيفة "لاكروا" فتحت عددها ليوم الاثنين ب"الصدمة كانت قوية"،حيث جاء مضمون المقال متناسقا مع ما تطرقت إلية الجريدتان السابقتان و قالت بأنه من المفروض أن تستفيق الأحزاب السياسية بيمينها المعتدل ويسارها بأسرع وقت حتى تعد العدة لدخول المرحلة الثانية من هذه الانتخابات بنفس جديد،لعلها تتمكن من وضع سكة المشهد السياسي الفرنسي على الطريق الصحيح، كما حاولت عديد الصحف الفرنسية أن تتوقف عند الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج غير المسبوقة و الإستراتيجية الممكنة لهذه الأحزاب لقطع الطريق عليها في الجولة الثانية المزمع إجراؤها الأحد المقبل. المحللون السياسيون أجمعوا على أن الأسباب التي جعلت من حزب مارين لوبان يحقق فوزا تاريخا في الانتخابات المحلية التي جرت في ظرف صعب تعيشه فرنسا في ظل حالة الطوارئ المفروضة عقب الاعتداءات الإرهابية التي هزتها و زعزعت كيانها واستقرارها و أمنها ، ترجع إلى الهجمات التي ضربت أنحاء مختلفة في باريس و ضاحية سان دوني حيث ملعب "ستاد دو فرانس" أين فجر ثلاثة إرهابيين أنفسهم على مداخله الثلاثة، و هي الحادثة التي جاءت "سمنا على عسل" بالنسبة لليمين المتطرف و ساعدته لتغذية حملة الكراهية ضد الإسلام و اللاجئين ، خاصة و أنها عُرفت بتصريحاتها العنصرية المعادية للمسلمين،حيث وصفت سابقا "صلاة المسلمين في الشارع" بالاحتلال النازي، كما قالت إن الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس تحتم ضرورة طرد الأئمة وإقفال المساجد وسحب الجنسية الفرنسية منهم،موضحة بأن ماقالته هو الحل والسبيل للقضاء على الأصولية والتطرف والإرهاب. كما توقعت عديد الصحف الفرنسية أن الأيام المقبلة قد تشهد سن قوانين تحد من حرية الجالية المسلمة،و كذا الحد من دخول اللاجئين إلى الأراضي الأوروبية ،خصوصا فرنسا،مشيرة إلى أن اليمين المتطرف استغل الحادث للتحريض ضد المسلمين والتضييق عليهم في أوروبا. للتذكير فإن ظاهرة "الإسلاموفوبيا " تنامت بشكل كبير عقب هجمات باريس، حيث تعرض عدد من المسلمين المقيمين بفرنسا البالغ عددهم ثمانية ملايين حسب تقديرات المفوضية العامة لمسلمي فرنسا إلى اعتداءات من قبل المتطرفين الذين يتبنون خطابات الكراهية و العنصرية، و تعرضت عدة مساجد إلى الاعتداء بكتابة شعارات مناوئة على جدرانها ،وتوجيه إهانات للنساء المحجبات، كما شهدت بعض المدن الفرنسية مظاهرات معادية للمسلمين،حيث رفع المتظاهرون لافتات تطالب بطرد المسلمين من البلاد.