اهتز، مساء أمس، سكان حي سيدي مبروك الأعلى بقسنطينة على وقع جريمة بشعة، بعد العثور على طفلين مذبوحين داخل شقة العائلة، وفي الوقت الذي حولت فيه الجثتان إلى المستشفى الجامعي ، تحدثت مصادر من العائلة عن توقيف والدتهما التي ذكرت مصادرنا أنها تعاني من اضطرابات نفسية دفعت العائلة إلى جلب راق إلى البيت عشية الحادثة المروعة. النصر التي تنقلت إلى عين المكان مساء أمس لاحظت تجمع مئات المواطنين الذين غزوا الحي وهم في حالة صدمة وذهول. واكتشفت الحادثة التي راح ضحيتها الطفلين، (أنس. ز) البالغ من العمر 9 أشهر، و(مريم .ز) البالغة من العمر 4 سنوات، حوالي الساعة الرابعة مساء، من قبل الوالد، حيث جرت حيثياتها بشقته الواقعة بالطابق الأول من العمارة "ب" المحاذية لمسجد الرحمة بحي منتوري المعروف باسم "البوسكي"، وقد أفادت مصادر مقربة من العائلة بأن المعني خرج من بيته صباحا متوجها إلى مدينة عنابة من أجل استخراج وثائق خاصة بوالدته، وعند عودته في المساء تفاجأ بزوجته تسير لوحدها في الحي ، فقام على الفور بالتوجه نحو منزله رفقة شقيقه وأحد الجيران واكتشف الجريمة، إذ وجد الطفلين مذبوحين بغرفة الجلوس. وقام العشرات من عناصر الأمن بتطويق مسرح الجريمة انطلاقا من الجهة الخارجية لمدخل العمارة، حيث اقتادوا الوالدة البالغة من العمر 34 سنة، فيما أكد شهود عيان بأن الوالد لم يتحمل هول الصدمة وأصيب بنوبة فزع وصدمة عنيفة سببت له تشنجات بعضلات جسده، ونقل على إثرها إلى المستشفى حسب ما أكده لنا حاضرون بعين المكان منذ اكتشاف الحادثة المروعة، في حين ظل الجار الذي دخل رفقة والد الطفلين إلى البيت في حالة اندهاش وصدمة شديدة، وانزوى في ركن من الحي دون أن يتحدث إلى أحد. حديث عن إصابة الأم باضطرابات نفسية وغرباء يبكون الطفلين وردد أحد أشقاء الوالد، وجدناه في حالة من الفزع والصدمة، بأن الطفل قتل خنقا والطفلة ذبحا، وهو عكس ما أفادت به مصادر أمنية التي تحدثت عن ذبح الطفلين، وأضاف بأن الزوج اتصل بزوجته وهو في طريقه إلى البيت وسألها عن الطفلين، فقالت له أنهما نائمان، وطمأنته عليهما، مشيرا إلى أن شيخا قام برقية الزوجة أول أمس، أي الليلة السابقة للحادثة، وأخبرهم بأن حالتها جيدة، لكن شقيق زوجها أكد بأنها أصيبت باضطرابات مؤخرا، لم تفهم العائلة أسبابها، كما أجمع جميع أشقاء والد الطفلين، الذي يعمل أستاذا للرياضة في الطور الثانوي، بأن الأم أصيبت باضطرابات نفسية في الآونة الأخيرة، مشيرين إلى أنها تحمل شهادة مهندس دولة وأنها موظفة بشركة وطنية ولم نتمكن من الحصول على مزيد من التفاصيل من العائلة بسبب الحالة التي وجدناهم فيها، خصوصا وأنه لم يمض على وفاة جد الطفلين إلا أسبوعا من تاريخ الحادثة. وتجمع المئات من سكان عمارات حي منتوري، فضلا عن العشرات من القادمين من أحياء أخرى وحتى من وسط المدينة، ومن بينهم النساء والأطفال والفتيات وحتى أسرا بأكملها، حيث تفاجأ الجميع بهول الحادثة، حتى أن بعضهم انخرطوا في البكاء ، وأخبرونا بأنهم لم يصدقوا إمكانية وقوع حادثة مماثلة، لذلك قدموا للتأكد من الأمر، في حين حضر الطبيب الشرعي ووكيل الجمهورية وعناصر الحماية المدنية ومختلف الجهات المعنية بالقضية، وقد استغرق إخراج جثة الضحيتين أكثر من ثلاث ساعات، وقام الحاضرون بالتكبير عدة مرات وركضوا خلف مصالح الأمن والحماية المدنية ، ما تسبب في صعوبة لعناصر الشرطة في ضبط الوضع، فيما غادر أفراد أسرة الطفلين المكان قبل إخراج الجثث. عم الضحيتين: كنا نقرأ أخبارا مماثلة في الجرائد فتقشعر لها أبداننا وأخبرتنا مصادر مقربة من العائلة بأن الوالد قاطن جديد بالعمارة، حيث قام باستئجار بيته منذ مدة، بعد أن غير الشقة الواقعة بعمارة مجاورة بنفس الحي، فيما أجمع كل من تحدثنا إليهم على حسن سيرة الأسرة وعدم ملاحظتهم لأي سلوكات عنيفة عليهم من قبل، خصوصا وأن بيت الأسرة الكبيرة يقع بنفس المكان، وقد عبروا عن شدة صدمتهم من المأساة، حيث لم يتمكن بعضهم من قول كلمة واحدة، ولا حتى التصريح، لدرجة أن بعض من تحدثوا إلينا دون أن نصرح لهم بأننا صحفيون، انتقدوا وجود وسائل الإعلام، لهول المأساة التي عرفها بالمكان. كما أن المحيطين بأعمام الطفلين لم يجدوا الكلمات المناسبة لمواساتهم، فقد كانوا في حالة هستيرية ويرددون الأحداث بحسب ما تناقلوه، وقد كان أحد الأعمام يقول "هما طفلاي ولم يعد لهما وجود، أما والدي فقد شيعته منذ أسبوع وأنا من قبلت رأسه قبل أن أضعه في القبر .. كنا نقرأ أخبارا مماثلة على صفحات الجرائد فنصاب بالقشعريرة فكيف يريدون مني الصبر اليوم وأنا أجد نفسي في قلب حادثة مماثلة، هما مجرد ملاكين بريئين"، فيما كان شقيقه الثاني يأخذ في النحيب تارة ويبدأ في الصراخ تارة أخرى، خصوصا وأنه كان رفقة والدهما عندما سأل زوجته عن ابنيهما وهو يقود سيارته عائدا إلى بيته، وقد ردد " ماذا فعلنا حتى تحل علينا مأساة كهذه؟"، ولم تختلف حالة الآخرين عنهما، قبل أن يغادروا المكان. وأخبرنا الحاضرون بأن جدة الطفلين في حالة يرثى لها، لكننا لم نجدها، ولاحظنا عمتهما فقط بالموقع، وقد كان وجهها شاحبا وتسير دون وعي بشيء تقريبا، فيما لم يترك الجيران أسرة الفقيدين للحظة، حتى ظننا بأن عددا منهم من الأقارب. وقد حاول بعض الفضوليين اختراق شريط مسرح الجريمة، ما تطلب من مصالح الأمن طردهم في كل مرة، وخصوصا الأطفال وبعض المراهقين، كما أن بعض الشباب ظلوا بجوار سيارة الإسعاف وحاولوا مشاهدة الجثتين من خلال زجاج النافذة، في حين ارتدت وجوه الحاضرين ملامح الصدمة ولم تفارقهم، وخصوصا جيران الوالد، الذين تعودوا على رؤية ابنته عندما يصطحبها معه للتجول خارج البيت أو بالحي، لدرجة أن بعضهم ظل يكرر بأنه رآها عشية الحادثة أو سلم عليها أو اشترى لها الحلوى في يوم من الأيام. تجدر الإشارة في الأخير إلى أننا لم نتمكن من الحصول على معلومات عن الحادثة من مصادر رسمية، كون اكتشاف الحادثة تم في وقت متأخر من مساء أمس.