الشاعرة لويز ريجيس تفضح فظاعة الاستعمار الفرنسي في "معلقات الجسور" حاك الشريط الوثائقي «معلقات الجسور»لمخرجه حسن قدور براهيم، ماضي قسنطينة و حاضرها بشاعرية استلهم جمالياتها من شهادات أدباء فتنتهم مدينة الصخر العتيق و بشكل خاص الكاتبة و الشاعرة الفرنسية لويز ريجيس التي أدانت الاحتلال و اعترفت ضمنيا بجرائم بلدها فرنسا في حق الشعب الجزائري. الفيلم المنتج في إطار عاصمة الثقافة العربية، تم عرضه أمس الأول بقاعة أحمد باي بقسنطينة، سلط الضوء على جوانب خفية و أخرى بارزة لمدينة ألهمت الأدباء و الرسامين وعلى مر العصور، حيث غاص زكريا قدور إبراهيم الذي اختار ارتداء قبعة السيناريست و ترك مهمة الإخراج لابنه حسن، في عمق تاريخ المدينة من منظور أدب الرحلة، معتمدا بشكل أكبر على شهادات الشاعرة و الكاتبة و السائحة المفتونة بقسنطينة التي خصتها بمؤلف موسوم»قسنطينة أسفار و إقامات»، و التي استند إليها الكاتب لإظهار صورة مغايرة عن تلك التي قدمها أدباء أجانب، حيث تضمنت شهاداتها حقائق فضحت و لو ضمنيا الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في حق سكان المدينة.الكاتب لم يغفل أيضا كتابات و أشعار الجزائريين و العرب، مثريا عمله بمقاطع من أشعارهم، كما استعاد ذاكرة علمائها و وجهائها مثل محمد بن محمد بن ابراهيم، بن أحمد السوري الذي درس في قسنطينة و اختير لمرافقة الأمير عبد القادر في منفاه بفرنسا، و الذي تغزّل بالمدينة و لا زالت كلماته ينبعث صداها بين جنباتها و بين الأضلع «قسنطينة الغرّاء، فزت ببهجة على كل البلاد و رفعة ..هواؤك يا تاج البلاد و عزها..دواء ذوي الأسقام..».ومن الأسماء التي جاء ذكرها في الفيلم أيضا اسم الشاعر أحمد طاهري الزهراني، ناهيك عن العلماء و الفقهاء و المؤرخين و الفلكيين و القضاة، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر ابن قنفذ القسنطيني و العلامة ابن باديس.معد السيناريو تطرّق أيضا لواقع التعليم بقسنطينة قبل و خلال الاحتلال، مؤكدا تراجع عدد الطلاب بعد اقتحام فرنسا لمدينة العلم و العلماء من 600طالب إلى 60طالبا فقط بعد الحصار الذي فرضته على الزوايا و المدارس القرآنية بهدف طمس الهوية و الدين الإسلامي. الفيلم كان ثريا من حيث المضمون و كذا الصور الفنية التي و إن رأى فيها بعض المتابعين من مختصين في تقنيات التصوير و فن الإخراج نوعا من الحشو، الذي كان بالإمكان تجنبه بانتقاء أهم الصور التاريخية من الأرشيف، فيما أشاد البعض الآخر بالجهود المبذولة لتجسيد مشروع كهذا، في ظل عمليات الترميم التي طالت أغلب أحياء قسنطينة العتيقة.تجدر الإشارة بأن المخرج استعان بالفنان عبد الحميد حباطي، الذي تقمص شخصية رسام، تفنن في رسم بورتريهات المدينة الأسطورة متنقلا بين جسورها و أزقتها القديمة التي أضفت على العمل لمسة فنية استحسنها الكثيرون. و عقب عرض الفيلم، قال زكريا قدور ابراهيم للنصر بأن العمل تطلب بحثا معمقا في المراجع التي رغم كثرتها تبقى غير منصفة لمدينة بتاريخ و عراقة قسنطينة، الشيء الذي جعله يلجأ إلى عنوان له من المعاني المجازية ما يعكس تنوع محاور عمله، حيث أراد التعبير من خلال كلمة «معلقات» عن حقيقة نساء معلقات في حبال لا زال الكثيرون يجهلون حكايتهن حتى من أبناء المدينة أنفسهن، مع التعبير عن الشعر و الشعراء في آن واحد.